حذاء سندريلا المفقود

حذاء سندريلا المفقود

0 المراجعات

خرجت من تلك الفجوة الزمنية وأخذت بالنزول على الدرج المؤدي لذاك النهر الواقع أمام بيت الأجداد. ومع كل خطوة تتهاوي عبائتها السوداء وخمارها الأبيض. وقفت تنظر الى كل تلك الأشجار المحيطة بها والليل الحالك يمتد في الأفق وعصف بخلدها كثيرا من التجارب القاسية التي غرست بخناجرها في روحها البيضاء. أخذت تردد (لا بأس لا بأس. ) وكل البأس في قلبها المحطم. قلبها ذاك الذي أذاقها الهوان قطرة قطرة. فلقد مر قرابة العامين على الرحيل وها هي أصبحت قوية صلبة كالفولاذ. وخطت على دروب النجاح أول خطواتها وأصبح اسمها يُردد على كل لسان بكل فخر. هي فتاة عربية كانت تظن أنها سندريلا وسيأتي فارسها يبحث عنها بحذائها المفقود. فإنصدمت بالواقع المرير ووجدت أن الفارس هو من يتهرب منها. لم تسأله لمرة واحدة لما الهروب!. وإنما وضعت أطراف عبائتها بين فكيها وانطلقت في دربها متألمة وحيدة مقهورة وتركت قلبها للأيام وكانت الأيام خير دواء لفؤادها الصغير وكان البلسم الذي طيبت به جراحها هو نجاحها وإغراق نفسها في الحب. حب الذات وتقدير نفسها وعزتها. دار بخلدها أيضا كل تلك الليالي المريرة التي صاحب نزف قلبها هطول المطر وقدح قهوتها السمراء. فما زال البأس إلا بعودتها لطريق الصواب وأقداح تلك السمراء المعشوقة وإنغماسها في العمل الشاق. وأيضا رزقها الله بمن يصون قلبها ووجدت فيه ضالتها والونس. كلما نظرت إليه رأت في ملامح وجهه كل معاني الحب السامية. حقآ وجدت الونس لكل ليالي العمر. رفعت يديها إلى رب السماء الواسعة حامدة شاكرة على ما فاتها. شكرت إله الكون على تلك الخطبة التي لم تكتمل وطأطأت رأسها في خجل على تلك اللحظات التي كاد  اليأس أن يُصيب روحها المعذبة وقالت بصوت خافت لو أعلم أن عوضك سيأتي بهذا القدر ما كنت جزعت لحظة واحدة. وكانت تتمنى لو أن حديثها هذا مسموع لتقول لكل فتاة لا تحزني ما فاتكِ لن يكن من رزقك ولا يصيب قلبك الحزن لشيء فإن سهام الحزن مُوجِعة. ورفعت يدها واضعة أياها على صدرها وتنهدت بكل طمأنينة فهي على مقربة من بدايتها لحياة جديدة مع من إرضته ديناً وخلقا وظلت واقفة تدعو الله أن يتم نعمته عليهما ويبارك لهما. وسمعت من خلفها من ينادي اسمها يدعوها للحضور لمشاركته أقداح القهوة والسمر في تلك الليلة الهادئة وذاك النسيم العليل وتقدم لها ممازحا إياها لم أستطع التفريق بينكم في البداية نظرت إليه وعلى وجهها علامات استفهام. فأشار بيديه للبدر في كبد السماء فارتسم على ثغرها بوادر ابتسامة خجلة وطأطأت رأسها في حياء واحمرت وجنتاها وأخفضت عيناها فبدت له كأنها البدر في تمامه فتمتم في داخله أن الله رزقه بجوهرة وأن حياته في سبيل ابتسامة واحدة من ثغرها غير كافية لكل ذاك الجمال فهي حبيبة أيامه وشريكة سنونه القادمة. ظل واقفا أمامها وكان يتمنى لو ان ثعبانا يلدغه ليعلم هل هذه حقيقة أم مازال يحيا في عالم الخيال الخاص به فكم تمنى أن تكون هي فقط هي دون نساء العالمين. وجل ما أراده في تلك الساعة أن يسجد لربه حمدا على جوهرته وشريكة أيامه. وتُرجم كل ما دار بخلده على هيئة قطرات من الدمع تزين مقلتيه. وهي استطاعت أن تقرأ كل ما في عينيه فإزداد إحمرار وجنتيها ولمعت عيناها ووجدت قدماها تُسرع في المشي من شدة حيائها. وهو يجري خلفها وتنطلق منه الضحكات التي تنم عن ما بداخل روحه المتيمة 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

6

متابعين

26

متابعهم

22

مقالات مشابة