✴️ الجزء الثامن من رواية “أنفاس لا تُرى” — غرفة الرخام المفقودة… الحقيقة التي لا تُقال

✴️ الجزء الثامن من رواية “أنفاس لا تُرى” — غرفة الرخام المفقودة… الحقيقة التي لا تُقال

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

✴️ الجزء الثامن من رواية “أنفاس لا تُرى” — غرفة الرخام المفقودة… الحقيقة التي لا تُقال

image about ✴️ الجزء الثامن من رواية “أنفاس لا تُرى” — غرفة الرخام المفقودة… الحقيقة التي لا تُقال

 

 

مقدمة

في هذا الجزء تبدأ الصورة تتضح، لكن وضوحها لا يجلب الطمأنينة… بل يكشف حجم الخطر. هنا تبدأ سلمى في فهم ما كان ياسين يخفيه عنها، وما سر المطاردات التي لا تنتهي، وما السبب الحقيقي وراء تحوّل حياتهما إلى صراع مفتوح مع جهة مجهولة. هذا الجزء يقترب بالقصة من ذروتها… ومن القرار الذي سيغير مصيرهما للأبد.


المحتوى _ الجزء الثامن _ غرفة الرخام المفقودة… الحقيقة التي لا تُقال

الجزء الثامن

لم يكن الوصول إلى مخزن الرخام سهلاً.
فالطريق إليه يمرّ بمنطقة صناعية شبه مهجورة، تمتد فيها الشوارع بلا إنارة، وكأن الظلام اختار أن يعيش هنا مستقلاً عن المدينة.
كانت سلمى تتحرك وسط صمت ثقيل، لا يقطعه إلا صوت احتكاك الرياح بالألواح المعدنية القديمة فوق المباني.

كانت ترتجف… لكن ليس خوفًا هذه المرة.
بل من الإحساس بأن الحقيقة أصبحت قريبة بما يكفي لتلمسها.

وقفت أمام بوابة المخزن.
بوابة صدئة، عالية، وعليها نقش قديم بالعربية:
"مصنع رخام النور – تأسس 1952".

دفعت البوابة، فصدرت صرخة معدنية مزعجة، كأن المكان يحتج على عودتها إليه.
دخلت ببطء، حواسها كلها متحفزة.
الداخل كان مظلمًا، إلا من ضوء خافت يتسلل من نوافذ محطمة.

خطت خطوة… ثم ثانية… ثم سمعت صوتًا.

— "سلمى؟"

تجمدت.
هذا الصوت…
تعرفه كما تعرف نبض قلبها.

— "ياسين؟"

وانطلقت نحو مصدر الصوت كمن يركض نحو الحياة نفسها.
كان يقف في ركن مظلل، قميصه ممزق من الكتف، وعلى وجهه جرح صغير.
لكن عينيه… كانتا ثابتتين، ممتلئتين بالتعب والخطر والاشتياق.

اقتربت منه بسرعة، ووضعت يديها على وجهه كأنها تتأكد أنه حقيقي.

— "إنت بخير؟ فين اختفيت؟ مين الناس اللي بيطاردونا؟!"

لم يجب.
بل أمسك بيدها، وشدّها خلف أحد الحوائط الرخامية الضخمة.

— "مافيش وقت. هما جايين. لازم تسمعي كل حاجة دلوقتي."

كانت أنفاسه متسارعة، وصوته منخفضًا كمن يخاف أن يسمعه جدار.

— "عارفة القضية اللي كنت بشتغل عليها قبل ما أسيب الشغل؟"

أومأت بسرعة، فقد حدثها عنها يومًا، لكنها لم تكن تعرف تفاصيلها.

— "القضية دي مش جريمة عادية. دي شبكة كبيرة بتتاجر في بيانات الناس، بيسجلوا مكالماتهم، تحركاتهم، حساباتهم البنكية… كل حاجة. وأنا كنت قريب أووي إني أفضحهم."

تنفست بحدة.
لم تتوقع أن يكون الأمر بهذا الحجم.

— "بس إيه علاقتي أنا؟ ليه بيطاردوني أنا؟"

نظر إليها نظرة طويلة… نظرة مؤلمة.

— "لأنهم عرفوا إن نقطة ضعفي… إنتي."

شعرت بقلبها يهبط في صدرها.
لم تكن تتخيل أن حبًا بدأ صدفة في مقهى صغير يمكن أن يتحول إلى سبب مطاردة بهذا الحجم.

— "ياسين… أنا…"

قاطعها صوت خارجي.
وقع أقدام… وأصوات أجهزة لاسلكي.

اقترب الخطر.

قبض ياسين على ذراعها.

— "اسمعيني بسرعة. أنا مخبّي نسخة من الملفات اللي تفضحهم هنا… في غرفة الرخام اللي تحت المخزن. لو لقيناها… نقدر نساومهم. مش هيقربوا لنا تاني."

— "طب ننزل دلوقتي؟"

هز رأسه.

— "لازم. دلوقتي وإلا مش هنلحق."

تحركا بسرعة، يمران بين ألواح الرخام كأنها متاهة صامتة.
وفي أحد الأركان، وجد ياسين بابًا صغيرًا مخفيًا خلف لوح رخام ضخم.

دفعه… فانفتح على درج ينزل إلى أسفل.
كانت رائحة التراب والرطوبة تملأ المكان.

نزلت سلمى خلفه، بينما صوت الأقدام فوق رأسيهما يقترب.

وصلوا إلى غرفة أسفل المخزن، صغيرة، سقفها منخفض، وبها خزانة حديدية قديمة.

فتح ياسين الخزانة بمفتاح كان معلقًا في سلسلة حول عنقه.
وبداخلها…
ملف كبير، وعليه ختم جهة أمنية.

— "الملفات دي هتغيّر كل حاجة يا سلمى. بس لازم نهرب بيها قبل ما يوصلوا."

وفجأة…

انطفأ الضوء.
ظلام دامس.
وصوت رجل من الأعلى يقول:

— "يا ياسين… اللعبة خلصت."

تجمدت سلمى.
وتجمد ياسين بجوارها.

— "إنتي وراه، صح؟"
كان الصوت قريبًا جدًا، كأن صاحبه على بعد خطوات.

مدّ ياسين يده في الظلام، باحثًا عن يدها.
ولما وجدها، قبض عليها بقوة.

— "مهما حصل… ماتسيبينيش."

لم تستطع الرد.
لكنها شدّت على يده هي الأخرى.

وفجأة، لمع ضوء كشاف من اتجاه السلم… وظهر ثلاثة رجال مسلحين.

صرخ ياسين:
— "اجرييي!!"

شدّ سلمى من يدها، وانطلقا نحو باب جانبي لم تتبيّن وجوده إلا عندما دفعها نحوه.
فتح الباب بقوة، وخرجا إلى ممر ضيق يؤدي إلى خارج المخزن.

أصوات الطلقات بدأت تدوي.
رصاص يخترق الجدران، وسحب تراب تتطاير حولهما.

ركضا بلا توقف، أنفاسهما متقطعة، والليل أمامهما مفتوح وكأنه يبتلع كل شيء.

وعندما وصلا إلى طريق خلفي مظلم، توقف ياسين فجأة، وأسند يده إلى الحائط وهو يلتقط أنفاسه.

نظر إليها بعينين ممتلئتين بالفوضى والخوف والحب.

— "القصة دي لسه مخلصتش… بس أوعدك، النهاية هتبقى سعيدة. غصب عنهم."

ثم ابتسم… ابتسامة صغيرة لكنها كافية لتزرع داخلها شجاعة جديدة.

في تلك اللحظة…
عرفت سلمى أنها لن تهرب بعد الآن.

ستقاتل معه… حتى النهاية.

يتبع في الجزء التاسع … 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Aya Abdalkarim Pro تقييم 4.97 من 5.
المقالات

161

متابعهم

112

متابعهم

366

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.