
📖 العناد والعشق — الفصل الرابع
العناد والعشق — الفصل الرابع
مرت الأيام بعد الاجتماع الكبير اللي حضرته قمر مع ليث، نجاحهم قدام المستثمرين كان حديث الشركة كلها، لكن التوتر مازال موجود بينهم، وكأن الشرارة اللي ولدت في القاعة يومها لسه مش بتطفي، بل بالعكس، بتكبر يوم بعد يوم. قمر رجعت بيتها وقتها وقلبها مليان أسئلة، كانت بتفتكر كل نظرة من عيون ليث، نظرات مختلفة عن القسوة المعتادة، نظرات دافية خلتها تسأل نفسها: "هو فين الحدود بين العناد والعشق؟".
أما ليث، فقعد طول الليل في مكتبه، مشغول بالملفات قدامه لكن عقله سرحان، صورة قمر وهي واقفة بكل ثقة قدام المستثمرين مش سايبه باله. إزاي بنت شابة بسيطة قدرت تتحكم في الموقف بالشكل ده؟ إزاي وجودها جنبه خفف من شعور الوحدة اللي عايش فيه من سنين؟ الأسئلة دي كانت بتلف في دماغه، لكنه كالعادة بيرفض يعترف حتى لنفسه إن قلبه ابتدى يتأثر.
في صباح اليوم التالي، ليث نادى قمر لمكتبه.
هي دخلت متوترة، إيدها ماسكة دفتر الملاحظات، وهو واقف عند الشباك بيفكر. بعد لحظة طويلة من الصمت، التفت ليها وقال:
= قمر، في مشروع جديد داخل الشركة وعايزك تكوني جزء من الفريق اللي هيمسكه.
قمر اتفاجئت ورفعت عينيها بسرعة وقالت بتردد:
أنا؟ حضرتك متأكد؟ فيه ناس أكتر خبرة مني.
ليث مشى ناحيتها بخطوات هادية، وصوته مليان ثقة وهو يرد:
= أنا اخترتك مش بالصدفة. إنتي أثبتي إنك تقدرّي تتحملي المسؤولية.
القلب دق بسرعة، والارتباك ظهر في ملامحها، لكن ابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت:
حاضر، هعمل كل اللي أقدر عليه.
قبل ما تكمل كلامها، سكرتيرة ليث دخلت مسرعة وقالت إن في مشكلة جديدة: تسريب تاني لمستندات خاصة بالشركة. الخبر وقع كالصاعقة، وكل الأنظار اتجهت ناحية قسم قمر. هي اتصدمت وقالت بصوت مرتجف:
أنا ماعملتش حاجة!
ليث سكت لحظة، ملامحه جامدة لكن عينيه بترصد كل تفصيلة، وقال بصوت حازم:
= أنا ما قلتش إنك عملتي. بس لازم نتحرك بسرعة ونكشف مين اللي بيحاول يوقعنا.
الكلمات نزلت على قلبها برد وسلام، لكنها في نفس الوقت عرفت إن قدامها اختبار جديد وأصعب.
في المساء، قمر جمعت فريقها وقالت بصوت مليان قوة لأول مرة:
اللي بيحصل ده مش بس بيهدد الشركة، ده بيهدد مستقبلنا كلنا. لازم نكون يد واحدة ونلاقي مين اللي بيخون الثقة دي.
الكل اتفاجئ من شجاعتها، والعيون اتجهت ليها بانبهار. ليث كان واقف بعيد بيتابع، ملامحه هادية لكن جواه إعجاب ما قدرش يخفيه. هو مش متعود يشوف قمر بالصلابة دي، المشهد خلاه يعترف جوا نفسه إنها مش مجرد موظفة… دي بقت جزء من حياته من غير ما يحس.
الليل جه، وليث وهو راجع بيته افتكر كل كلمة قالتها، وكل خطوة خطتها بثقة. ابتسامة صغيرة ظهرت على وشه وهو يتمتم لنفسه:
= قمر… إنتي مختلفة فعلًا.
أما قمر، فقعدت على سريرها ودماغها مشغولة بيه. عينيها وقعت على دفترها اللي مليان ملاحظات عن الشغل، لكنها ماقدرتش تمنع نفسها من التفكير فيه. دمعة صغيرة نزلت من عينها وهي تهمس لنفسها:
يا ترى هو بيحس بيا زي ما أنا حاسة بيه؟
الصراع بين العقل والقلب بدأ يبقى أوضح، العناد اللي في شخصيته بيخليه يبعد، لكن كل لحظة بتجمعهم بتقربهم أكتر. هي مش عارفة إن نفس السؤال بيطارد ليث، وإنه هو كمان بيقاوم إحساس بيتسلل ليه غصب عنه.
الليل عدى، لكن المشاعر فضلت مشتعلة، والعناد فضل حائط واقف، والسؤال بقى أوضح: هل العشق هيقدر يكسر جدار العناد؟
