بين نبضين:حكاية عمر وليلى الجزء الثاني عشر
الجزء الثاني عشر: كلمة وجعت

كانت الليلة هادية أكتر من اللازم… النوع اللي بيخليك تحس إن في حاجة جاية، بس مش عارف هي إيه.
ليلى قاعدة في أوضة صديقتها “نور”، بتحاول تهرب من تفكيرها في اللي حصل اليومين اللي فاتوا. الغيرة كانت عاملة في قلبها شغل مش طبيعي، وعمر نفسه مش فاهم هي زعلانة ليه أو من إيه تحديدًا.
نور كانت بتبصّ لها وهي قاعدة على طرف السرير، بتلعب في خصل شعرها بنرفزة، ووشّها باين عليه إن في نار جواها.
نور:
“يا بنتي هتهدي بقى؟ قلبي وجعني عليك.”
ليلى (متنهّدة):
“أنا مش فاهمة… هو ليه بيتصرف كده؟ وليه فجأة ملك بقت ظاهرة في حياته بالشكل ده؟”
نور:
“ملك بتحاول تستظرف… بس انتي؟ ليه سايبة لها المساحة؟”
ليلى:
“أنا مش سايبة… بس عمر… عمر بيستعِمل الموضوع غلط.”
نور:
“عمر ولد، والولاد لما يحسّوا إن في واحدة بتغير عليهم… دماغهم بتولع، ويبدأوا يعملوا تصرفات أغبى من الخيال.”
ليلى رغبت إنها تضحك… لكن صوت ضحكتها خرج مجروح.
في نفس الوقت…
عمر كان في القهوة القديمة اللي بيحبها، قاعد مع صحابه "كريم" و"سليم".
كان باين عليه القلق، بيلعب في كوب الشاي كأنه بيفضفض له.
كريم:
“يا ابني افتح بقّك… احكي بدل ما قاعد بتكلم مع الشاي!”
عمر:
“ليلى زعلانة… ومش عايزة تقولي سبب واضح.”
سليم:
“هي زعلانة عشان ملك… دي باينة من القطر.”
عمر رفع عينه ببُطء، وبصّ لهم بحدة.
عمر:
“ملك زميلة… مش أكتر.”
كريم:
“زميلة إيه بس يا عم؟ دي كل ما تدخل تقول: عمرررر! وتضحك الضحكة اللي فيها 400 نية مش كويسة.”
سليم ضحك بصوت عالي.
سليم:
“هي عايزة تعمل قلق… ونجحت.”
عمر اتنرفز وسند ضهره للكورسي.
عمر:
“طب هي ليلى مش واثقة فيّا؟”
كريم:
“واثقة وزيادة… بس اللي بيحب بيتوتر من أقل حاجة.”
سليم:
“انت لو شفت ليلى بتضحك لولد، هتبقى عامل إزاي؟”
عمر سكت… وعينه وقعت في الأرض.
كان رد سليم قفل الحلقة… لأنه لمس الحقيقة.
في اليوم التالي
ليلى رايحة الجامعة، وماشية بسرعة عشان تلحق محاضرتها.
كانت بتحاول تبان قوية، لكن قلبها شايل.
وهي ماشية… فجأة لقت ملك واقفة عند الباب، وكالعادة شكلها “مصطنع”.
ملك ( بابتسامة مستفزة ):
“صباح الفل يا ليلى.”
ليلى ردت ببرود:
ليلى:
“صباح الخير.”
ملك:
“انتي كويسة؟ شكلك مرهقة… يمكن من التفكير كتير؟”
ليلى بصّت لها باستغراب… وكأنها بتسأل نفسها:
هي دي بتتكلم بجد ولا بتهزر الاستفزاز ده؟
ليلى:
“لو محتاجة تقولي حاجة… قوليها من غير لف ودوران.”
ملك غمغمت بشيء شبه ضحكة.
ملك:
“أصل… سمعت إنك زعلانة منّي بسبب عمر.”
ليلى اتشدت فجأة.
ليلى:
“أنا؟! زعلانة منك إنتي؟”
ملك (بتتصنّع الطيبة):
“بصي… هو واضح إن عمر بيهتم بوجودي. وأنا مش ضد إنك تغيّري… بالعكس، ده دليل حب.”
الجملة دخلت في قلب ليلى زي السكينة.
لكن هي ما ردّتش.
فقط مشيت… وسابت ملك واقفة تبتسم بثقة غريبة.
بعد المحاضرة
ليلى خرجت لقت عمر مستنيها.
شكله كان فعلاً قلق وكأنه مستعد يعتذر من غير ما يعرف ليه.
عمر (بهدوء):
“ينفع نتكلم؟”
ليلى (باردة):
“مش دلوقتي.”
عمر:
“ليلى… أنا مش جاية أضايقك.”
ليلى:
“بس بتعمل كده.”
عمر اتصدم… دي أول مرة تسمعه الكلمة دي بالطريقة دي.
عمر:
“طب فاهميني… إنتي زعلانة من إيه؟”
ليلى بُصت له، صوتها اتكسر، بس حاولت تمسك نفسها:
ليلى:
“من كلمة… كلمتني بيها واحدة النهارده.”
عمر:
“ملك؟”
ليلى اكتفت إنها تبصله.
عمر (بتوتر):
“قالتلك إيه؟”
ليلى:
“قالت… إنك مهتم بيها.”
عمر اتجمد…
مش من الكلمة نفسها… لكن من نظرة ليلى وهي بتقولها.
عمر (بعصبية):
“وصدقتيها؟!”
ليلى:
“هي قالت اللي هي شايفة… وانت ما أنكرتهوش.”
عمر:
“أنكر إيه بس! دي… دي ملك! ليلى… انتي عارفة إنها بتحاول تعمل مشاكل.”
ليلى (بحزن):
“طب انت… ليه سايبها؟ ليه بتسمح؟”
عمر:
“عشان أنا مش متوقع إنك تشكي فيا.”
كانت دي أول كلمة وجعت… بجد.
ليلى ردّت بصوت واطي:
ليلى:
“أنا مش بشك فيك… أنا بخاف عليك.”
وعمر كتم نفسه… كأنه سمع حاجة نزلت على قلبه بقوة.
لكن قبل ما يكملوا كلام…
ظهر “يوسف”، واحد من دفعة ليلى، شاطر ومؤدّب وبيحب يساعدها دايمًا.
يوسف (بابتسامة):
“ليلى! انتي ناسية الشنطة جوة، جيبتها لك.”
عمر اتنفض…
الغيرة اشتغلت فورًا.
ليلى:
“شكراً يا يوسف… كنت ناسية فعلاً.”
عمر (بصوت منخفض لكن حاد):
“محتاج حاجة تاني؟”
يوسف اتفاجئ بنبرة عمر:
يوسف:
“لا… أنا بس—”
عمر:
“تمام… شكراً.”
يوسف مشي وهو مش فاهم إيه اللي حصل.
ليلى اتصدمت من طريقة عمر.
ليلى:
“ليه عملت كده؟”
عمر (رافع صوته شوية):
“عادي… بشيل عنك بس.”
ليلى:
“انت كنت بتزعق…!”
عمر:
“لأنه… لأنه واقف بطريقة مش عاجباني!”
ليلى:
“عمر! ده زميلي… نفس اللي بتقوله على ملك!”
الجملة دي…
كانت ثاني كلمة وجعت.
عمر اتسمر مكانه…
عينه نزلت تحت، وصوته بقى واطي:
عمر:
“انتي بتقارنيني بملك؟”
ليلى (ونبرة كسر):
“لما تحسسني إني قليلة… أه، هقارن.”
الكلمة دخلت جواه زي ضربة قوية.
وسابته واقف… مش قادر ينطق.
اللحظة اللي كسرتهم
ليلى مشيت بسرعة…
عمر حاول يلحقها، بس نور وقفت قصاده فجأة.
نور (بحزم):
“سيبها دلوقتي.”
عمر:
“أنا لازم أكلمها—”
نور:
“عمر… وِقف. انت وجعتها… وهي دلوقتي موجوعة بزيادة.”
عمر مسك راسه بإيده.
عمر:
“أنا مش قصدي يا نور… أنا كنت… غيران.”
نور:
“وهي برضه… غيرانة.”
نور بصّت له نظرة فيها حزن:
نور:
“بس في فرق… بين الغيرة اللي بتحمي… والغيرة اللي بتوجع.”
عمر حسّها بتدخل على قلبه زي ما لو بتشرح حاجة كان هو مش قادر يشوفها.
نهاية الجزء
ليلى رجعت بيتها وهي حاسة إنها اتكسرت من كلمة…
وعمر قاعد لوحده قدام الجامعة… ماسك تليفونه، وبيكتب رسالة ويمسحها، ويكتب تاني ويمسح.
ولحد ما الليل جه…
ماكانش قادر يلاقي الجملة المناسبة اللي ممكن تصلّح اللي اتكسر.
كان واضح…
إنهم دخلوا مرحلة جديدة.
مرحلة…
الكلمات فيها ممكن تبني… أو تهدّ.