لغز الجريمة :مأسات روث جود من طفلة مسكينة إلى قاتلة عبثية

لغز الجريمة :مأسات روث جود من طفلة مسكينة إلى قاتلة عبثية

0 المراجعات

من تكون بطلة قصتنا اليوم ؟!

ويني روث جود، اسمٌ يحمل قصةً مليئةً بالتحديات والصراعات. وُلِدت في ٢٩ يناير سنة ١٩٠٥ في ولاية إنديانا، لأب واعظ بالكنيسة وأم ربة منزل. على الرغم من أن أسرتها كانت هادئة ومحترمة، إلا أنها واجهت العديد من المشاكل والكذب في حياتها.
عندما بلغت السابعة عشرة، بدأت ويني بالعمل كمقدمة طعام في المشفى المحلي، وهناك التقت بزوجها المستقبلي، الدكتور ويليام سي جود، الذي كان قديم الأصول في الحرب العالمية الأولى. كان ويليام مدمنًا على الخمور وغير قادر على الاستمرار في وظيفته بسبب هذا الإدمان، ولكن بسبب نقص الأطباء تم تعيينه في المشفى على مضض. وعندما بلغت ويني السادسة والعشرين، تم تعيين ويليام كطبيب وسافر معها، لكنه تم طرده لاحقًا بسبب غيابه المتكرر وإدمانه، مما جعله غير قادر على توفير احتياجات المنزل وزاد من غضبه المستمر.
الأمور تفاقمت عندما قررت ويني أن تنجب طفلاً، لكن ويليام رفض هذه الفكرة وأجبرها على الإجهاض بسبب عدم قدرته على تحمل التكاليف. هذا القرار القاسي ألقى ويني في حالة من الاكتئاب العميق، ولكنها تمكنت من الهروب والحمل للمرة الثانية. لكن مأساتها تكملت عندما أجهضت مرة أخرى، فعادت مجددًا إلى ويليام.
هذه المرة، حاولت ويني إصلاح زوجها وتحفيزه على التخلص من الإدمان والعمل، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل. بينما ويليام بيع سيارتها من أجل الحصول على المخدرات، مما أدى إلى انهيار عصبي له. ذهب ويليام إلى المصحة للعلاج، بينما ذهبت ويني للبحث عن وظيفة تساعدها في العيش وتحمل مسؤولياتها.
 

الوضيفة و نقطة التحول!!!!

وكانت الوظيفة التي حصلت عليها روث نقطة تحول في حياتها، حيث أصبحت مربية أطفال لعائلة لي فورد الثرية. في هذا المكان، التقت بالرجل الذي سيكون محور الأحداث في قصتها، السيد جاك هالوران، رجل الأعمال الثري الوسيم والذي يعرف بحبه للصيد واهتمامه بحفلات السهر. وكانت عائلة فورد صديقة لجاك، ولكن بمجرد أن لاحظ وجود روث، بدأ يتردد على منزلهم بشكل متكرر. وكانت عائلة فورد غير سعيدة بهذا التطور، مما دفع جاك ليقترح على روث لقاءات خارجية.
سرعان ما تطورت علاقة حب بين ويني روث جود وبين جاك، حيث بدأت تقارن بين تعامله اللطيف معها وبين سوء معاملة زوجها السابق، الدكتور ويليام. وبدأت ترى في جاك الرجل المثالي الذي تتوق إليه. حتى أنها تركت وظيفتها كمربية لدى عائلة فورد الثرية، وحصلت على وظيفة كسكرتيرة في عيادة الدكتور غرونو، صديق جاك.
في العيادة، تعرفت روث على غنيس آن ليروي، المرأة ذات الشعر الأسود والجسد الممتلئ، وهي مطلقة مرتين وتبلغ من العمر ٣٢ عامًا، وعلى هيدفيغ سامويلسون (سامي)، الشابة الجميلة ذات الغمازتين في الوجه، والتي تعافت من مرض السل وحصلت على وظيفة في العيادة.
تطورت العلاقات بين الفتيات، وعرضت روث على غنيس وسامي الانتقال للعيش معهما، ووافقت الاثنتان. وبدأ جاك في زيارة منزلهن بانتظام، وجلب أصدقاءه المتزوجين معه. وبدأت المشاكل تتسع بين الفتيات، حيث كانت سامي وغنيس لا يرغبن في تقاسم هدايا ومال روث معهن، وشعرت روث بالغرابة بسبب هذه المواقف.
كانت روث تشعر بالغيرة من اهتمام جاك بسامي، الشابة الجميلة والصغيرة السن، والتي كانت شخصيتها جذابة. وبسبب هذه الخلافات المستمرة، قررت روث ترك المنزل، وخلال هذه الفترة، خرج زوجها من المصحة وعاد إلى إدمان الكحول، وترك وظيفته، وانتقل إلى كاليفورنيا، تاركًا زوجته وحياة الاستقرار خلفه. وعادت روث مرة أخرى إلى حضن جاك.
 

بداية النهاية…………

في خريف عام ١٩٣١، قرر جاك أن ينطلق في رحلة صيد، لكن واجه مشكلة صغيرة: عدم معرفته بالمنطقة التي يرغب في الصيد بها. اقترحت ويني روث جود على جاك أن يلتقي بممرضة كانت تعمل معهم وتعيش في تلك المنطقة، تُدعى لوسي مور. فوافق جاك، وكانت لوسي امرأة شقراء غاية في الجمال.
لكن بسوء الحظ، عندما التقى جاك بلوسي في مقهى وكانت روث برفقته، مرت بالصدفة بسيارته وشاهدته وسامي وآن ليروي، مما جعل الفتاتين يظهرن استياءهن. وعندما قامت الفتاتان بدعوتها للانضمام إليهم في لعبة البريدج في اليوم التالي، وافقت روث بسعادة.
عندما حان وقت المغادرة، أقنعتها سامي وآن ليروي بالبقاء حتى الصباح لأن الوقت كان متأخرًا. وقدمت آن ليروي لروث قميصًا للنوم وصنعتا لها أكوابًا من الحليب الدافئ. ورغم أن روث صدقت حسن نية الفتاتين، إلا أنها لم تكن تعرف أن الهدف من كل هذا كان استجوابها بشأن علاقتها بجاك ولوسي.
بدأت الأمور تتوتر عندما اتهمتها سامي وآن ليروي بأنها تعمدت أن تعرف جاك على لوسي لتنتقم منهن، وبسبب شائعات عن مرض لوسي. ورغم رد روث بأن جاك لم يكن مهتمًا بلوسي عاطفيًا، بدأت الاتهامات بالتصاعد.
هنا قررت روث الرد على تهديداتهن، وهددت بالكشف عن علاقتهن المثلية وتحطيم آن ليروي لمعدات العيادة. وبدا أن كل طرف قد قرر التهديد بالتدمير المالي والاجتماعي والمعنوي.
في أثناء ذلك، نهضت روث لوضع كوب الحليب في حوض المطبخ. وعندما كانت واقفة هناك سمعت صوت أحد خلفها.. استدارت فوجدت سامي تقف خلفها وتمسك مسدسا تصوبه نحوها، فدفعتها للخلف وركضت لتمسك بالسكين. وهنا تصارعت الاثنتان.. روث كانت تحاول أن تنتزع منها السلاح وهي تلوح بالسكين، وسامي كانت تحاول أن تطلق النار عليها وفي هذه الأثناء نجحت الأخيرة في إطلاق النار على يد روث.
وكرد فعل على ذلك قامت روث بكل قوتها بطعن سامي بالسكين في إحدى كتفيها.. وقد ظنت أن الشجار انتهى ولكنها تفاجأت أن سامي تزحف باتجاه المسدس وأن ليروي التي كانت تأخذ موقف المتفرج طوال الشجار حاولت هي أيضا الوصول إليه.
وصلت كل من سامي وروث إلى المسدس معا، وبدأتا في محاولة شد السلاح من بعضهما البعض حتى ضغطت أحدهما على الزناد فأصابت الرصاصة صدر سامي وسقطت إلى الخلف.
وفي تلك الأثناء قامت آن ليروي بحمل طاولة كي الملابس وضرب روث على رأسها وهي تصرخ بهسيتريا في جثة سامي الهامدة: أطلقي النار عليها!!
أما روث التي كان رأسها ينزف فقد صرخت في وجه أن ليروي لتتوقف، ولكن دون فائدة.. فانتزعت السلاح من قبضة سامي الميتة وأطلقت النار على آن ليروي. وأخيرا وجدت نفسها محاطة بجثتين وتجلس وسط بركة من الدماء.
قامت ويني روث جود مفزوعة بارتداء ملابسها وركضت إلى بيتها، وعندما فتحت الباب وجدت جاك هالوران يجلس مخمورا في انتظارها فأخبرته بما حدث ولكنه لم يصدقها فأخذته إلى بيت سامي وآن ليروي ليشاهد الجثث وهي ترتجف من هول الصدمة وتريد أن تغادر تلك الشقة التي كانت قد تركتها للتو.. وقررت أنها ستذهب إلى الشرط

محاولت الهروب……….

وهنا تدخل جاك وحاول تهدئتها وقال إنه سيهتم بكل شيء. وبدأ الإثنان بتنظيف المنزل ولكنها لم تستطع أن تستمر في مسح الأرض من الدماء مما جعل جاك هالوران يقوم بالمهمة كلها وقام بأخذها إلى بيته وعاد هو ليكمل الباقي في منزل الضحايا.
وفي اليوم التالي، ذهبت روث الي العمل كي لا تثير الشكوك.. وفي المساء أخبرها جاك هالوران أن لديه خطة جيدة وهي أن تشحن الصندوقين إلى لوس أنجلوس.. لأنه إذا دفنت الجثث هنا قد يتم اكتشافها والتعرف عليهما وعندها ستحوم الشبهات حولهما. ولكن إذا أخذته بعيدا فلن يربط أحد بينهما وبين الجثث غير أن روث لديها أخ يدرس في الجامعة سيتزوج، ولن تثير الاهتمام بالسفر إلى هناك.
في البداية حاولت روث السفر بالسفينة، ولكن عمال الشحن رفضوا أن يحملوا الأمتعة بسبب وزنها الثقيل وتركوها ورحلوا مما جعلها تلجأ إلى القطار.. فقامت متحاملة على نفسها بجلب صندوق إضافي لتضع فيه إحدى الجثث لتخفيف ثقل الصندوق الآخر واتصلت بعمال الشحن..
عندما وصل القطار لوجهته لفتت حقائب روث أنظار مفتش البضائع جورج بروكر لأن الحقائب كانت تفوح منها رائحة كريهة وتنزل سوائل منها يحوم حولها الذباب.. مما جعله يظن أن روث مهربة لحم غزلان وذلك بسبب ندرته في السوق فطلبوا منها المفتاح فقالت أنها لا تملكه وأنه مع زوجها.
في ذلك الوقت كان شقيقها الذي أتى لاستقبالها يقف خلفها، فأخذته من يده وقالت أنها سوف تذهب لجلب المفتاح وغادرت ولم تنظر خلفها ولم تعد مجددا.
بعد مرور الكثير من الوقت قام المفتش بفتح أحد الصناديق، فوجد بعض الأقمشة في البدء، وعندما بدأ بتفريغه اصطدم بمجموعة من الأشلاء… فأصابه الهلع واتصل بالشرطة.. لتكتشف الأخيرة جثة أغنيس “آن” ليروي بالكامل في واحدة، وجثة هيدفيج “سامي” سامويلسون المقطعة في الأخرى
طاردت الشرطة ويني روث جود لمدة عشرة أيام بعد أن قبضت على شقيقها الذي قال أنها اقترضت منه بعض المال ورحلت ولم تخبره عن وجهتها. وبعدها تم العثور عليها أخيرا في دار جنازات.. وقد بدت جائعة، مذعورة وخائفة.
المحاكمة والأحداث التي تبعتها تركت آثارًا عميقة في حياة جميع المتورطين. روث جود وجاك هالوران كانا ضحايا ومتورطين في نفس الوقت في هذه القصة المأساوية. على الرغم من أنهما تورطا في جرائم مروعة، إلا أن هذه القصة تبرز تأثيرات الظروف والعلاقات السامة التي يمكن أن تؤدي إلى ارتكاب الجرائم.
حتى في النهاية، لم يواجه جاك هالوران العدالة الكاملة على الرغم من تورطه المحتمل في الجريمة. تركت هذه النهاية مساحة للتأمل في التوازن بين العدالة والتسامح، وتسليط الضوء على النظام القضائي وكيف يتعامل مع القضايا الجنائية والمتهمين.
في النهاية، تبقى هذه القصة تذكيرًا قاسيًا بأن العواقب القاتمة يمكن أن تنتج عن القرارات الخاطئة والعلاقات السامة، وتحث على التفكير العميق في الخيارات التي نقوم بها والتأثيرات التي قد تنجم عنها.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة