منزل عائله بيرو

منزل عائله بيرو

1 المراجعات


في شتاء عام 1970 انتقلت عائلة بيرون إلى منزل ريفي يقع وسط مزرعة كبيرة في بلدة هاريسفيل الأمريكية . كانت العائلة تتكون من الأب روجر والأم كارولين وبناتهم الخمسة : اندريا ونانسي وكرستين وسيندي وابريل. كان الجميع سعداء بالمنزل الجديد لأنه رخيص الثمن وواسع يحتوي على العديد من الغرف , كان بيتا مثاليا لعائلة لديها خمسة الأطفال .
لهفة الزوجين بيرون لشراء المنزل جعلتهما يتغاضيان عن أمر مهم , وهو السؤال عن تاريخه , كان من الواضح لهما بأنه منزل قديم جدا , لكنهما لم يهتما بمعرفة أي شيء عن حياة ثمانية أجيال من الناس ولدت وماتت هنا على مدار قرنين من الزمان . وفي الواقع كان للمنزل تاريخ مأساوي طويل , فسجل الوفيات في بلدية هاريسفيل يتحدث عن خمسة حالات انتحار على الأقل , وعدة جرائم قتل , منها اغتصاب وقتل طفلة في الحادية عشر من عمرها . وقتل سبعة جنود ودفنهم بالجدار خلال الحرب الأهلية الأمريكية . إضافة لعشرات حالات الوفاة الأخرى لأسباب شتى . وبسبب هذا التاريخ الحزين تداول سكان هاريسفيل العديد من الأساطير والقصص عن المنزل . أشهرها تلك التي تتحدث عن باثشيبا , وهي امرأة ولدت في هاريسفيل عام 1812 ثم تزوجت في سن الثلاثين من مالك المنزل . كانت غريبة الأطوار , يقال بأنها ساحرة , وبأنها قتلت ابنها وقدمته كقربان للشيطان . وفي الحقيقة هذه لم تكن مجرد أسطورة , فالسجلات الرسمية تبين بأن أحد أطفالها مات فعلا في سن الرابعة , وبفحص جثته تبين بأنه مات بسبب إبرة حياكة طويلة غرزت أسفل جمجمته . فجرى اتهام باثشيبا بقتله , لكن المحكمة لم تجد دليلا قاطعا يدينها فأطلقت سراحها
وبالرغم من براءة باثشيبا فقد صار الناس يتحاشونها , فبقيت وحيدة في منزلها لسنوات طويلة . وتتضارب القصص حول مصيرها , البعض يقول بأنها انتحرت شنقا بعد أن قتلت جميع أطفالها , وبأنها ألقت لعنة سوداء على كل من يسكن منزلها ويمتلك أرضها من بعدها . ويقال بأن جسدها تحول إلى صخرة سوداء حالما غادرتها الروح . أما السجلات الرسمية فتؤكد بأنها ماتت لأسباب طبيعية بعد أن أصيبت بالشلل في أواخر أيامها . وقبرها موجود في البلدة .
بعد موت الساحرة ظهرت إشاعات كثيرة حول المنزل , فالكثير ممن سكنوا فيه على مدار قرن من الزمان تحدثوا عن أمور غريبة تقع داخله , وأغلبهم لم يمكثوا فيه طويلا , سرعان ما كانوا يبيعونه بأبخس الأثمان ويغادرون . المالك الأخير سلم مفتاح المنزل لآل بيرون ونصحهم قائلا : “لا تطفئوا الأنوار بالليل” !. وهي نصيحة لم يفهم آل بيرون معناها إلا في وقت لاحق
ومنذ يومهم الأول في المنزل أطل الرعب لهم برأسه , فحينما كانت العائلة مشغولة بتفريغ أغراضها وإدخالها للمنزل كان هناك رجل غريب يقف عند الباب , ثلاثة من بنات العائلة شاهدنه بوضوح وحسبن بأنه حمال , لكن لم يكن يفعل شيء سوى المراقبة وبقي في مكانه حتى بعد أن رحل جميع الحمالين ثم تبخر فجأة عندما حاولت إحدى البنات التحدث معه ! .. يا له من استقبال رائع ! ..
الأيام التالية للعائلة في المنزل شهدت المزيد من الغرائب .. أبواب وشبابيك تفتح وتغلق من تلقاء نفسها , ساعات تتوقف عن العمل في وقت واحد , صور ولوحات تتساقط عن الجدار من دون أن يسمها احد , كراسي وأثاث يحلق في الهواء ! .. غرباء مجهولين يظهرون ويختفون فجأة .. كان هناك رجل يظهر في حجرة الجلوس وكان مبتسما على الدوام! . هناك رجل آخر يظهر مع صبي وكلب كأنهم ذاهبون لرحلة صيد . وهناك سيدة تفوح منها رائحة الفواكه تأتي في بعض الليالي لتقبل البنات وتتمنى لهن نوما هانئا! . وهناك امرأة تظهر وهي تحمل رضيعا ميتا , لكنها لم تكن حزينة , بل تبدو شاردة , كأنها مجنونة . هناك أيضا بنت صغيرة تظهر في البهو وهي تبكي بحرقة , كانت تتلفت كأن أحدا يطاردها , ثم تركض نحو الباب وتختفي . وهناك طفل صغير لديه جرح غائر على رقبته يظهر ليلعب مع ابريل البنت الصغرى للعائلة . أما أكثر الأماكن إرعابا في المنزل فهو القبو , كان كئيبا موحشا , فيه أغراض قديمة , وكان شديد البرودة حتى في فصل الصيف . كان آل بيرون يسمونه “بيت الأشباح” ويتحاشون النزول إليه قدر الإمكان
منزل آل بيرون كان يعج بالأشباح من كل صنف ولون , كان معظمها مسالما لا يسبب الأذى , لكن بعضها كان شريرا وناقما يترافق ظهوره مع رائحة نتنة تشبه رائحة اللحم المتعفن . كان شبح العجوز هو أكثر تلك الأشباح الشريرة إثارة للرعب . فتلك العجوز كانت مخيفة , يتدلى رأسها على كتفها كأنها مصابة بالشلل , وجهها مجعد ومتآكل كأنه خلية نحل قديمة , عيناها مرعبتان وشفتيها نحيلتان تشفان عن أسنان سوداء منخورة , كانت تمشي من دون أقدام! .. كأنها تطفو فوق غيمة صغيرة من الضباب . وكانت في منتهى الخبث , حاولت إغواء روجر عدة مرات عندما كان ينزل القبو لتفحص أنابيب المياه , كانت تعتبر نفسها سيدة المنزل , ولهذا كانت تكره كارولين بشدة , كانت ترى فيها منافسة لها , وظهرت لها في مخدعها عدة مرات وهددتها بأن تترك المنزل وإلا ستذيقها مر العذاب .
وفي أحد الأيام بينما كانت كارولين تستريح على كرسي في غرفة الجلوس شعرت بوخزه مؤلمة في ساقها , في البداية ظنت بأن نحلة قرصتها , لكن عند معاينتها ساقها لاحظت وجود جرح غائر على شكل دائرة صغيرة .. كأن أحدا ما قد غرز إبرة في ساقها .. إبرة حياكة طويلة ! . ثم ظهرت العجوز لإحدى بنات العائلة وطلبت منها أن تأتي معها إلى القبو , لكن الفتاة شعرت بالرعب وفرت هاربة , ومرة أخرى ظهرت للبنات في حجرتهن بالطابق العلوي وأرعبتهن . ثم أصبحت كارولين تصاب بنوبات صرع غريبة يتغير صوتها خلالها وصارت تحاول أن تؤذي بناتها , كانت النوبة تستمر لفترة قصيرة قبل أن تستعيد كارولين حالتها الطبيعية , لكن العجيب هو أنها كانت تنسى كل ما حدث معها خلال النوبة
هذه النوبات المفزعة دفعت العائلة للاتصال بالزوجين وارن طلبا للمساعدة . فسارعا لتلبية النداء , وفور وصولهما للمنزل أحست لورين بوجود قوة شريرة خفية , وتيقنت بأن تلك القوة الخبيثة تحاول التلبس بجسد كارولين , لكنها لم تكن قد تمكنت من الجسد بصورة كاملة , ولهذا كانت نوبات المس لا تدوم سوى لفترة قصيرة . وأستنتج الزوجان وارن سريعا بأن تلك القوة الشريرة لم تكن روح الساحرة باثشيبا , فالأشباح لا تتلبس أجساد البشر , لكن الجن يفعلون . وأدرك الزوجان بأن عليهم القيام برد فعل سريع لمنع الجني من التلبس بجسد كارولين بشكل كامل , لأنه قد يدفعها للانتحار أو لقتل بناتها . ولأن الأمر لا يتحمل التأخير فقد أجرى إد طقوس طرد الشياطين بنفسه من دون انتظار وصول الأب كوك , وخلال تلك الطقوس حدثت أمور رهيبة , فقد تغير صوت كارولين وشكلها , وأصبحت فائقة القوة لم يستطيعوا السيطرة عليها إلا بصعوبة كبيرة , وحلق جسدها عدة مرات في الهواء أمام أنظار الجميع قبل أن تسقط وتفقد الوعي .
الزوجان وارن تمكنا من تخليص كارولين من المس الشيطاني , لكنهما لم يستطيعا تخليص المنزل من أشباحه الكثيرة . وقد عاش آل بيرون في المنزل لعشرة أعوام أخرى قبل أن يبيعوه وينتقلون لمنزل آخر
أين الحقيقة ؟
للإجابة على هذا السؤال يجب أن نتذكر أولا بأنه لا توجد قصة في العالم تخلو من مشككين , اليوم نحن نرى أخبارا مصورة على التلفاز ثم نسمع عشرات المحللين يعلقون عليها , كل واحد يعطي رأيا مغايرا للآخر .. فإذا كان الناس يختلفون في الأمور المرئية والواضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار فما بالك باختلافهم في الأمور الغيبية والغير مرئية ؟ .. وعليه فأن قصص وحكايات الزوجين وارن لم تنجوا من التشكيك والتجريح , فالبعض لا يرى فيهما سوى زوج من الدجالين البارعين جدا في تأليف القصص المرعبة من اجل كسب الشهرة والمال .
بالنسبة لقصة الدمية انابيل فمصدر القصة هو الزوجان وارن فقط . وعليه فأن إمكانية التحقق من صحة القصة تبدو مستحيلة في ظل غياب الشهود .. دونا وانجي ولو .. ولهذا يؤمن البعض بأن القصة بأسرها ملفقة . أما بالنسبة لمنزل آل بيرون المسكون , فأفراد العائلة ما زالوا إحياء يرزقون , وظهروا في لقطات من الفلم , وجميعهم يؤكدون بأن الأحداث حقيقية . لكن ذلك لم يمنع المشككين من طرح سؤال مهم ومنطقي .. وهو لماذا بقي آل بيرون في منزلهم المسكون لمدة عشرة أعوام ؟ .. أليس من المفروض أن يهربوا منذ الأسبوع الأول لهم هناك . هل يعقل بأن امرأة وبناتها الصغار يرضون بالعيش في بيت يعج بالأشباح – بعضها شرير جدا – لمدة عشرة أعوام كاملة
آل بيرون يردون على هذا السؤال قائلين بأن أسعار المنازل انخفضت بشكل كبير خلال الفترة التي سكنوا فيها المنزل , ولهذا لم يتمكنوا من بيعه لأنهم كانوا سيخسرون أموالا طائلة . ولم يكونوا يمتلكون المال لشراء منزل آخر . فهل تصدق هذا الكلام عزيزي القارئ ؟ .. ضع نفسك مكانهم .. هل تستطيع العيش في منزل كهذا لمدة عشرة أعوام برفقة جيش من الأشباح والجن والشياطين ؟! .. بالنسبة لي كنت سأهرب منذ أول عشرة دقائق! .. ولم أكن لأعود حتى لو اضطررت للنوم في الشارع .
أخيرا .. هل تعلم عزيزي القارئ ماذا قالت المالكة الحالية للمنزل , السيدة نورما ساتكليف , عندما سألوها عن الأشباح .. لقد قالت بالحرف الواحد بأنها لم ترى أي شبح في المنزل طيلة خمسة وعشرين عاما قضتها فيه , ولم تواجه أي حادثة غريبة من أي نوع .. لا شيء أبدا .. أما عن الفلم نفسه فتقول : “لقد ضحكت على الأمر برمته , أعتقد أنه مثير للسخرية , ومهين لآل بيرون أنفسهم
- منزل عائلة بيرو

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

14

متابعين

6

متابعهم

1

مقالات مشابة