"غابة الظلال: اللعنة التي لا تنام"
في إحدى الليالي المظلمة والهادئة في قرية نائية في قلب الغابة، كانت السماء ملبدة بالغيوم، مما حجب ضوء القمر عن الوصول إلى الأرض. كان الهدوء يسود المكان إلا من صوت الرياح التي كانت تعصف بين أشجار الصنوبر الشاهقة. هذه القرية الصغيرة كانت معروفة بكونها مكانًا هادئًا وسالمًا، إلا أن السكان كانوا يتجنبون الخروج بعد غروب الشمس، لسبب لا يجرؤ أحد على البوح به.
تدور القصة حول "سالم"، شاب يبلغ من العمر خمسة وعشرين عامًا، والذي انتقل مؤخرًا إلى القرية للعمل كحارس للغابة. كانت وظيفته تتطلب منه التجول في الغابة في فترات معينة من الليل للتأكد من عدم وجود أي تهديد للحياة البرية أو اشتعال حرائق. في البداية، كان سالم يعتقد أن وظيفته ستكون سهلة وبسيطة، إلا أنه سرعان ما أدرك أن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث في هذه الغابة.
في إحدى الليالي، بينما كان سالم يقوم بدوريته المعتادة، لاحظ أن الغابة أصبحت هادئة بشكل غير مألوف. حتى صوت الحشرات والطيور توقف فجأة. شعر سالم ببرودة تسري في عروقه، وبدأت يديه ترتعشان من دون سبب واضح. لكنه حاول تجاهل هذا الشعور واستمر في التقدم عبر الغابة المظلمة.
عندما وصل إلى وسط الغابة، سمع صوت خطوات ثقيلة خلفه. توقف على الفور، والتفت ببطء ليرى مصدر الصوت. ولكن، لم يكن هناك أحد. شعر سالم بأن شيئًا ما يراقبه من الظلال. لكنه لم يستطع رؤية أي شيء. كلما كان يتحرك خطوة للأمام، كان يسمع الخطوات تتبعه. لم يكن قادرًا على تحديد ما إذا كانت تلك الخطوات حقيقية أم أنها مجرد تخيلات نتيجة خوفه المتزايد.
قرر سالم أن يسرع في العودة إلى القرية. وبينما كان يسير عبر الغابة المظلمة، شعر بأن الغابة نفسها تحاول حبسه بداخلها، حيث كانت الأشجار تبدو وكأنها تقترب منه كلما خطا خطوة. أصوات الهسهسة والهمسات بدأت تملأ المكان. بدأت الظلال المحيطة به تتشكل وكأنها كائنات ذات عيون حمراء، تراقبه وتتحرك بين الأشجار.
بدأ سالم يشعر بأن الهواء أصبح أكثر ثقلاً، وأن التنفس أصبح صعبًا. بدأت الحشائش تحت قدميه تتحول إلى أيدٍ صغيرة تحاول الإمساك به. كانت الأرض نفسها تتحرك تحت قدميه، وكأنه يسير على حقل مليء بالفخاخ. كان عقله يصرخ للهروب، لكنه كان يشعر بأن شيئًا غير مرئي يجذبه نحو الأعماق المظلمة للغابة.
عندما وصل إلى نهاية الغابة وأصبح على بعد خطوات من القرية، شعر بتلك اليد الباردة تمسك بكتفه. تجمد في مكانه. لم يجرؤ على الالتفات، لكنه شعر بشيء ما يقف خلفه. كان الهواء باردًا لدرجة أنه شعر بأنه سيتجمد في مكانه. أخيرًا، جمع كل شجاعته والتفت ببطء.
رأى أمامه كيانًا غريبًا، يشبه الظل، لكنه كان يمتلك عيونًا حمراء مشتعلة، تنظر إليه وكأنها تخترق روحه. لم يكن لهذا الكيان وجه، فقط تلك العيون المضيئة. لم يتحرك الكيان، لكنه أطلق صوتًا خافتًا يشبه الهمس، كانت كلمات غير مفهومة، لكنها كانت تتسلل إلى أعماق عقل سالم وتجعله يشعر بالدوار والخوف.
فجأة، بدأ الكيان في الاقتراب منه ببطء، وكان سالم يشعر بأن جسده يتجمد مع كل خطوة يخطوها الكيان نحوه. كانت الرؤية تصبح ضبابية، وبدأ يشعر بأن الأرض تدور من حوله. حاول الصراخ لكن صوته لم يخرج. حاول الهروب لكن قدميه كانت وكأنها تجذرت في الأرض.
وفي لحظة، اختفى الكيان واختفت معه كل تلك الظواهر المرعبة. وجد سالم نفسه يقف في وسط القرية، وحيدًا، تحت ضوء القمر. لم يكن يعلم كيف وصل إلى هنا، أو كيف نجا من ذلك الكيان المرعب. لكنه كان يعلم شيئًا واحدًا، أن هناك شيئًا شريرًا يعيش في تلك الغابة، وأنه لم يكن مجرد خيال.
منذ تلك الليلة، لم يجرؤ سالم على العودة إلى الغابة في الليل مرة أخرى. حاول أن ينسى ما حدث، لكن تلك العيون الحمراء لم تغادر مخيلته أبدًا. كان يعرف أن الكيان لا يزال هناك، ينتظر في الظلام، يترقب قدوم ضحية جديدة لتكون جزءًا من الغابة المسكونة.
ولم تمر أسابيع حتى بدأ أهل القرية يلاحظون غياب سالم. ولم يجده أحد في منزله، ولا في أي مكان آخر. حتى غاب أخيرًا عن الوجود. كانت آخر مرة شوهد فيها، كانت في تلك الليلة المشؤومة. لم يكن هناك أثر يدل على ما حدث له، لكن البعض يقولون إنه استسلم في النهاية لنداء الغابة المسكونة، وأصبح جزءًا منها.
ومنذ ذلك الحين، أصبح الخوف من الغابة يسيطر على أهل القرية بشكل أكبر. كانوا يتحدثون عن سماع أصوات غريبة تأتي من الغابة، ورؤية ظلال تتحرك بين الأشجار في الليل. وكانوا يعلمون جميعًا أن سالم ليس الشخص الأول الذي يختفي هناك، ولن يكون الأخير.
في النهاية، أصبحت الغابة محظورة، لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها، حتى في وضح النهار. ولكن، في كل ليلة مظلمة، يمكن رؤية تلك العيون الحمراء المشتعلة تراقب من بين الأشجار، تنتظر قدوم ضحية جديدة.