
مغامرة فتى في منارة النسيان
مفتاح الرسالة القديمة
في بلدةٍ صغيرة على ضفاف البحر، كان يعيش فتى يُدعى كريم، يبلغ من العمر عشر سنوات. كان كريم يحب المغامرات والقصص القديمة، ويقضي معظم وقته في مكتبة جده الذي كان بحارًا في شبابه.
في يوم من الأيام، وبينما كان كريم يرتّب الكتب القديمة في علّية المنزل، عثر على صندوق خشبي صغير مغطى بالغبار. فتحه بفضول، فوجد بداخله رسالة قديمة صفراء اللون، ومفتاحًا نحاسيًّا غريب الشكل. قرأ الرسالة بصوتٍ خافت:
"إلى من يجد هذا المفتاح، هناك سر ينتظرك في منارة البحر القديمة. اتبع قلبك، وستجد ما لا يُنسى."
أحس كريم بالحماس، وأخذ الرسالة والمفتاح وركض إلى جده. قال له بلهفة:
"جدي! وجدت رسالة ومفتاحًا! ما قصة منارة البحر القديمة؟"
ابتسم الجدّ وقال:
"آه يا كريم... تلك المنارة مهجورة منذ سنوات، ولم يجرؤ أحد على دخولها. يقول الناس إن فيها سرًا خبأه أحد البحارة قبل أن يرحل."
نظر كريم إلى المفتاح مرة أخرى، وقال بحزم:
"سأذهب لأكتشف السر!"
في صباح اليوم التالي، انطلق كريم وحده نحو المنارة. كانت على تلّ صخري عالٍ، تطلّ على البحر. تسلق الدرجات القديمة، حتى وصل إلى باب خشبي صدئ. أخرج المفتاح، ووضعه في القفل. دار المفتاح ببطء، وانفتح الباب بإصدار صرير عتيق.
دخل كريم بتردد، لكنه لم يجد شيئًا في البداية. كانت الغرفة مظلمة ومغبرة. لكن عندما نظر إلى الأرض، رأى بلاطة مختلفة الشكل. طرق عليها، فسمع صوتًا أجوف. رفعها، فوجد صندوقًا صغيرًا داخله دفتر ملاحظات قديم وصورة لبحّار شاب.
بدأ يقرأ في الدفتر، ووجد أنه كان مذكرات بحّار يُدعى "فؤاد"، كتب فيه مغامراته في البحار، وذكرياته مع أسرته، وقراره بترك رسالة أمل لكل من يشعر بالوحدة.
كتب فؤاد في نهاية الدفتر:
"إذا كنت تقرأ هذا، فاعلم أن الحياة لا تُقاس بما نملك، بل بما نمنح. هذا الدفتر هو هديتي لك، تابع كتابة قصتك، ودعها تُنير درب غيرك."
أغلق كريم الدفتر، وشعر بشيء غريب في قلبه، كأنّه فهم المعنى الحقيقي من المغامرة. لم يكن السر ذهبًا أو كنزًا، بل كان الإلهام والحكمة والذكريات.
عاد كريم إلى البيت، وأخبر جدّه بكل ما حصل. نظر الجد إلى الصورة، وقال:
"هذا فؤاد… كان صديقي في الشباب، ولم أره منذ سنوات. ترك خلفه رسالة جميلة."
منذ ذلك اليوم، بدأ كريم يكتب مذكراته اليومية في دفتر جديد، يملؤه بقصصه وأفكاره ومغامراته. كان يكتب لنفسه أولًا، ولمن سيقرأه يومًا بعده.
وفي أحد الأيام، قرر أن يضع الدفتر في صندوق، مع مفتاح صغير، وكتب رسالة قصيرة:
"إلى من يجد هذا الدفتر، هذه قصتي… أين قصتك؟"