لعنة عائلة البحريني: قصة مرعبة في احدي القرى المصرية
لعنة عائلة البحريني: قصة مرعبة في احدي القرى المصرية
في قلبِ الصعيد المصري، حيث تُلامسُ رمالُ الصحراء ضفافَ نهر النيل العظيم، تقع قرية "البحرين" الصغيرة، والتي اشتهرت بِسِكْنَ عائلة "البحريني" الغامضة.
كان قصرُ عائلة البحريني يشبهُ قلعةً منيعةً، مُشيّدًا على تلٍّ مرتفعٍ يُطلّ على القرية بأكملها. بُنيَ القصرُ من الحجر الرملي الضخم، وتُزيِّنُهُ نقوشٌ غريبةٌ لم يُعرف لها معنى. سادَتْ حول العائلة شائعاتٌ كثيرةٌ، همسَ بها الأهالي مُتَخَفِّين، عن ممارساتٍ غامضةٍ وطُقوسٍ شيطانيةٍ يُقِيمُها "الحاج إسماعيل" ربُّ العائلة في ظلمةِ القصر.
كان الحاج إسماعيل شيخًا طاعنًا في السن، ذا لحيةٍ بيضاءَ كثيفةٍ تُخفي ملامح وجهه، وعينينِ سوداوينِ نافذتينِ تُشعّ منهما بريقٌ غامضٌ. اشتهرَ بِعِلمِهِ الغامض وقدرته على التواصل مع الأرواح، ممّا أثارَ خوفَ الأهالي وزادَ من غموضه.
عاشَ الحاج إسماعيل مع زوجته "حليمة" وابنتيهما "سارة" و"نفيسة" حياةً منعزلةً بعيدةً عن أعينِ الناس. لم تخرجْ سارة ونفيسة من القصرِ قطّ، بل تلقّتا تعليمهما على يدِ والدهما الذي علّمهما علومًا غريبةً لا تُشبه علومَ أهل القرية.
في ليلةٍ مظلمةٍ وعاصفةٍ هزّت القريةَ صرخاتٌ مُرعِبةٌ آتية من قصر البحريني. هرعَ الأهالي مُتَخَوِّفين، ليجدوا سارة ملقاةً على الأرض مغمى عليها، عيناها مفتوحتان على مصراعيهما، وفمها يتحرك دون صوت.
أُصِيبت سارة بِمرضٍ غريبٍ لم يُعرف له سببٌ. ظلت تتكلم لغةً غريبةً لا يفهمها أحد، وتصرخ من رؤى مرعبةٍ تُطارِدُها. حاول الأطباء علاجها دون جدوى، ممّا أثارَ قلقَ الحاج إسماعيل واستدعاءه لأشهر المشعوذين في البلاد.
وصلَ المشعوذُ إلى القصر، مُحاطًا بهالةٍ من الغموض. رسمَ دوائرًا غريبةً على الأرض، وقرأ تعاويذَ سحريةً بلغةٍ لم يفهمها أحد. وفجأةً، صاحت سارة بصوتٍ جهوريٍّ: "لقد رأيتُهم! مخلوقاتٌ ظلامٌ من عالمٍ آخر! يريدونَ القضاءَ علينا جميعًا!". ازداد خوف الأهالي، وازداد غموض مرض سارة. حاول بعض الشجعان اقتحام قصر البحريني لكشفِ أسراره، لكنهم لم يعودوا أبدًا.
مع مرور الوقت، تحولت سارة إلى جثةٍ هامدةٍ، عيناها مفتوحتان على مصراعيهما، وفمها يتحرك دون صوت، وكأنها تردد صرخةً أبديةً من عالمٍ آخر. ازداد غموض لعنة عائلة البحريني، وازدادتْ خرافاتُ الأهالي حولَها.
انتشرتْ شائعاتٌ بأنّ سارة قُرِّبتْ قربانًا للأرواح الشريرة، وأنّ الحاج إسماعيل يتواصل مع الشياطين. ازداد عزلةُ العائلة عن الناس، ولم يخرجْ أحدٌ منهم من القصر مرةً أخرى.
بعد وفاة الحاج إسماعيل وزوجته، ورثتْ نفيسةٌ القصرَ وحيدةً. عاشت نفيسة مُنعزلةً تمامًا، تُحيطُ بها الشائعاتُ والأساطيرُ.
في إحدى الليالي، هزّت القريةَ صرخاتٌ مُرعِبةٌ آتية من قصر البحريني مرةً أخرى. هرعَ الأهالي مُتَخَوِّفين، ليجدوا نفيسة ملقاةً على الأرض مغمى عليها، تمامًا كما حدث مع أختها سارة من قبل.
أُصِيبت نفيسة بنفسِ المرضِ الغامض، وفقدت القدرةَ على الكلام، وبدأتْ تتكلم لغةً غريبةً لا يفهمها أحد. حاول الأطباء علاجها دون جدوى، ممّا أثارَ قلقَ القريةِ بأكملها.
في تلك اللحظة، ظهرَ شيخٌ عجوزٌ من قريةٍ بعيدةٍ، اشتهرَ بِحِكْمَتِهِ وعلمِهِ بِالعلومِ الروحية. اقتربَ الشيخُ من نفيسة، وقرأ عليها آياتٍ من القرآن الكريم، وفجأةً، هدأتْ نفيسةُ وفتحتْ عينيها.
سألها الشيخُ عن مرضها، فأخبرته نفيسة بصوتٍ ضعيفٍ عن رؤى مرعبةٍ تُطارِدُها، وعن مخلوقاتٍ ظلامٍ من عالمٍ آخرٍ تُريدُ القضاءَ عليها.
أدركَ الشيخُ أنّ نفيسة تُعاني من لعنةٍ قديمةٍ تُلاحقُ عائلة البحريني. أخبرَ الأهالي أنّ هذهِ اللعنةُ ناتجةٌ عن ممارساتٍ شيطانيةٍ قام بها الحاج إسماعيل في الماضي، وأنّها ستظلّ تُلاحقُ عائلته إلى الأبد ما لم تُكَفَّرَ خطاياه.
نصحَ الشيخُ الأهالي بِهدمِ قصر البحريني وإقامةِ مسجدٍ مكانه، لِيطردَ الأرواحَ الشريرةَ ويُكَفِّرَ خطايا الحاج إسماعيل. وافقَ الأهالي على اقتراحِ الشيخِ، وقاموا بهدمِ القصرِ وإقامةِ مسجدٍ بدلاً منه.
مع هدمِ القصر، هدأتْ لعنةُ عائلة البحريني، واختفتْ الرؤى المُرعبةُ التي كانت تُطارِدُ نفيسة. عادتْ نفيسةُ إلى حياتها الطبيعية، وعاشتْ في سلامٍ مع أهالي القرية.
لكنّ قصةَ عائلة البحريني بقيتْ حكايةً مرعبةً تُحكى من جيلٍ إلى جيلٍ، كَتَذْكِرةٍ بِعواقبِ الممارساتِ الشيطانيةِ والابتعادِ عن تعاليمِ الدين.
وإلى يومنا هذا، لا يزالُ مسجدُ البحريني يقفُ شامخًا في مكانِ القصرِ القديم، شاهداً على قصةٍ مُرعبةٍ، ولعنةٍ أبديةٍ تُلاحقُ عائلةً غامضةً من قريةٍ نائيةٍ على ضفافِ نهر النيل.