"ليلة في حضرة الهائم: أسطورة الغابة الملعونة"
في إحدى القرى البعيدة، حيث الأشجار الكثيفة تغطي الأفق، كانت هناك أسطورة قديمة تتحدث عن روح شريرة تعيش في الغابة. هذه الروح، والتي كان يُطلق عليها اسم "الهائم"، كانت تظهر فقط في الليالي القمرية، تبحث عن ضحاياها بين الأبرياء.
كان عبد الرحمن، شاباً شجاعاً لكنه فضولي، قد سمع الكثير من القصص عن "الهائم" من جده، الذي كان يحذره دائماً من الاقتراب من الغابة ليلاً. لكن عبد الرحمن، بدافع من حبه للمغامرة، قرر أن يكسر هذا التحذير ويكتشف الحقيقة بنفسه.
في ليلة مقمرة، تسلل عبد الرحمن إلى الغابة مسلحاً بمصباح زيت وبضع حبات من التمر. كانت الأشجار تبدو كأطياف هائلة في ضوء القمر، وكل صوت في الغابة كان يبدو وكأنه همسات من عالم آخر. فجأة، شعر عبد الرحمن بوجود شيء يراقبه. التفت حوله، لكنه لم يرَ شيئاً سوى الظلال المتراقصة.
بعد قليل، بدأ يسمع صوت خطوات خلفه. توقف وأصغى، لكنه لم يرَ أحداً. تسارع دقات قلبه، لكن فضوله كان أقوى من خوفه. تابع السير، وكلما تقدم، كان الصوت يزداد وضوحاً. بدأ يتساءل إن كان هذا مجرد تهيؤات أو أن هناك فعلاً شيئاً يتبعه.
فجأة، شعر ببرودة شديدة تغمر المكان، وكأنما الهواء نفسه قد تجمد. نظر حوله ورأى شيئاً مروعاً: ظلاً طويلاً يتقدم نحوه من بين الأشجار. كان هذا الظل لا يشبه أي شيء رآه من قبل، كان أشبه بكابوس متحرك. حاول عبد الرحمن الركض، لكن قدميه لم تستجيبا، وكأن الأرض قد أمسكت بهما.
اقترب الظل أكثر، وأصبح وجه "الهائم" واضحاً تحت ضوء القمر. كان وجهاً مشوهاً، بعيون فارغة وأسنان حادة. حاول عبد الرحمن الصراخ، لكن صوته لم يخرج. اقترب "الهائم" منه، وهمس بصوت مخيف: "لماذا أتيت؟".
في تلك اللحظة، شعر عبد الرحمن بلمسة باردة على كتفه، وفقد وعيه. عندما استيقظ، كان مستلقياً على حافة الغابة، والشمس قد بدأت بالشروق. لم يكن هناك أي أثر لـ"الهائم"، لكنه كان يعلم أن ما رآه لم يكن مجرد حلم.
عاد عبد الرحمن إلى قريته، لكنه لم يعد أبداً نفس الشخص. كانت نظراته مملوءة بالرعب، ولم يتحدث عن تلك الليلة أبداً. ومنذ ذلك الحين، لم يجرؤ أحد على الاقتراب من الغابة في الليالي القمرية، فقد أصبحت أسطورة "الهائم" حقيقة لا يمكن تجاهلها.