مدرسة الفجر… الدرس الأخير

مدرسة الفجر… الدرس الأخير

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

مدرسة الفجر… الدرس الأخير

image about مدرسة الفجر… الدرس الأخير

في أطراف المدينة وعلى طريق منسي كانت “مدرسة الفجر الحديثة” واقفة زي كتلة سواد في الضباب، المدرسة اتقفلت من 12 سنة بعد الحريقة اللي ماتت فيها بنت اسمها مريم علاء، بنت هادية ومتفوقة لكن ماتت محبوسة في حمّام البنات بعد ما النار مسكت في الممر، آخر حاجة اتسمعت كانت صرخة بنت غريبة، ومن يومها المدرسة بقت مهجورة وصوت خطوات بنت بيتسمع جوّا كل ليلة. بعد سنين، 5 شباب قرروا يدخلوا المدرسة يصوروا فيديو رعب: حسام ونهى وكريم وياسين وسارة. دخلوا الساعة 1:15، الجو كان بارد بطريقة غير طبيعية والصمت مخيف، وأول ما دخلوا الدور اللي اتحرق سمعوا صوت كعب جزمة بنت بيمشي وراهم. على الحيطة لقوا مكتوب “مفيش خروج” بخط جديد، ولما وصلوا لحمّام البنات الباب فتح لوحده وظهر شعر طويل محروق وبنت محروقة نص وشها، عين واحدة سليمة بتبص عليهم وقالت بصوت مرعب: “كنتوا فين؟ محدش رجع لي.” البنت اختفت، والشباب جريوا ناحية السلم بس الأبواب قفلت لوحدها وأصوات خطوات كتير بدأت تنتشر في المدرسة. كشافاتهم بتطفى واحدة ورا التانية وصوت مريم بيقول: “محدش هيمشي… كلنا هنفضل هنا… للآخر.” كريم اتسحب أول واحد، صرخة وبعدين لقايا تيشيرته محروق. بعدها ياسين اتسحب من الإزاز المكسر، ونهى لقت ممر طويل مش موجود أصلاً، وسارة فضلت تصرخ وصوت مريم قرب وقال: “النار مش بتوجع… بعد أول مرة.” حسام اتبقى لوحده، الضباب مالي المكان، وظهر له ظل مريم، نص وش محروق وعينيها بتلمع، وقالت: “دي مدرستي… وانتو دخلتوا بدون إذن… ومفيش حد بيخرج من بيتي.” انطفت الأنوار كلها مرة واحدة، والشباب الخمسة اختفوا للأبد. لحد النهارده الناس بتقول إن في بنت واقفة في الدور التاني بتبص لتحت وتستنى ضيف جديد، وتسمع صوت كعبها: تك… تك… تك…

 

بعد اختفاء الشباب الخمسة بأسابيع، اتعيّن حارس أمن جديد اسمه “عم صابر” علشان يقفل المنطقة حوالين مدرسة الفجر المهجورة، وفي ليلة هادية الساعة 2:43 فجأة سمع جرس المدرسة يرنّ، صوت قوي وواضح، رغم إن المدرسة مفيهاش كهربا أصلاً، وقف مكانه ورجع بصوت مبحوح يقول: “مين ابن الحلال اللي بيهزر؟” بس الجرس رنّ تاني… وتالت… وساعتها حس إن حد بيستدعيه جوّه، نور صغير ظهر في الدور التاني لحظة واختفى، وريح دخان قديم عدّت من جنبه. رغم الخوف، قرر يدخل يشوف، أول ما فتح الباب الحديد سمع صوت طالب بيقول بصوت منخفض: “يا أستاذ… إحنا مستنيينك.” الدم اتجمّد في عروقه، مفيش حد المفروض يكون جوّه. دخل وهو ماسك كشافه، وكل ما يمشي خطوة يسمع خطوة تانية بتحاكيها، هو يمشي… الخطوة وراه، قرب من الممر الرئيسي ولقى أبواب الفصول بتتفتح وتقفل بسرعة لوحدها كأن حد بيلعب بيه. فجأة اتسمع صوت طباشير بتكتب على سبورة جوا أحد الفصول، صوت جرّ قوي، قرب من الباب، والكشاف بدأ يضعف، سمع نفس الطباشير تكتب ببطء جملة غريبة: “رجّعونا البيت.” الباب اتفتح لوحده ولما دخل لقى الفصل مليان كراسي… كل كرسي عليه شكل ضبابي… كأن في أشباح أطفال قاعدين، ملامحهم مش واضحة غير عيون سودا واسعة، كلهم بصّين عليه بدون ما يرمشوا، والسبورة مكتوب عليها أسماء طلبة ماتوا في الحريقة اللي حصلت زمان، بس في الآخر كان مكتوب: “صابر.” قلبه وقع لما شاف اسمه… مع إنه لسه حي! سمع صوت بنت وراه بتقول: “اتأخرت يا مستر… الحصة بدأت.” لفّ بسرعة ولقى بنت صغيرة واقفة… نص وشها سليم… النص التاني محروق زي الفحم… وعينيها بتلمع بلون أحمر خفيف، قربت منه خطوة… وكل الطلبة اللي في الفصل لفّوا راسهم عليه في نفس اللحظة مرة واحدة، حركة واحدة كأنهم جسد واحد. اتجمّد مكانه، والبنت كملت: “قعد… الحصة مش هتخلص.” الكراسي بدأت تتحرك لوحدها، واحد ورا التاني يقرب من صابر… لحد ما اتقفلت حواليه دايرة كاملة، أصوات الهمس زادت، واحد يقول: “كان المفروض تنقذونا.” والتاني: “حناناات… الحرايق وجعت.” والتالت: “اقعد معانا… خليك.” البنت مدّت إيدها المحروقة، وكل ضوء الكشاف اختفى، وبقت المدرسة ظلام تام إلا من عيونهم الواسعة. صابر حاول يجري… بس باب الفصل اتقفل بعنف، وصرخة قوية خرجت من جوّه الفصل، وبعدين هدوووء رهيب… تاني يوم الصبح الشرطة لقت باب المدرسة مفتوح والكشاف واقع على الأرض… لكن مفيش أي أثر لصابر، إلا كرسي في الفصل مكتوب عليه بقلم فحم: “حاضر يا Miss.” والناس اللي عدّت بعد الفجر سمعت جرس المدرسة بيرنّ… وصوت زحمة فصل… رغم إن المدرسة مافيهاش روح… إلا اللي ماتوا.

بعد اختفاء الحارس صابر، الشرطة فتحت تحقيق رسمي، وجت قوة خاصة من المباحث بقيادة الرائد يوسف ومعاه نقيب وليد وأربعة أفراد، دخلوا المدرسة الساعة 3:12 فجراً بعدما سكان المنطقة بلغوا إن الجرس بيضرب لوحده وصوت صريخ أطفال بيجري في الممرات، أول ما دخلوا المبنى الريحة كانت شبه ريحة لحم محروق قديم مختلط بدخان مطفي، والرائد قال بجديه: “ولا حد يتفرق… المكان ده حصل فيه مصايب أكتر من اللازم.” لكن أول عشر خطوات بس… كانت كفاية تخلّي كل واحد يحس إن في حد واقف على بعد سنتين من رقبته، مفيش هوا… بس في نفس سخن بيعدي جنبهم، وكأن حد بيتنفس في ودانهم. فجأة جهاز اللاسلكي اشتغل لوحده وطلع صوت بنت… صغيرة… بتقول: “مستر… وصل.” يوسف اتجمد، ووليد قال بصوت متوتر: “مين اللي بيتكلم؟ عرف نفسك!” لكن الصوت رد بصوت أعلى… كأنه بيخرج من جوّا جدران المدرسة كلها: “كلنا هنا.” في اللحظة دي نور الكشافات ابتدى يضعف واحد ورا التاني رغم إن البطاريات جديدة، وفي نهاية الممر لقوا أثر جرّ على الأرض… كأن حد اتسحب على البلاط… ورا المنطقة اللي فيها فصل “2/ب”. يوسف أمرهم يدخلوا الفصل، أول ما فتحوا الباب لقوا الكراسي مترتبة صفوف… بس مش فاضية، كل كرسي كان عليه ظل… مش شكل طفل كامل… مجرد ضباب على هيئة جسم… كلهم قاعدين منتظرين، وعيون سودا واسعة في الهوا فوق كل كرسي، بدون وجوه… بس عيون بتبص عليهم. النقيب وليد حاول يقرّب، لكن سبورة الفصل كتبت لوحدها، ببطء مرعب: “اتأخرتم…

 الحصة الأخيرة بدأت.” فجأة الباب اتقفل بعنف وفرقع زجاج الشبابيك، والبرد بقى مرعب لدرجة إن نفسهم بقى بخار، وكل الظلال اللي على الكراسي بدأت تلفّ رؤوسها ناحية الضباط بحركة واحدة… مرة واحدة… كأنهم دمى مكسورة. واحد من العساكر صرخ: “يا فندم… مش دول بشر!” لكن الظلال بدأت تتحرك… وتقوم… وتاخد شكل طلبة أشباح، بعضهم نصه محروق، بعضهم بدون ملامح، وبعضهم ماسك كتب سودا محروقة. طفل شبح قرب من وليد وقال بصوت متقطع: “فين… صابر؟ هو كان معانا… وقعد… وسمع الدرس.” يوسف رفع سلاحه وقال: “كلكم ارجعوا ورا!” لكن صوت مريم طلع من آخر الفصل بصوت يمزّق العضم: “محدش بيخرج… إلا لما

 يسمع كل الدرس.” فجأة ظهر جسم بنت واقفة فوق مكتب المدرس، شعرها المحروق لاصق على ضهرها ووشها نصّه سايح من النار، قربت منهم وصرخت صرخة عالية لدرجة إن الإزاز اللي بقايا منه اتفجر، ووليد وقع على الأرض وهو بيصرخ ويمسك ودانه. الشرطة حاولت تخرج… لكن كل الممرات اتغيّرت، كل باب يفتح يلاقي نفسه في نفس الفصل تاني! كأن المدرسة بقت متاهة… مش مبنى. أكتر من 40 دقيقة وهما بيجروا وسط أصوات صريخ أطفال، وأبواب بتتقفل،وخبطات على الحديد، وصوت طباشير بيكتب في كل سبورة: “اقعد مكانك.” واحد من العساكر اتسحب فجأة من رجله في الضلمة وصرخ: “اسعفوني! حد ماسكني!” وبعدها صوته

 اتقطع فجأة… واتبدل بصوت ضحك طفلة. لما أخيراً يوسف وصل للباب الرئيسي… لقى الباب مفتوح… لكنه أول ما خرج وبص وراه لقى كل شبابيك المدرسة مليانة وجوه أطفال سودا… واقفين يراقبوا… وعين مريم في النص. الشرطة فقدت 3 أفراد في الليلة دي، ومفيش جثة واحدة اتلقت. وحصل تقرير رسمي… مكتوب فيه بس جملة واحدة قبل ما يتقفل التحقيق: “المكان دا مش مدرسة… دا فصل ما بين الدنيا واللي بعدها.” وبعدها… كل ليلة 2:43 الجرس بيرن… وكل ضابط بيعدّي يسمع صوت حد بيهمس: “اقعد… الدور عليك.”بعد ما اختفت فرقة الشرطة، الدولة شكّلت لجنة سرّية اسمها “وحدة الظواهر الغير مفسّرة”، وكانت مهمتهم يدخلوا

 مدرسة الفجر ويعرفوا الحقيقة، دخلوا المدرسة الساعة 3:00 فجراً، ومعاهم أجهزة تسجيل حراري وصوتي، أول ما دخلوا الهوى كان متجمّد كأنه جاي من سرداب قبر، والأجهزة بدأت تشتغل لوحدها وتكتب أرقام غير مفهومة، كل الشاشة بتعرض “2:43” رغم إن الوقت 3:00، ومع أول خطوة داخل الممر النقيب عادل لمس الحيطة… لقاها دافييية كأنها لسه طالعة من الفرن، لكن بعد ثانية بقت متلجة، بقية الفريق حسّوا كأن في حد بيعدّي بينهم… نفس طويل بارد يتحرك بين رقابهم، وفجأة السماعات سجّلت صوت همس قريب جداً: “متدخلوش… الحصة شغّالة.” كل أبواب الفصول اتفتحت مرة واحدة بصوت دوّي كبير، وأضواء الكشافات اتحولت لخطوط طويلة على الحيطان، وكأن المكان بيتمطّط حواليهم، لما قربوا من فصل 2/ب لقوا الأرض مرسوم عليها دوائر سودا وكتابات بأظافر، وجوة الفصل نفسه كان بارد لدرجة إن أنفاسهم كانت بيضا في الضلمة، لكن اللي صدمهم فعلاً… إن السبورة كانت مكتوب عليها: “دفتر الحضور” وتحته أسماء الشرطة اللي اختفت… وأسماء اللجنة الجديدة… قبل حتى ما يدخلوا! أحد أفراد اللجنة قرب من السبورة، لقى الطباشير بيتحرك لوحده وبيكتب اسمه ببطء… وكانت إيده بتترجّف لحد ما وقع على الأرض، في اللحظة دي سمعوا خطوات كتير… خطوات طلبة… لكن الطلبة ما كانوش طبيعيين، كانوا طالعين من الضلمة كأنهم أشكال مقطوعة من السواد، جسم بدون ملامح، بس عيون حمرة واسعة، وكلهم بيقولوا بصوت واحد مكسور: “رجّعونا… رجّعونا.” فجأة الأرض اتفتحت تحت رجلين أحد الأفراد واتسحب لتحت، والباقي سمع صرخة اتقطعت في النص وكأن حد قطع النفس، والريحة بقت ريحة دم محروق، بعدها واحد من اللجنة لقى دفتر صغير واقع تحت كرسي، دفتر قديم، عليه تراب محروق، فتحه… وقرأ: “مذكرات مريم — اليوم الأخير.” كان مكتوب بخط صغير: “المدرسة مش بتتحرق… المدرسة بتاكل.” ومع آخر كلمة النور كله انطفى… وبدأت الحيطان نفسها تصرخ! آه والله… صوت صريخ طالع من الخرسانة، صوت يقطع العظم، الحيطان تهتز وتطلع خطوط دم بتنزل لتحت كأن المدرسة نفسها بتنزف. الفريق جري ناحية المخزن الخلفي… ولما فتحوا الباب لقوا الجثث! الجثث اللي اختفت — صابر… والضباط… والشباب الخمسة — كلهم مرصوصين جنب بعض، محروقين نص حرق، وعنيهم مفتوحة كأنهم شافوا آخر لحظة رعب في حياتهم، وكل جثة مكتوب فوقها حرف كبير بالدم: “حاضــــر.” أحد أفراد اللجنة قعد يصرخ وهو يقول: “المكان ده بيحفظ اللي بيدخله!” وفجأة صوت مريم ظهر من وراهم بصوت مش بشري: “الدور عليكم… محدش بيهرب… الحصة لسه مخلصتش.” وبدأت الأرض تتحرك تحتهم، زي نبض قلب، كأن المبنى حيّ، وعمال يبلعهم واحدة واحدة، الرائد فتح باب الهروب بالعافية… وطلع يجري لحد ما خرج الشارع، وورا منه المدرسة كانت بتنور شبابيكها بنور أحمر كأن فيها نار شغّالة جوا، بعدها رفع بلاغ رسمي وقال: “ده مبنى مش آمن… ده كيان… ولازم يتشال من على الأرض.” وتم إصدار قرار عاجل وهستيري: هدم مدرسة الفجر بالكامل خلال 48 ساعة. لكن الغريب… إن العمال اللي راحوا يهدموها لقوا جملة مكتوبة بالدم على الحيطة الخارجية قبل ما يبدأوا: “الدرس الأخير… لسه.” وبعدها… اختفت الجملة… كأنها عمرها ما كانت موجودة.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
محمد فروج تقييم 5 من 5.
المقالات

12

متابعهم

4

متابعهم

2

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.