رواية بعنوان قدري

قدري 
اه من قلب مهموم كسره هم الزمان وتلوع

حكايتي عن فتاة كيتيمة الدهر رغم أن والداها حيَّان وهذه الفتاة "قَدر". 

 ولدت سنة 1999 في مستشفى في إحدى ضواحي تونس العاصمة كان يوما سعيدا لوالديها فقد رزقوا بطفلة جميلة وبصحة جيدة على الأقل هذا ما ظننه والداها حينها وقد أسماها قَدرُ.

ولدت ومرت الأيام وأنا أكْبر وأكبر ظهرت أسناني السن تلو الأخر ووالداي في قمة السعادة يواكبان مراحل نموي في كل التفاصيل طلوع الاسنان المشي الجري ...

عندما وصلت لسن العاشرة عدت مع عائلتي الى الريف حيث يعيش جدي وجدتي لنعيش معهم.

ذات يوم بينما أتجول بين اشجار اللوز ونسيم الهواء يداعب شعري الاسود الحريري، حصل الحدث الذي سيغير مجرى حياتي 360 درجة، وقعت من فوق هضبة وكسرت ساقي أخذني والداي الى المستشفى وجبروا ساقي. اعتقدت ان الكسر كان مجرد كسر عادي، ظلت ساقي مكسورة شهرا كاملا بعد شهر ذهبت للمستشفى لنزع الجبيرة وقد قام الطبيب بأخباري وطمأنتي ان ساقي قد شفيت و اصبحت بخير و أستطيع السير عليها مجددا.

 اعتقدت ان كل الامر بسبب بقائي فترة طويلة لا أمشي.

     مر ثلاث أشهر وأنا على هذا الحال فذهبت لإجراء فحوصات في المستشفى فكانت الصدمة، جراء السقوط من فوق الهضبة و البقاء فترة كبيرة دون حراك اصبت بمرض يدعى ضمور عضلات و هذا المرض يتسبب باعتلال عضلي للجسم فتصبح عضلات الساقين ضعيفة و غير قادرة على انتاج بروتين الحركة لنقص فيتامين د في الجسم.

بعد هذه الصدمة اصبحت حزينة وهادئة جدا لا

أستمع الا للأغاني الحزينة.

الشيء الاكثر حزنا هو ان معاملة الناس لي  قد تغيرت فاصبحوا  كثيري اللؤم معي يسمعونني  من الكلام الجارح ما لا يخطر على بال احد لكني  لا أقول شيئا بل أبكي في صمت و حسب فقد قدر الله ما شاء  فعل ما باليد حيلة 

لكن بالرغم من ان ساقاي  اصبحت ضعيفة لا تقوى كثيرا على الحركة لكن بالرغم من معاناتي  قررت ان أكون فتاة قوية لا تسمح للدهر ان يدمرها و يحبطها فكنت أقول دوما في سري من حقي ان احلم و اطمح و استحق حياة  افضل من هذه انا فتاة جميلة مثقفة و ذكية لا يعيقني شيء، جسدي لن يكون عائقا في درب تحقيق حلمي "فمن يخاف صعود الجبال سيعيش ابد الدهر بين الحفر" و انا فتاة خلقت لأكون جوهرة ثمينة ،نسرا شامخا لن اسمح لاي شيئ يمنعني من ان اكون زهرة  تفوح بعطرها على من يقربها ، سأكتب قدري بيدي و اكون الزهرة الفواحة التي تترك عطرها في يد من يلامسها .

انا قدر لن استسلم، دراستي ستكون سلاحي وقوتي وسر اكتمالي قيمتي وذاتي 

تمر الاعوام وانا اتجاهل كل الاوجاع في سبيل اكمال دراستي راسمة حلم ان أصبح مبنجة'' عقلي وروحي وكياني. 

التبنيج حلمي طموحي شغفي انه جزء مني لا أستطيع الا ان اكونه.

مر السنين درست الابتدائي وكنت الاولى في المدرسة نجحت بامتياز حان وقت الاعدادي.

في اول سنة لي في الاعدادي انتقلت لمدينة جديدة لأدرس واسكن عند جدتي وخالتي في بيتهما.

صباح اول يوم لي في المعهد استيقظت باكرا و ذهبت الى المعهد عالم جديد عالمي الجديد سأنسى فيه مرضي الذي يدعوه الناس الاعاقة لكن ليس بالنسبة لي فانا اراه الا ابتلاء من الله الرحمان ليختبر صبري و ايماني.

دخلت المعهد و كلي امال و حلم و حماس فانا اقترب من حلمي رويدا رويدا لكن بجرد دخولي المعهد اتى ولد يدرس هناك اضحى يقلد مشيتي و يستهزئ بي امام عيون الملأ.

الجميع يضحك بطريقة هستيرية و انا احسست و كان قلبي انشق نصفين و كل نصف اضحى اشلاء و فتات ما هذا العالم القاسي خلت انني سأرتاح من نظرة الناس القاسية لكن هيهات هيهات لأناس غيبت الفتن على عقولهم و لم يعرفوا ان الجمال الحقيقي في الروح و الكيان لا في المظهر الفان.

تمالكت اعصابي ونظرت له بكل ثقة في النفس وفخر وقوة وقلت له سنرى من المعاق في الاخر.

تلك الكلمات التي قطعت قلبي و روحي جعلتني اقوى مما انا عليه كنت ادرس و انال نتائج عالية و بالإضافة للدراسة قررت ان انظم ندوة ثقافية في المعهد لأغير الفكر الساذج و المحدود لفئة معينة من الناس.

كنت اشتغل في صمت مع استاذي الذي كان عونا وسندا لي.

في اليوم الموعود 

عندما اعتليت الركح احسست كأني خلقت لأجل هذا كأن الله اصطفاني لأكون جند من جنوده و اشيل قليلا من الضلالة و الفهم المغلوط لدى عدد من خلقه .

بالرغم من حالتي الصحية الصعبة الا اني قدمت ما يرضي نفسي رواية باللغة الفرنسية، مشهد رقص ،غنيت اغنية بصوتي و القيت خطابا و اكثر ما اثلج نفسي صوت التصفيق لي عندما اكملت خطابي 

احسست كأنما روحي ردت الي.

اخيرا اثبت ان المعاق معاق في تفكيره وضميره لا جسده.

مرت ثلاث سنوات وانا اجاهد و ادرس و سعيدة الكل يحترمني كونت الكثير من الاصدقاء الى ان تعرفت على انسان خفق له قلبي و ارتجت له روحي اعتقدت ان بوسعي ان احب و اعيش حياة سعيدة معه 

احببنا بعضنا وكنت ارى فيه كل الدنيا و كل رجال العالم كأنما خلق من روحي احببته بكل خلية من خلايا جسدي و روحي كنت له الام و الاخت و الحبيبة و الصديقة و مع هذه السعادة زاد تفوقي في الدراسة و نجاحي و اصبحت قائدة في الكشافة التونسية و ممثلة مسرحية و مغنية و ارسم و اكتب الشعر 

أصبحت كأنني وردة وهو ساقيها 

بقيت على هذا الحال ثلاث سنين 

في السنة الرابعة ذات يوم وانا ادردش معه على الفيسبوك حين ذاك تصلني رسالة من بنت اخرى تسرد فيها عن علاقته الغرامية بها 

صدمت احسست كان روحي خرجت من جسدي تسمرت مكاني 

واخذت الافكار والتساؤلات تجول في خاطري أهذا الانسان الذي احببت أهذا نصفي و اماني و مأمني 

أم انا التي كنت أهيم به عشقا حتى غيبت و لم اعرف انه مجرد رجل خائن قلبه لا يعرف للوفاء سبيلا 

ويل لقلب كسر من هم الدهر وظلمه حتى جاءه الطارق الذي لا يعرف جبر الخاطر.

التعب الذي تعبته معك لو تعبته مع اناس غيرك لأصبحت املك قلوبهم لكن انا اخترتك اخترت انسان حطم كل ذرة حب في قلبي له.

بعد سنين وانا عمري 20 سنة اصبحت كل همي الدراسة فقط شلت كل الاحاسيس في قلبي جردت قلبي من كل فكرة حب او ميل لأنسان 

قدر تلك الطفلة المحبة والمرحة الكتلة من المشاكل اصبحت عبارة عن جسد بلا روح.

اجتزت امتحان الباكالوريا ولم انجح كانت صدمة العمر الثانية 

اصبت بهيستيريا من البكاء انا لمم انجح انا لا اصدق 

يا اللللللله ما هذا الامتحان يا الله لقد ذقت ذرعا بهذه الحياة المخيبة للآمال لماذا انا ما الذنب الذي اقترفته يا الله لأجازى هكذا 

اعاني من مرض أجهل اني سأشفى منه او لا 

دراستي التي تعبت فيها لم انجح فيها 

هل سينتهي كل شيء هنا؟ 

الن أصبح مبنجة؟

اترى هذا قدري؟

مرت الايام وانا أفكر في حل فلم اتعود ان استسلم ابدا و الانهيار ليس من شيمي 

توكلت على الرحمان وقررت ان اذهب للدراسة في مدينة اخرى اختصاص الصيدلة 

اكملت كل الاجراءات اللازمة للتسجيل بدات ادرس مرت الايام و انا اجتهد  و عادت السعادة و البسمة لمحياي 

ذات يوم حصل ما لم اتوقعه 

طلبت استاذتي من زميل لي ان يحملني و يصعد بي السلالم كانت هذه اول نظرة و مقابلة لنا 

من لما نظرنا في عين بعضنا احسسنا بجذب داخلي تجاه بعضنا كانما هو توام روحي الذي ابحث عنه من زمن طويل 

لما حملني بين ذراعيه احسست و كأن الزمن توقف انا بين ذراعيه نفسي في عنقه و يدي على قلبه احس كانما خلق ليحملني و يكون سندي و كان  عشقا  من اول نظرة  

كنت عندما القاه و يمسك يدي اقول في نفسي 

'' عندما تكون يدي بيدك احس كانما الفردوس بجانبي 

قرب انفاسك لانفاسي كقرب الاسرار لدقات القلب 

كقرب الكحل للعينين 

كي اشتم عبق روحك و يكون حبك فنائي 

فتخطف روحي مني و تعانق قلبي حين يشتاق قالقلب قلبي و نبضه انت ''

اعشق كل نبض شعرت به انا في حضنك كل لمسة جعلت قلبي يرتج و يتزلزل كياني 

اهيم بك عشقا اهيم بكل نفس لك يدنو مني و يلامس قلبي "

كل يوم يمر كنت اغرق في حبه و يهيم بي عشقا كل يوم يمر اكثر من السابق 

صدقا كل شيء يقدره الله يكون فيه خير سواءا كنت اراه خيرا و شر 

احيانا تكون هناك حكمة الاهية خفية وراء ابتلاء من الله .

اه يا من احبه قلبي 

امر حميمي أننا تحاببنا و كانت لنا قصتنا ،

لم يكن احد قبلك يلامس خريفا في قلبي فتنمو عروق الزهرة التي ذبلت بيد غيرك 

كنت انت ما ينقص الاشياء حتى تأمن "

انا قدر الفتاة التي كانت تردد  في جوفها 

انا استحق حياة رائعة انا قادرة على بناء افكار جديدة تقودني للبهجة و السعادة ، انا ارى نفسي بشكل مختلف 

انا استحق الافضل لانني المستقبل 

انا كل شيء جميل ترى هذا الشيء الجميل الذي لطالما انتظرته هو انت .

انا التي اعتقدت ان خطواتي لا تكفي لهذا الطريق المتعب تدهشني قوة تحملي 

صحيح انني قوية لكنك اصبحت مصدر قوتي الذي انا متعلقة به و كأن الارض لا تحتوي غيره 

فانت نجمي و مجري و انت ليلي و حلمي.

كلنا لا نعرف ما يخبئه لنا القدر 

بعد كل هذه السعادة و الحب 

قدر تدرس ناجحة و مع توأم روحها 

اترى ستظل هذه السعادة ام لا ؟

مرت سنة على هذا الحال الى ان اظطررت  الى ترك دراسة الصيدلة و العودة الى مدينتي الى اهلي و امي و ابي  و بالتالي فانني  فارقت حبيبي اترى صدفة أم قدر أترى سينساني ام ان الوفاء لي سيكون اختياره 

كل هذه الحيرة فيي قلبي  

اسوء شعور أن ترسم بسمة و فرحة على شفاهك و في قلبك بركان و نيران شوق و حسرة تتأجج و تأكل فؤادك في صمت .

مرت سنة كاملة دون أي اتصال بيني و بين  نصفي 

سنة الجحيم كما اسميتها  

بعد ان فارقت  خليلي مرضت و عانيت الويل بسبب حزني الصامت و الخامد في جوفي كل هذا في كفة و في الكفة الاخرى موت جدي في الكفة الاخرى 

موت سندي  الذي ترك لي شلخ كبير في قلبي لا يبرأ و لا يلتأم 

فجروح الاهل لا تبرأ و لا تندمل 

مرت تلك السنة و في يوم اتاني اتصال من الشخص الذي عشقته 

ياااااه للغرابة بعد كل هذا الوقت

كنت أحدث نفسي  

ترى لماذا كل هذا الجفاء كل هذا الوقت دون تواصل  اهذا حب حقيقي ام اتوهم 

أخذت الهاتف و اتصلت به مجددا 

اجاب على الهاتف و قال  

"قدري الجميل "

تسمرت مكاني و الرعشة في يدي و الرجفة تغطي صوتي و قلت في نفسي 

ثم تأتي معجزات الله و يقلب الموازين لأجل دعوة كنت ألح بها في جوف الليل فجبرني جبرا يليق بعظمته و نسيت كل كسر مررت به و كل حزن أصاب قلبي و كل هم أثقل قلبي و كل دمعة ذرفت من عيني  

أجبته 

"قدرك الجميل الذي نسيته و لم يعرف الى وصالك طريقا 

قد ذبل ورد قلبي يا حظرة الساقي "

فقال 

"كيف السبيل الى وصالك دلني فما بين أمن و أمان و أهل و ضحكة و عافية و أصحاب و حياة طيبة اخترتك لتكوني جوهرة قلبي و ربيع حياتي يا زهرة قلبي و زنبقة حياتي

كنت اعتني بك رغم البعد بيننا بدعائي و صلاتي و بين احرفي و ثناي ذاكرتي  

فقلت 

كيف السبيل الى قلب انت اصلا ساكنه 

يا لحن عجزت أوتار قلبي عن عزفه

يا شيء عجز لساني عن وصفه

يا أية من السماء سقت أزهار قلبي

مثل المطر

كأنما قلبي وردة و حياتي فصل خريف و بقدومك اتى الربيع لقلبي يا ربيع قلبي 

يا نجمة أضاءت عتمة قلبي 

يا نصفي و اكتمالي 

فأنت الروح و أنا الجسد و لا حياة لجسد بلا روح 

عسى ان تكون دائما 

أملي و عشقي و أمنيتي و أماني و مأمني 

و ملاذي و محياي و مماتي .

فقال

احببتك و صرت وحدك تملكيني 

و اتفق عقلي و قلبي على حبك و بات قلبي على امل العمر معك يكتمل 

و كنت ادعي صباحا و مساءا ان لا يزول حبك من قلبي و روحي حتى يزول عني الهواء 

كانت هذه مكالمة العمر فقد ارتبطنا رسميا اخيرا نصفي و حب روحي صار خطيبي و قريبا زوجي و شفيت تماما من مرضي

اكملت دراستي في ذلك العام و نجحت و درست التبنيج و ها قد تحقق حلمي و اصبحت قَدر مبنجة 

العبرة و الدرس من قصتي ان الحياة علمتني ان الخير فيما اختاره الله لي مهما كان يبدو في ظاهره خيرا أم شر إلا ان في باطنه دائما خير فرب الخير لا يأتي الا بالخير 

سيجمعك الله بما تمنيته رغم استحالة الاسباب 

"ان الله على كل شيء قدير "

قادر على ان يغير قوانين الكون كلها لاجلك و اجل دعائك الصادق من قلبك انه كريم يخجل اذا رفع احدهم يداه ان يردها خائبة ،يخجل ان يخيب امل من احسن الظن به 

فاحلم بما شئت و تمنى ما شئت سيدبرها الله من حيث لا تدري حتى و ان كان ما تتمناه شبه مستحيل سيعطيك الله اياه بطريقة اكثر استحالة 

سيكسر الدعاء ظهر المستحيلات فلا تبرح بل ألح في الدعاء

و كن جابرا للخواطر 

ثق تماما الشعور الذي تتركه في صدر احدهم سيضع الله في صدرك شعورا مثله فلا تمد لغيرك سوى ما ان تحب ان يمد اليك.       

تأليف : أماني مرواني