جزء التالت من غرفه ١٣
🕯️ رواية: الغرفة رقم ١٣ — الجزء الثالث
“الوجوه التي لا تنام”**
كنت فاكرة إن أقصى حاجة ممكن تحصل لي هي إن انعكاسي يظهر قبل ما أتحرك بثانية…
لكن اللي شوفته بعد كده خلاني أتمنى إن ده بس يكون أسوأ ما في الموضوع.
اليوم اللي بعد ما رجعت الممر الغريب، لقيت نفسي واقفة قدّام نفس الباب القديم،
نفس الباب اللي عليه الرقم ١٣…
بس المرة دي كان مفتوح نص فتحة كأنه بيستنّاني.
اترددت، قلبي كان بيدق بسرعة مش طبيعية،
بس حسيت إن لو ما دخلتشش، هفضل معلّقة بين عالمين من غير ما أعرف أنا مين.
دخلت.
الغرفة كانت مختلفة.
مش هي اللي شفتها أول مرة…
كانت أكبر، جدرانها لونها رمادي خفيف، وعلى كل جدار في خطوط طويلة كأن حد كان بيحاول يرسم طريق هروب ومش عارف يكمّله.
المراية اللي كانت قدامي دايمًا اختفت، وبدالها كان في ثلاث مرايات جنب بعض، كل واحدة فيهم بعرض الباب.
الأغرب؟
ولا واحدة فيهم كانت بتعكسني.
وقفت قدّام أول مراية.
كانت فاضية كأن مفيش حد.
مش شايفة أي شيء…
بس فجأة ظهر ضباب خفيف على السطح، وبعدين ظهرت كلمة مكتوبة بخط متعرّج:
> “الأولى: وجه الماضي.”
ابتلعت ريقي، ورحت للمراية التانية.
بردو مفيش انعكاس، لكن الكلمة اللي ظهرت كانت مختلفة:
> “الثانية: وجه لم يولد بعد.”
حسّيت إن رجليا بتتهز من الخوف، بس كملت.
ووقفت قدّام آخر واحدة…
المراية التالتة كانت بتلمع بشكل غريب، كأنها نافذة مش مجرد زجاج.
وبعد ثواني ظهرت جملة:
> “الثالثة: الوجه الذي يحاول أخذ مكانك.”
رجَّعت خطوتين لورا.
كنت عارفة مين المقصود…
النسخة اللي خرجت من المراية يوم ما كسرت الزجاج.
النسخة اللي.. بتاخد حياتي.
وقبل ما ألحق أتنفّس، الباب اتقفل ورايا بصوت مكتوم.
النور اتخنق، وبقى فيه ضوء خفيف جاي من تحت المرايات بس.
الغرفة بردت بشكل مؤلم، وكل صوت نبضي بقى عالي كأنه صدى في بئر.
فجأة، المراية الأولى نورت.
مش بنور…
بـ مشهد.
كنت أنا، صغيرة، يمكن عندي ٨ سنين، واقفة قدّام مراية قديمة في بيت جدتي.
كنت بضحك، لكن انعكاسي ما كانش بيضحك…
كان بيتحرّك بعدي، نفس اللي بيحصل دلوقتي،
بس ساعتها محدش لاحظ.
فهمت:
الموضوع مش جديد.
هو بيلاحقني من طفولتي.
المشهد اتقفل فجأة، وظهر سطر جديد:
> “الانعكاس الأول… هو الأقدم.”
المراية التانية اشتغلت.
كانت فاضية…
وبعدين ظهرت غرفة غريبة، كلها بياض في بياض،
وفي نصها طفلة صغيرة، بس مش شبه أي طفلة.
ملامحها هادية زيادة، وعيونها واسعة من غير رمش.
كانت قاعدة على الأرض، بتلعب بحاجة شبه ظل…
وبصت لي فجأة، كأنها شايفاني من خلالها.
كتبت المراية:
> “الوجه الذي لم يولد… ينتظر.”
ما لحقتش أعمل حاجة، المراية التالتة نورت.
وهنا قلبي هرب فعلاً.
لأن اللي ظهر فيها… كان أنا.
بس مش أنا اللي واقفة.
أنا اللي لابسة هدومي اللي كنت لابسها الصبح.
وشّي ثابت، وعيني ما بترمش، كأنها صورة…
بس الصورة اتكلمت:
> “رجعي مكاني.”
صرخت.
خطوة… خطوة… كانت بتقرب من جوّا المراية كأن الزجاج مجرد باب.
مدّت إيديها ناحية السطح، والسطح اتحرك… زي الميّة.
لو كملت خطوة واحدة، كانت هتخرج تاني.
جريت ناحية الباب.
مقفول.
جريت ناحية الجدار.
ما فيش أي شيء.
فضلت أبكي وأخبط بإيدي على الحيطة.
بس صوت هادي طلع من المرايات الثلاثة مع بعض:
> “الوجه الذي لا ينعكس… موقعه خاطئ.
الاختلال لازم يتصلّح.”
حسّيت بالأرض بتتهز.
الغرفة بقت زي ما تكون بتتنفّس.
المرايات الثلاثة بقت بتقرب مني، مش ثابتة على الحيطة.
اتجمّعت حواليا كأنها دايرة.
وبعدين…
كل حاجة اتجمدت.
صوت واحد بس اتكلم،
مش صوتي، مش انعكاسي…
صوت غريب، عميق، كأنه جاي من جوّا الجدران:
> “الاختيار.”
اتفتحت فجوة صغيرة في الأرض.
زي باب، لكن للظلمة.
ظهر فوقها نص مكتوب على الأرض:
> “اختاري:
الوجه الذي سيُعاد…
والوجه الذي سيبقى.”
نظرت قدّامي.
ثلاث وجوه.
ثلاث احتمالات.
واحدة كانت أنا الطفلة.
واحدة كانت الطفلة اللي مش مفهومة.
وواحدة… كانت النسخة اللي خارجة تاخد مكاني.
إيديا كانت بتترعش.
مخي واقف.
لو اخترت غلط…
ممكن أختفي للأبد.
قربت المرايات مني أكتر.
حسّيت كأن الهواء اتحول ليدين بتدفعني أختار.
بس قبل ما ألمس أي مراية…
ظهر انعكاسي الحقيقي.
مش المزيّف.
مش اللي خرج.
أنا — الباقية.
قالت لي بصوت هامس:
> “إحنا مش لازم نختار.”
ولأول مرة، انعكاسي اتحرك معايا مش قبلي.
مدّت إيدها ونحّت المراية التالتة بعيد عني.
اتكسرت الدايرة.
الغرفة اهتزّت بعنف،
والنور كله طفى،
وبعدين نور واحد ظهر…
باب جديد.
رقمه ١٣ — لكن مقلوب.
وقبل ما أعرف أنا واقفة قدامه ليه…
اتفتحت المرايات كلها وسمعت صوت واحد:
> “بدأ الدور الجديد.”
ولقيت نفسي بتتشال من مكانها…
مش بإيد،
بشدّ خفيف كأن الهوى بيجذبني ناحية الباب.
لما وصلت للباب،
سمعت صوت انعكاسي يقول:
> “الليلة اللي جايّة… مش هتكون زي أي ليلة.”
ومجرد ما حضرت أقرب من الباب،
الضلمة بلعتني بالكامل.