رسالة منتحر قصة قصيرة اجتماعية بقلم أسماء صلاح أبو خلف

رسالة منتحر قصة قصيرة اجتماعية بقلم أسماء صلاح أبو خلف

0 المراجعات

رسالة منتحر 
قبل انتحاره بدقائق كتب...

سيقولون بعد قليل أني انتحرت بسبب صعوبة امتحان الفزياء، لكنكما تعرفان السبب. 

لقد وُلدت لأكون أفضل من ابن خالتي وابنة عمي.
لم يعلمني أبي سوى السعي لأكون أفضل رغم افتقاري للكثير لأكون كما يتمنى.

لكنه دفعني كما يُدفع الشاه للمذبح، كحمار يُساق حيث يأمر صحابه كنتُ أنا، أرتعب حين ينقصني درجتين في الامتحان، ليس بسبب ما أتلقاه من ضرب بل للأهانة التي أتعرض لها رغم نباحي كالكلب: فعلت كل ما أستطيع! 
هذا النباح  الذي يجعل أمي تبكي بينما يزداد جنون والدي: أنت تصرخ علي يا كلب!

أنا طالب بالثانوية العامة التي أنارت بعض البيوت ذات ليلة وأطفأت البعض الآخر؛ حيث تسمع (زعاريط) الفرح من بيوتٍ وأخرى تأن بالنواح والصراخ؛ فشلًا، خزيًا، ندمًا وتوبيخًا لا نفع له.
دائما ما حسدت صديقي مازن على أبويه كنت أراهما كملائكة
لم يعنفوه أبدا لفشله في الامتحانات، بل حفظاه القرآن كان يصلي بنا، علمني كيف أصلي.
أهلي لم يعلموني يومًا كيف أحب الله؟ لكنه فعل.
أعلم أنه سيغضب، سيسبني لفعلتي ثم سيبكي كثيرًا
لعل بدعوته لي؛ لا أدخل النار، أليس هذا ممكنا؟
سيُنشر خبر موتي ويتخاصم البعض بين من يكفرني ومن يترحم علي.
ربما أستحق موتة كهذه.
أنا لن أموت لأني خائف من أبي
نعم سيعنفني، يركلني ويهينني أمام عيني أمي الباكية. 
أمي!
لم أجرح من أبي كما جرحت وكُسرتُ منها.
أمي التي لجأتُ إليها عدة مرات هربًا من يديه الباطشة فتركتني بين يديه خائرة القوى
في كل مرة نظرت لعينيها متوسلا: أنقذيني أرجوك، ولت وجهها عني. 
أمام نظرات شقيقيّ كنتُ أهان، لكني احترقتُ حين رأيت صغيري يُضرب لأنه رسب بسنته الثانية في المدرسة.
هنا علا صوتي على أبي لأول مرة، حتى أني كنت سأضربه ودافعت عن أخي، ليلتها حُرمت من الغداء والعشاء، كنت أرى نظرات أمي الخاطفة لي بين الفنية والأخرى. 
كانت تقترب لتضع لي طعامًا لكنه رآها وكانت تكفي جملة واحدة منه لتركي جائع: لو اقتربتِ منه، سأطلقك.
بعد نومهما آتاني شقيقيّ ببعض الطعام الذي خباءه من نصيبهما لأجلي، فبكيت وأنا أضمهما.
لأني لا أريد لهما أن يكونا غيير مرئيين مثلي، أقتل نفسي.
أريد أن يكون لهما حياة خاصة بهم، يحققون أحلامهما، ويبنون مستقبلهما.
لا أستطيع رؤيتهم يتحولون لحيوانات تساق.
ربما بعد موتي يندم أبي أو تنفض أمي عنها ذلها وضعفها!
ربما بموتي أنقذهما.
وقف يفكر عدة ثواني قبل ضغط زر النشر 
ثم غير إعدادات الخصوصية ليجعلها مخصصة لثلاثة فقط
هو وأبيه وأمه.
بعدما نشر آخر ما دون، أضاف تعليقين على منشوره السري.
لا تخبرا أخوتي، ليظنا أني مت لأني أخفقت في الامتحان! 
ثم كتب تعليقًا آخر 
تساءلتُ كثيرًا إن لم تستطعا أن تكونا أبوين كيف يمكنكما ألا تكونا إنسان.

ليته يعلم أن انتحاره لم يغير شيء.
أن أخوته يقفان على قبره يبكيانه قهرا، وكرهًا.
كان أملهما الوحيد، قدوتهما، يلومانه لضعفه واستسلامه.
يقف قربهما صديقه مازن الذي تولى رعايتهما بعدما أصبح والده سكير، وجنت أمه لموته.
ليته علم أن موته لم يصلح أي شيء، ربما كانت حياته ستغير الكثير.


لمزيد من القصص تابعوني.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

19

متابعين

8

متابعهم

9

مقالات مشابة