انفجار الضحكة و صباح النحس

انفجار الضحكة و صباح النحس

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

صباح الكوارث الصغير

كان يوم "سعيد" (وهو ليس سعيدًا على الإطلاق) قد بدأ للتو. سكب سعيد قهوته على بدلته الوحيدة النظيفة، ثم اكتشف أن قطته، التي تحمل اسم "نيوتن" (لأنها لا تتبع قوانين الجاذبية أبدًا)، قد قرضت سلك شاحن الحاسوب. تنهد سعيد بعمق، مؤمنًا أن هذا اليوم وُلد ميتًا وأن مهمته الوحيدة هي النجاة منه. كان الحزن واليأس يلفانه كبطانية صوف قديمة. لم يستطع حتى تذكر سبب حزنه تحديدًا، ربما كان حزينًا لأن القهوة سُكبت.

 رحلة البحث عن “الضحكة”

قرر سعيد أن يتحدى هذا النحس. لن يستسلم! لكن كيف؟ الضحك! فكرة بسيطة ولكنها صعبة المنال. فتح هاتفه وبدأ ببحث محموم: "فيديوهات قطط مضحكة"، "فشل البشر في الأمور البسيطة"، "لماذا الحياة عبارة عن نكتة سيئة؟". كل ما وجده كان إعلانات طويلة لمنتجات لا يحتاجها وعروضًا لمسلسلات درامية حزينة. أدرك أن محاولة البحث عن الفرح بحد ذاتها كانت مصدر حزن إضافي.

 المأزق التقني غير المتوقع

في خضم إحباطه، تلقى سعيد رسالة من مديرته الغاضبة تطلب منه ملفًا عاجلاً. هرع إلى الحاسوب المشؤوم محاولاً إيقاظه رغم سلك الشاحن المقطوع. تذكر فجأة أن لديه جهاز شحن قديم من التسعينيات، ذو وصلة ضخمة تكاد تخرج من شاشة الحاسوب. جلب سعيد الشاحن، لكنه لم يتذكره بشكل جيد. بدا كشيء من فيلم خيال علمي فاشل.

لحظة العبقرية الحمقاء

أوصل سعيد الشاحن الضخم بالحاسوب بصعوبة بالغة. الضوء الأخضر اشتعل! لقد نجح! وقف منتصرًا لثانية، ثم بدأ الحاسوب بالصراخ. لا أقصد صوتًا عاديًا، بل صراخًا بشريًا مكتومًا يخرج من السماعات. سعيد تجمد. كانت الرسالة مكتوبة على الشاشة بخط أحمر كبير ومرعب: “جهازك يطلب النجدة. هذا الشاحن يعمل بجهد كهربائي من كوكب آخر.”

الكشف عن الـ “ضحكة الواحدةimage about انفجار الضحكة و صباح النحس

شعر سعيد بالرعب الممزوج بالجنون. من يضع صوت صراخ داخل رسالة خطأ تقنية؟ وبينما كان يفكر في ذلك، انتبه إلى أن الصورة التي تظهر في شاشة التوقف لم تكن قطته نيوتن، بل قطة غريبة ترتدي نظارات شمسية عملاقة وتومئ له. عندها فقط، أدرك الحقيقة. لم يكن هذا حاسوبه! بل كان حاسوب جارته "سناء"، المهووسة بالدعابات التقنية. كان قد أخذ جهازها عن طريق الخطأ.

انفجار الفرح الهستيري

تحوّل الرعب إلى صدمة، والصدمة إلى موجة ضحك هستيرية. لقد كان يلوم الكون والقدر ونيوتن، بينما هو ببساطة أخطأ في جهاز الحاسوب. انفجر سعيد ضاحكًا بأعلى صوته، ضحكة صافية اهتزت لها جدران الشقة. كانت تلك هي "الضحكة الواحدة" التي حطمت سد الحزن. كان الأمر كوميديًا لدرجة أنه لم يعد يهتم ببدلته الملطخة أو قطته أو حتى المدير الغاضب. كان مجرد خطأ سخيف، وكم كان هذا الخطأ مريحًا!  

نهاية اليوم المشرقة

اتصل سعيد بالمديرة واعتذر عن التأخير، شارحًا (باقتضاب ودون ذكر الصراخ) مشكلة خلط الأجهزة. ثم عاد ليحتسي كوبًا آخر من القهوة، لكن هذه المرة جلس بجوار نيوتن، الذي كان يرتدي خلسة نظارات سعيد الشمسية. أدرك سعيد أن سر السعادة ليس في تجنب الكوارث، بل في تحويلها إلى نكتة. رفع كوبه وابتسم: "لصحة الأخطاء السخيفة، إنها أفضل من أي حكمة." لقد تحول اليوم من "صباح الكوارث" إلى "مساء الكوميديا".

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

20

متابعهم

9

متابعهم

2

مقالات مشابة
-