✴️ الجزء العاشر والأخير: من رواية “أنفاس لا تُرى” — النهاية التي تُكتب بالنجاة… لا بالصدفة
✴️ الجزء العاشروالأخير: من رواية “أنفاس لا تُرى” — النهاية التي تُكتب بالنجاة… لا بالصدفة

مقدمة
بعد الصدمة الكبرى التي اكتشفتها سلمى، وبين المطاردات والرصاص والحقيقة التي أُخفيت لسنوات، يصل ياسين وسلمى إلى اللحظات الفاصلة التي ستقرر مصيرهما. هل سيُثبت ياسين براءته؟ هل ستسامحه سلمى؟ وهل ستسقط الشبكة التي سيطرت على كل شيء؟
هذا الجزء هو المعركة الأخيرة… والخطوة التي ستقود إلى النهاية السعيدة التي يستحقانها.
المحتوى _ الجزء العاشر والأخير _ النهاية التي تُكتب بالنجاة… لا بالصدفة
الجزء العاشر والأخير
كانت السيارة السوداء تشق الطريق بسرعة جنونية، والمدينة حولهم تتحول إلى خطوط ضوئية مشوهة.
جلس ياسين بجوار سلمى، يده ثابتة على يدها رغم ارتجاف أصابعها.
أما السائق—الذي لم تَرَ وجهه بعد—فكان يقود بثقة رجل يعرف المخاطر جيدًا.
— "مين دا…؟"
سألت سلمى بصوت منخفض، كأن صوتها خائف من نفسه.
التفت السائق أخيرًا، وبدا شابًا في الثلاثينيات، بملامح حادة وهدوء غريب.
— "أنا رامي. كنت شغال مع ياسين قبل العملية اللي قلبت كل حاجة."
قال ياسين بسرعة:
— "رامي هو الشخص الوحيد اللي ماخنش. كان فاكرني ميت لحد ما ظهرّت تاني."
ابتلعت سلمى غصتها، بينما عقلها لا يزال يركض في اتجاه آخر:
أبيها…
الرصاص…
ياسين…
لكن لم يكن هناك وقت للغرق في الألم؛ فصوت رسالة دخلت هاتف رامي قطع الصمت.
قرأها بسرعة ثم قال:
— "مالك عرف طريقنا. لازم نروح المكان اللي اتفقنا عليه."
سأله ياسين:
— "أكّدت النسخة؟"
هز رامي رأسه:
— "آه. الملفات كلها اتحولت على السيرفر الدولي. مافيش قوة في البلد تقدر توقف نشرها لو حصلت حاجة لحد فينا."
أحسّت سلمى بقشعريرة.
هذه الملفات ليست مجرد أوراق… بل قنابل حقيقة.
توقفوا أمام مبنى ضخم متروك على أطراف المدينة.
نزل الثلاثة بسرعة.
— "إيه المكان دا؟"
سألت سلمى.
أجاب رامي:
— "المواجهة الأخيرة."
دخلوا إلى الطابق العلوي، حيث كانت غرفة واسعة بها نوافذ محطمة تطلّ على المدينة.
وضع رامي اللابتوب على طاولة مهترئة، وبدأ يفتح الملفات.
ظهرت صور… تسجيلات… إيصالات بنكية… مكالمات مسربة…
كل شيء يكشف فساد الشبكة ومن يقف خلفها.
وقف ياسين بجوارها وقال بصوت منخفض:
— "النهارده… هيسقطوا كلهم."
لكن قبل أن ترد، دوّى صوت طَلقات نارية في الخارج.
التفت رامي نحو الباب صارخًا:
— "وصلوووا!"
اندفع الرجال المسلحون إلى الداخل، يتقدمهم مالك…
صديقه السابق.
عدوّه الحالي.
— "ما توقعتش إنكم تبقوا أغبيا للدرجة دي."
قال مالك بسخرية.
ثم نظر إلى سلمى:
— "ولسه واقفة معاه؟ بعد ما عرفتي إنه السبب في موت أبوكي؟"
رفعت سلمى رأسها، ومسحت دمعة انحدرت رغمًا عنها.
لكنها لم تعد نفس سلمى قبل يومين…
الآن صارت أقوى مما تظن.
— "أبويا مات بسببكم كلكم… مش بسبب ياسين. ولو كنت صادق… كنتم جبتوا دليل. لكن أنت معندكش غير السمّ اللي اتعودت تنفخه."
اتسعت عينا ياسين بالدهشة من شجاعتها.
أما مالك، فابتسم ابتسامة قصيرة… خطيرة.
— "تمام. خلّونا ننهى اللعبة."
رفع يده، فأشهر الرجال أسلحتهم.
لكن في اللحظة نفسها…
أطفأ رامي الأنوار.
غرق المكان في الظلام.
— "انبطحوا!"
صرخ ياسين وهو يسحب سلمى أرضًا.
اندلعت فوضى:
صوت رصاص، صرخات، خطوات متسارعة، زجاج يتساقط.
في الظلام، تحرك ياسين كمن يعرف المكان مسبقًا.
ركل أحد المسلحين، انتزع سلاحه، ثم سحب سلمى نحو زاوية خلفية.
— "سلمى… هتقفي هنا. ما تتحركيش."
قالها بلهجة قاطعة.
— "لا… مش هسيبك!"
صرخت.
— "آخر مرة حصل دا… فقدتِ أبوكي. المرة دي… مش هفقدك أنا."
لم تعرف كيف ردّت دموعها… ولا كيف سكن خوفها.
استمر تبادل إطلاق النار دقائق بدت كساعة.
وفي لحظة حاسمة…
اشتعل ضوء قوي في وسط القاعة، كشف كل شيء.
كان رامي قد شغّل الكشاف الكبير المثبت في السقف.
وفي الضوء، ظهر مالك خلف عمود، يصوب سلاحه نحو ياسين.
صرخت سلمى:
— "ياسيييييييين!!!"
التفت ياسين… لكن مالك ضغط الزناد.
وفي آخر جزء من الثانية…
اندفع رامي من الجانب، ودفع ياسين أرضًا.
اخترقت الرصاصة كتف رامي، فسقط متألمًا.
صاح ياسين وهو ينهض:
— "راااامي!"
اندفع نحو مالك، وتقاتلا بشراسة…
لكمات… سقوط… صراع بين صديقين صار بينهما دم وعداوة.
وفي النهاية…
تمكّن ياسين من طرح مالك أرضًا وإمساك سلاحه.
رفع مالك يديه مستسلمًا، لكن عينيه بقيتا متحديتين.
— "حتى لو قتلتني… الشبكة مش هتقع."
ابتسم ياسين بمرارة:
— "مافيش داعي أموتك. الملفات بالفعل انتشرت."
أشار رامي—الذي كان جالسًا وهو ينزف—إلى اللابتوب الذي يعرض رسالة:
"تم الرفع بنجاح إلى ثلاث جهات دولية."
جلس مالك أرضًا… لأول مرة منهزمًا.
خرجت سلمى من مخبئها، وركضت نحو ياسين.
احتضنته بقوة، كأن العالم كله اختفى حولهما.
— "أنا آسفة إني شكّيت فيك…"
قالتها وهي تبكي.
مسح دموعها بإصبعه.
— "أنتي الوحيدة اللي ماستحملش شكّها."
ضحكت من بين دموعها.
— "طب… وإحنا؟"
ابتسم أخيرًا… ابتسامة صافية.
— "إحنا… بدأنا بالصدفة، وخضنا حرب… وهنكمل مع بعض للآخر."
ثم نظر في عينيها بصدق كامل.
— "أنا بحبك يا سلمى."
وضعت يدها على صدره.
— "وأنا… بحبك من قبل ما أعرف اسمي."
بعد أسابيع…
سقطت الشبكة، قُبض على كبار المسؤولين، أُعيد فتح قضية والد سلمى، وثبتت براءة ياسين.
أما رامي، فخرج من المستشفى، وكان أول من حضر حفل خطوبة سلمى وياسين في بيت بسيط مليء بالضحك والفرح.
وقفت سلمى تخطب في الضيوف:
— "الحب اللي يتخلق وسط الخطر… بيعيش أكتر من اللي يتخلق وسط الأمان."
نظر إليها ياسين بعينين فيهما كل الشكر والعمر.