ساره من المرح و التنزة الي الخوف من الليل و الظلام
ساره و الخوف من الظلام
في ليلة مظلمة من ليالي الشتاء، كانت المدينة الهادئة تتغطى بغطاء من الضباب الكثيف. لم يكن من المعتاد أن تُرى الشوارع فارغة تمامًا، لكن تلك الليلة كانت مختلفة. سكان المدينة شعروا بشيء غير طبيعي في الهواء، وكأن هنالك عينًا غير مرئية تراقب كل حركة.
سارة، الشابة التي تسكن في أحد الأحياء القديمة، كانت تعود إلى منزلها بعد زيارة لأصدقائها. كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل، والجو بارد لدرجة تجعل الأنفاس تتجمد في الهواء. بدأت سارة تشعر بقشعريرة غريبة تجتاح جسدها، ولم تستطع التخلص من الشعور بأن أحدًا يتبعها.
سارت بسرعة على الرصيف المهجور، وكلما زادت خطواتها سرعة، زاد شعورها بالخوف. فجأة، سمعت صوت خطوات بطيئة وثقيلة خلفها. حاولت تجاهل الأمر، ولكن الصوت أصبح أقرب وأقرب. قررت أن تستدير لترى من يتبعها، ولكنها لم ترَ أحدًا. الشوارع كانت خالية، والضباب زاد كثافة.
بقيت سارة واقفة للحظة، تحاول أن تقنع نفسها بأن الصوت كان مجرد وهم بسبب الخوف. لكنها سمعت الصوت مرة أخرى، وكان أوضح هذه المرة. خطوات تقترب منها بهدوء، وكأنها تخرج من العدم. بدأ قلبها ينبض بسرعة، وقررت الركض بأقصى ما تستطيع نحو منزلها.
بينما كانت تركض، سمعت ضحكة خافتة تأتي من بين الظلال. كانت ضحكة مخيفة، تجعل الدم يتجمد في العروق. شعرت سارة بأن هذه الليلة لن تنتهي على خير، واستمرت في الركض دون أن تلتفت خلفها. عندما وصلت إلى منزلها، أغلقت الباب بسرعة وأقفلت جميع النوافذ.
جلست في غرفة المعيشة، تحاول تهدئة نفسها وتفسير ما حدث. بدأت تسمع أصوات غريبة تأتي من الخارج، وكأن شيئًا يحاول الدخول إلى المنزل. ثم، بدأت الأضواء تومض بشكل مخيف، وانقطعت الكهرباء فجأة. صمتت المدينة بأكملها، وأصبحت الظلمة سيد الموقف.
في تلك اللحظة، شعرت سارة بشيء يتحرك في الظلام. كانت تعلم أنها ليست وحدها في المنزل. تمالكت شجاعتها وأشعلت شمعة، وبدأت تتفحص الغرف. في كل مرة تفتح فيها بابًا، كان صوت الخطوات يقترب أكثر. في النهاية، وجدت نفسها في المطبخ، وسمعت صوت أنفاس ثقيلة خلفها.
استدارت ببطء، لترى كيانًا غامضًا يقف في الزاوية. كان شكله مشوهاً، وعيناه تتوهجان في الظلام. حاولت الصراخ، لكن الصوت لم يخرج من حلقها. اقترب الكيان منها ببطء، ومد يده نحوها. في تلك اللحظة، شعرت ببرودة شديدة تجتاح جسدها، وسقطت الشمعة من يدها.
استيقظت سارة في الصباح التالي، على الأرض في المطبخ. الشمس كانت تشرق، والمدينة عادت إلى طبيعتها. لكنها لم تستطع نسيان ما حدث تلك الليلة. عرفت أن شيئًا غير طبيعي يسكن في مدينتها، وأنه قد يعود في أي لحظة. ومنذ ذلك اليوم، لم تعد سارة تخرج ليلاً، وظلت تعيش في خوف دائم من الظلال التي تختبئ في الظلام.