✴️ الجزء التاسع: من رواية “أنفاس لا تُرى” — مفترق الغياب… وخيانة غير متوقعة

✴️ الجزء التاسع: من رواية “أنفاس لا تُرى” — مفترق الغياب… وخيانة غير متوقعة

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

✴️ الجزء التاسع: من رواية “أنفاس لا تُرى” — مفترق الغياب… وخيانة غير متوقعة

image about ✴️ الجزء التاسع: من رواية “أنفاس لا تُرى” — مفترق الغياب… وخيانة غير متوقعة

 

 

مقدمة

بعد هروب ياسين وسلمى من المخزن، تبدأ مرحلة أكثر خطورة، حيث لا يواجهان فقط شبكة تُخفي جرائم ضخمة، بل يواجهان الحقيقة التي حاولت أن تظل مختبئة لسنوات. في هذا الجزء تتضح خيوط جديدة، وتظهر شخصية لم يتوقعا وجودها… شخصية تغيّر قواعد اللعبة كلها.


المحتوى _ الجزء التاسع _ مفترق الغياب… وخيانة غير متوقعة

الجزء التاسع

لم يكن الهروب من المخزن نهاية المطاردة… بل بدايته الحقيقية.
فبعد أن ركضا لمسافة طويلة، توقف ياسين عند مبنى قديم مهجور، كان يبدو كأنه على وشك السقوط. دفع الباب الخشبي بكتفه، ودخل بصعوبة بينما كانت سلمى تلهث خلفه.

المكان بارد، والغبار يغطي الأرض، وصوت الرياح يعوي من النوافذ المكسورة.
لكن ياسين كان يتصرف وكأنه يعرفه جيدًا.

— "إحنا هنستخبى هنا شوية… بعد كده نتحرك."

وقفت سلمى مقابله، يداها ترتجفان.
— "إلى متى هنفضل نهرب؟! ومن الناس دول؟ وليه كل دا؟"

تردد ياسين لحظة، ثم قال:
— "زمان… قبل ما قابلِك بكتير… كنت شغال في وحدة تحقيق سري. كنا بنجمع ملفات فساد ضد مسؤولين كبار. بس حصل اختراق، وتعامل حدّ من جوه مع الشبكة اللي شفتيهم."

سكت لحظة.
— "بمعنى أدق… اتبعت."

شعرت سلمى بسكين من الصدمة ينغرس في قلبها.
— "يعني حد قريب منك؟"

هز رأسه.
— "حد كنت فاكره أخويا."

لم يكن لديها وقت للسؤال.
لأن فجأة…
سمعا خطوات في الخارج.
خطوات ليست عشوائية.

اقترب صوت رجل:
— "عارف إنك هنا يا ياسين… اطلع بدل ما نقتحم."

تجمدت سلمى.
لكن ياسين همس بسرعة:
— "اختبّي ورا العمود… ماتطلعيش غير لما أقول."

دقات قلبها كانت عالية لدرجة شعرت أنها ستفضحها.
اختبأت خلف عمود حجري كبير ووضعت يدها على فمها.

دخل الرجال، خمسة، أسلحتهم موجهة في كل اتجاه.
وأمامهم… دخل رجل آخر، كان طويل القامة، شعره مرتب بعناية… وله نفس ملامح الثقة التي يملكها ياسين.

تجمدت عينا سلمى حين رأت ياسين يهمس:
— "مالك…"

كان “مالك” هو صديق ياسين القديم… صديق الطفولة.
الشخص الذي كان ياسين يذكره دائمًا كأخ لم تلده أمه.

لكن الآن… كان يقف بين رجال الشبكة.

ابتسم مالك بسخرية.
— "ما كنتش أتمنى أوصل لدا… بس إنت سببتلي مشاكل كتير. الملفات اللي سرقتها من الشبكة هتوقعك… وهتقلب الدنيا علينا."

رد ياسين بحدة مكبوتة:
— "أنا سرقت؟ أنا اللي كنت بصلّح غلطكو! أنت بعت كلنا… حتى قسمنا… حتى البلد اللي بتدّعي إنك بتحميها."

أطلق مالك ضحكة قصيرة.
— "حماية؟ في الزمن دا… اللي يلعب اللعبة يكسب. واللي يقف ضدها ينداس."

تدخل أحد الرجال:
— "هو معاه النسخة الاحتياطية فين؟"

نظر مالك حوله.
— "هو مش لوحده… سلمى معاه. وأنا عارف إنه مستحيل يسيبها."

ارتعش قلبها.
هل يعرف أنها هنا؟

وبينما الرجال يفتشون المكان، تقدم مالك بخطوات بطيئة، كأنه يبحث في الهواء.
ثم قال بصوت منخفض لكنه مسموع تمامًا:

— "عارف إنك سمعاني يا سلمى. خلي بالك… ياسين مش قالك كل حاجة."

شعرت كأن الأرض سقطت من تحت قدميها.

لاحظ ياسين ارتباكها رغم أنها مختبئة، فصرخ:
— "مالك! ابعد عنها. أنت مالكش حق تجيب سيرتها!"

ابتسم مالك ببرود.
— "ليه؟ لأنها الحقيقة اللي بتخاف منها؟ ولا لأنها سبب ضعفك؟ ولا لأنك…"

وهنا تغير وجهه ونبرة صوته.
— "ولا لأنها بنت الراجل اللي قتلوه بنفسك من خمس سنين؟"

الهواء تجمّد.
الأرض توقفت عن الدوران.
سلمى شعرت بأن قلبها توقف.

خرجت من مخبئها كأنها تُسحب بقوة لا تُقاوم.

— "مالك… إنت بتقول إيه؟!"

نظر مالك إليها ورفع حاجبه باستهزاء.
— "أه… انتي ما تعرفيش؟"

التفتت إلى ياسين بصدمة:
— "ياسين… إيه دا؟!"

تراجع خطوة، عيناه تسقطان أرضًا.
— "سلمى… اسمعيني… الموضوع مش زي ما بيقوله."

صرخت:
— "هو قال إنك قتلت بابايا!"

رد مالك بسرعة:
— "أيوه… والدِك يا سلمى… كان ضمن القضية دي. كان شاهد مهم. وياسين هنا… كان جزء من العملية. لكن العملية اتقلبت… والرصاص أصاب اللي ماكنش مفروض يصيبه."

الهواء صار ثقيلًا… أثقل من كل ما مرّت به.

كانت عيناها تدمعان… تتوهان… تبحثان عن معنى.
— "ياسين… قولّي إنه بيكدب…"

تقدم خطوة، وارتعشت شفتاه.
— "ما قتلتوش… أقسم بالله ما قتلتوش. العملية كانت فوضى… والكمين اتضرب. حاولت أنقذه… كنت ماسك إيده وهو بينزف… حاولت…"

لكن صوته اختنق.

سلمى تراجعت للخلف، كأن الألم يدفعها بعيدًا عنه.
قلبها كان يصرخ… عقلها ينهار…
كل الذكريات تنهار فوق بعضها.

لكن لم يكن هناك وقت للبكاء.
لأن مالك قال بصوت بارد:
— "خلاص. اللعبة انتهت. خدوهم."

رفع الرجال أسلحتهم.

وفجأة…
سمع الجميع صوتًا قويًا ينفجر خارج المبنى، ثم دخان كثيف يملأ المكان، وصوت شخص يصرخ:

— "ياسين! انزل!"

كانت سيارة سوداء تقتحم نصف المدخل، وسائقها يصرخ من الداخل.

استغل ياسين الفوضى، أمسك بسلمى بقوة، وجذبها نحو باب جانبي.

صوت الرصاص ملأ المكان.
صوت الصراخ.
صوت مالك وهو يصرخ:
— "هاتوه! هاتوهم هما الاتنين!!"

ركضا خارج المبنى، والدخان خلفهما يغطي كل شيء.
كانت سلمى تلهث، تبكي، ترتجف… لكن ياسين لم يترك يدها لحظة.

وعندما وصلا إلى السيارة السوداء، فتح السائق الباب لهم.
لكن قبل أن يدخلوا، قالت سلمى بصوت مكسور:

— "ياسين… أنا… ماعدتش عارفة أصدق مين."

نظر إليها بدموع حقيقية لأول مرة.
— "بس صدّقيني في دي… أنا عمري ما كنت هأذيكي. ولا عمره كان المفروض أبوكي يموت."

ثم قال بصوت منخفض كأنه يكتب قسمًا جديدًا:
— "وهثبتلك."

دخلت السيارة…
لكن قلبها لم يدخل.
ظل واقفًا في العاصفة.

والسيارة انطلقت نحو المجهول…
ووراءهما تركوا جزءًا آخر من الحقيقة…
وجزءًا آخر من الألم.

يتبع في الجزء العاشر والأخير …

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Aya Abdalkarim Pro تقييم 4.97 من 5.
المقالات

161

متابعهم

112

متابعهم

366

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.