✴️ الجزء الثاني من رواية “أنفاس لا تُرى” — صوت في الحلم
✴️ الجزء الثاني من رواية “أنفاس لا تُرى” — صوت في الحلم

المقدمة
عندما يتكرر الحلم، يصبح أمرًا غريبًا.
لكن عندما يتغير الحلم فجأة… هنا تبدأ القصة الحقيقية.
في الجزء الثاني من رواية “أنفاس لا تُرى”، يبدأ الرابط بين نور وسيلين يتجلى في الواقع لأول مرة.
فبعد سنوات من الأصوات والأحلام الضبابية، تظهر أول علامة محسوسة… علامة تجعل كليهما يدرك أن ما يحدث ليس صدفة.
المحتوى – الجزء الثاني — العلامة الأولى
1. يوم ثقيل… ورغبة غير مفهومة
استيقظ نور في صباح اليوم التالي للحلم المختلف، وهو يشعر بأن شيئًا ما تغيّر داخله.
لم تكن تلك راحة… ولا خوف… بل شعور يشبه التحذير، وكأن قلبه يخبره أنه على أعتاب مرحلة جديدة.
ذهب إلى عمله كالمعتاد في مكتب التصميم الهندسي، بينما أفكاره تسبقه في كل خطوة.
لم يستطع التركيز، وكان يشعر بنبضة غريبة في صدره كلما تذكّر صوت الفتاة يقول:
"المسافة بينا مش بعيدة زي زمان."
حاول أن يقنع نفسه أنه مجرد حلم…
لكنّ قلبه لم يصدّقه.
وفي الناحية الأخرى من العالم…
كانت سيلين تستيقظ بنفس المشاعر الثقيلة، وكانت يداها ترتجفان وكأنها تمسكت بشيء في الحلم، لكنها لا تتذكره.
ذهبت إلى محل الورود الذي تعمل فيه، لكنها لم تستطع ترتيب وردة واحدة دون أن تشعر بأن هناك شيئًا ينتظرها عند الباب… شيء لم يأتِ بعد.
2. أول علامة… ورقة لا تشبه أي ورقة
في منتصف اليوم، بينما كان نور في وضع الاستسلام شبه التام، جاء ساعي البريد إلى المكتب ووضع مجموعة مغلفات على مكتبه.
أخذها دون اهتمام.
كان أغلبها فواتير، إعلانات، أوراق مكررة…
إلا رسالة واحدة.
ظرف أبيض بسيط…
بدون اسم المرسل…
وعليه نقطة زرقاء صغيرة في الزاوية.
فتح نور الرسالة بسرعة وهو يشعر بانقباض غريب في صدره.
كان داخلها ورقة واحدة فقط…
عليها جملة قصيرة بخط يد أنيق:
"اقترب… وقت اللقاء أقرب مما تتخيل."
تجمد في مكانه.
الجملة كانت هي نفسها الجملة التي سمعها في الحلم.
لم يكن هناك أي تفسير منطقي:
– من يعرف حلمه؟
– من يعرف كلماته؟
– ومن أرسل الرسالة دون توقيع؟
أعاد قراءة الجملة عشر مرات، لكنه لم يجد أي إشارة أخرى.
وفي نفس اللحظة تقريبًا…
كانت سيلين تفتح باب المحل لتجد ظرفًا مشابهًا تمامًا على الأرض.
بدون اسم…
وبنقطة زرقاء في الزاوية.
فتحت الظرف بيد مرتجفة، لتجد داخله الجملة نفسها:
"اقترب… وقت اللقاء أقرب مما تتخيل."
سقطت الوردة التي كانت تحملها.
شعرت بقشعريرة تسري في جسدها.
لم تقل شيئًا لزميلتها… لم تشرح…
كأن الكلمات دخلت قلبها قبل عقلها، وأخبرتها أن ما يحدث ليس صدفة.
3. بداية البحث
نور لم يستطع الجلوس.
خرج من المكتب وهو يشعر بأن المدينة أصبحت أصغر… وأن هناك شيئًا يدفعه للحركة.
فتح الإنترنت وبدأ يبحث عن أي رمز يدل على “النقطة الزرقاء”.
وجد آلاف النتائج، لكن ولا نتيجة لها علاقة بما يحدث معه.
ضغط على رابط:
https://en.wikipedia.org/wiki/Blue_dot
ثم آخر:
https://www.color-psychology.org/blue/
لكن كل الروابط كانت تشرح “اللون الأزرق”… وليس العلامة.
وبينما هو يتصفح بلا هدف، لاحظ شيئًا غريبًا:
يداه ترتجفان كلما حاول إغلاق الصفحة.
وكأن جسده يخبره أنه لم يصل بعد إلى المكان الصحيح.
وفي الطرف الآخر…
كانت سيلين تبحث هي أيضًا، لكنها لم تجد شيئًا.
فتوقفت وسألت نفسها:
“هل من الممكن أن يكون هذا الشخص… الشخص الذي يظهر في حلمي؟”
لكن عقلها رفض الفكرة.
ولأول مرة منذ سنوات، شعرت بأن الحلم يقترب من الواقع بدرجة خطيرة.
4. ليلة المطر… والخطوة الأولى
في المساء، بدأت الأمطار تهطل بشكل غير معتاد، وكأن السماء تريد إعادة تشكيل العالم من جديد.
كان نور يسير تحت المطر دون مظلة، لا يشعر بالبرد… ولا بالماء… بل يسمع صوتًا واحدًا يتردد في داخله:
"اقترب…"
توقف أمام محطة القطار.
لا يعرف لماذا… ولا إلى أين يريد الذهاب…
لكن قدميه قادته إلى الداخل.
وفي بلد آخر، كانت سيلين تقف على شرفة منزلها وهي تشاهد المطر يضرب الأرض بقوة.
شعرت بشيء غريب يجذبها للخروج.
أخذت معطفها وخرجت، رغم أن والدتها نادتها قائلة:
– “إلى أين؟ الدنيا عاصفة!”
لكنها لم تستطع الرد.
كانت تتبع إحساسها فقط.
5. اللحظة التي تغير كل شيء
نور ركب القطار دون أن يعرف وجهته.
جلس قرب النافذة، والمطر يرسم خطوطًا متشابكة على الزجاج.
كان قلبه يدق بنفس الوتيرة التي كان يسمعها في الحلم.
وفجأة…
رن هاتفه.
كان رقمًا مجهولًا.
ضغط على زرّ الإجابة دون تفكير.
لم يسمع صوتًا بشريًا…
بل سمع الهمس نفسه…
"اقترب."
ثم انقطع الاتصال.
أما سيلين…
فوقفت عند محطة القطار في مدينتها، ونفس اللحظة… رن هاتفها هي الأخرى.
رقم مجهول.
نفس الهمس:
"اقتربي."
كانت تلك أول مرة يسمع فيها كل واحد منهما الصوت “في الواقع” وليس في الحلم.
كان ذلك أول دليل على أن “الرابط” أصبح حيًا.
الخاتمة – الطريق انفتح
في الجزء الثاني من “أنفاس لا تُرى”، يتحول الحلم لأول مرة إلى فعل ملموس.
الرسائل…
الظرف الغامض…
الاتصال الغريب…
كلها إشارات أن الطريق بين نور وسيلين بدأ يتشكل.
لم يلتقيا بعد…
لم يعرف أحدهما الآخر…
لكن الأقدار بدأت تتحرك، والمسافة بينهما بدأت تضيق.
في الجزء الثالث، ستبدأ أول خطوة تقرّبهما فعليًا من اللقاء الذي تغيّر من مجرد حلم… إلى واقع.