ما بين الماضي والمستقبل

ما بين الماضي والمستقبل

0 المراجعات

الفصل الأول 

 

في غرفة الانتظار لأحد المقابلات في شركة حمدان تجلس منتظرة دورها وهي تستمع لأحاديث المجاورات لها بفضول

(_هل تعرفين أن الراتب هنا في العاصمة ضعف الرواتب في المحافظات الأخرى

=أكيد وهذا مادفعني لأقدم هنا ولست أنا فقط بل أغلب الذين يتقدمون اليوم ليسوا من سكان العاصمة 

_صحيح قمنذ جئت لم أرَ أي شخص يظهر عليه ملامح أهل العاصمة)

لم تقاوم الفتاة فصولها بالرد عليهم قائلة:

"إن كان الراتب هنا ضعف الراتب في المناطق الأخرى فستذهب في الإيجار والمواصلات لا أعتقد أن الأمر يستحق عناء السفر من الضواحي إلى هنا 

لترد عليها إحداهما:

_ومن قال هذا ،فهناك سكن للموظفين ليس ببعيد عن هنا وهناك حافلة تُقل الموظفين ذهاباً وإياباً أي أن زبادة الراتب لجيبك الخاص

لترد الأخرى على الأولى: “ولمَ تتكبد الشركة كل هذه المصاريف؟!!”

_لأنها معنية بجذب أكبر عدد من النخبة بغض النظر عن أوضاعهم المادية، فالكثير من المحترفين في مجال البرمجة والتسويق هم من سكان الضواحي وتحول أوضاعهم المادية عن سفرهم 

=لا بد أن هناك الكثير ممن بلائمون هذه المناصب موجودون في العاصمة 

_لا فانظري إلى تلك الفتاة ،حازت العام الماضي على ثلاث جوائز عالمية في مجال البرمجة وتمت دعوتها للعمل في أكبر الدول ممولة للبرمجة 

=ولمَ لمْ تذهب إلى هناك؟!!

_لأن عائلتها ترفض سفر الفتيات لوحدهنّ ،فهذه الشركة تمثل لها فرصة كبيرة كتلك التي جاءتها إذ أن شركات حمدان تستقبل وفوداً كثيرة سنوياً لتبادل الخبرات 

=يبدوا أنك تعلمين الكثير عنها

_أجل فقد ارتدنا نفس المدرسة الثانوية ،التقينا في المصعد وسلمت عليها لكن معرفتنا ليست بتلك القوة وهي ليست اجتماعيةً البتة   

=اه وأنتِ لأي مجال ستتقدمين اليوم؟

_التسويق ،وأنتِ؟

=البرمجة ، لكن بعد ما أخبرتني به من إنجازاتها يبدوا أنه ليس هناك فرصة لأمثالي فأنا تخرجت الأسبوع الماضي فقط وكل ما أخذته هو بعض الدورات فقط 

_لا تفقدي الأمل من قبل أن تدخلي للمقابلة ،ثم حسب ما سمعت أنهم إن رأوا أن الشخص جيد قد يقدموا له وظيفة في أحد الأفرع الأخرى وقد نوضع في قسم الشركة التي في محافظتنا 

=إذاً لمَ يكبدوننا عناء المجيء إلى هنا ،كان عليهم أن يجعلونا نتقدم في محافظاتنا وإن أرادوا أحداً فليرسلوه هنا

_هذا مستحيل فالمسؤول عن إجراء مقابلات الوظيفة هنا هو ابن رئيس الشركة حسب ما علمت وسيكون هناك بعد المقابلة امتحان عملي للبرمجة والتسويق ،فهنا مستوى التقديم عالٍ 

=اهاا، لم تقولي لي ما هي خبراتك في مجالك؟

_ليست خبرات فعلية ولكنني أعمل على الانترنت منذ كنت في السنة الثانية في الجامعة وسوقت لصالح العديد من الشركات ضمن عقود عمل مؤقتة ،هذا غير أنه لدي خمسة عشر ألف متابعاً على انستجرام

=آه المتابعين مهمين للتسويق ،ثم التفتت إلى فتاتنا وسألتها:"وأنت ما هو مجالك؟"

كادت تجيبها لولا أنه قطع حديثهم نداء السكرتير قائلاً

:"جوري عماد الأغا فلتتفضل"

فأجابتهم مسرعة “البرمجة وأعتذر منكم فهذا دوري”

تمنوا لها التوفيق بالمقابلة وذهبت لتدخل غرفة المقابلة 

اتجهت إلى غرفة المقابلة وهي تدعو في قرارة نفسها ألا يتعرف عليها ،أن يصيبه فقدان ذاكرة لا يجعله يعرفها

   ________________________________________

 

أمام مرآتها تختار ملابسها بعناية لتتجهز للخروج مع رفيقاتها لتناول الغداء، ليأتيها صوت أمها من الأسفل قائلاً:"نور ،إنه اتصال من أجلك"

لترد عليها:"ها أنا قادمة"

لتضع لمساتها الأخيرة على ملابسها، وتنزل لترد على الهاتف ليأتيها الصوت على الطرف الآخر:"أين أنت لقد تأخرت"

_ها قد جهزت مسافة الطريق وأكون عندكم

“حسناً لا تتأخري أكثر من ذلك”

وأنهت معها الاتصال ،لترتدي حذائها ،لتحدثها والدتها:"يبدوا أنك كونت صداقات بسرعة على الرغم من أننا لم نمضِ هنا وقتاً ويلاً"

_إنها صديقتي منذ زمن ،كانت قد سافرت سابقاً وقابلتها في الغربة وبقينا على اتصال على الانترنت 

=لو أن جوري اجتماعية مثلك ،ولا تحبس نفسها من المنزل إلى العمل ومن العمل إلى المنزل

_تلك آلة عمل حتى في المنزل تعمل ،لا أعلم لمَ لا تخصص وقتاً لنفسها

=اعرضي عليها أن تأتي معك إلى إحدى خروجاتك ،متأكدةٌ أنها لن تُمانع

تلعثمت وقالت:

أكيد أكيد سيعرض عليها المرة القادمة ،الآن إلى اللقاء فقد تأخرت 

ودعت والدتها وأسرعت متجهة إلى مكان لقاء صديقاتها

  ________________________________________

خرجت نور من المنزل وعدت لأكمل إعداد الغداء ،فجوري وريم على وصول ،وما هي إلا لحظات حتى سمعت صوت الباب يفتح 

_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

=وعليكم السلام يا ابنتي ،غيري ملابسك وتعالي لتساعديني في وضع الطعام لم يتبق الكثير على وصول جوري

_حاضر 

ذهبت لتغير ملابسها ونزلت بعد قليل 

_هل رأيت كيف خرجت نور؟!!

=أجل رأيتها

_وإلى متى ستبقى ترتدي هكذا؟! قلت ما أن نعود سوف تتأقلم مع الجو هنا وترتدي محتشم وأن حو الغربة لا يشجع على الملابس المحتشمة، ولكن يبدوا أنها وجدت شلةً توافقها على ماتفعله

=ليس بهذه السرعة ،ولا تتحدثي عن أختك الأكبر منك بهذه الطريقة 

_لم أقل شيئاً خاطئاً ،فملابسها قصيرة وضيقة أيضاً 

أصدرت صوت تذمرٍ فأردفت

_لا دخل لي بها ولكنني أخبرك للتذكير 

=نشكرك على هذا التذكير، هيا اذهبي وضعي الأطباق على الطاولة 

من أسوأ ما ورثته هذه الفتاة عن أبيها كثرة تدينها ،مع أن جوري ورثت نفس الشيء لكنها لا تتدخل بغيرها أما هذه فتأخذ دور الداعية   

__________________________________________

_هاي مصعب هيا لنخرج لتناول الغداء بالخارج 

=ولماذا؟

_لا بل نبقى هنا ونتغدى من بوفيه الشركة 

=وهذا الطبيعي

_هيا لا تكن مملاً لنخرج ونغير جو

=يبدوا أنك فارغٌ ولم يوكل إليك ما يكفي من عمل،سأوصّي معاذ بك جيداً

_ما بك يا هذا،أهذا كله لأنني طلبت أن نأكل بالخارج 

=وهل أنهيت ملف الصفقة القادمة؟

_لنأكل بالخارج وسيكون على مكتبك هذا المساء 

=ولمَ هذا الإلحاح، لمَ لا تخطب وترحنا منك 

_الوالدة لا تريد

=معها حق عليك أن تعقل أولاً، لا داعي لإتعاب بنات الناس معك

_ها قد بدأنا ،هيا فلتنهِ ما بيدك كي لا نتأخر ،سأنتظرك في السيارة

تركته ينهي مابيده وسبقته فليس لدي خُلق لأسمع محاضرات ،لكنني تفاجأت مما رأيت....…

 

 

 

رأيكم بالجزء؟

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

0

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة