
**الأسد الكذاب والغابة المرتبكة**
**الأسد الكذاب والغابة المرتبكة**
في قديم الزمان، بين أشجار الغابة الكثيفة وورودها الملونة، كان يعيش أسدٌ اسمه "نهال". كان نهال قوياً وجميلاً، لكنه كان يحب اختراع الأكاذيب والمزاح الثقيل مع الحيوانات الأخرى. في كل صباح، كان يفتح عينيه الذهبيتين ويفكر: "ماذا يمكن أن أخترع اليوم لأسلي نفسي؟"
ذات يوم، خرج نهال من عرينه وبدأ يصرخ: "انتبهوا! انتبهوا! السماء ستمطر حلوى وغزلاناً طائرة!" هرعت الحيوانات من كل مكان، تبحث في السماء عن الحلوى والغزلان، لكنها لم تجد شيئاً. نظر الأرنب الصغير "سامي" إلى نهال وقال: "لم تمطر أي حلوى!" فضحك نهال وقال: "كانت مزحة فقط!"
في اليوم التالي، قرر نهال أن يخترع كذبة أكبر. ركض نحو بركة الماء حيث كانت السلحفاة "مها" تستمتع بشمس الصباح، وقال لها: "أسرعي يا مها! هناك مسابقة للسباحة وجائزتها مئة كيلو من الخس الطازج!" لم تتردد مها لحظة، وأسرعت نحو النهر. لكنها عندما وصلت، لم تجد أي مسابقة، فقط وجدت نفسها متعبة ووحيدة.
بدأت الحيوانات تشعر بالضيق من أكاذيب نهال. فالثعلب "فريد" فقد ثقته به، والزرافة "لمى" لم تعد تصدق أي كلمة يقولها. حتى الفيل "سنان"، الذي كان صديقاً مقرباً لنهال، بدأ يتجنبه.
وفي يوم من الأيام، بينما كانت الحيوانات تلعب معاً، سمعوا صوتاً مخيفاً قادماً من بعيد. كان صوت هديرٍ غريبٍ يشبه الرعد، لكنه لم يكن رعداً. نظر نهال نحو الأفق ورأى سحابة سوداء كبيرة تتجه نحو الغابة. أدرك أن هناك خطراً حقيقياً هذه المرة!
ركض نهال مسرعاً نحو الحيوانات وهو يصرخ: "هناك حريق قادم! يجب أن نخرج من هنا الآن!" لكن الحيوانات نظرت إليه وضحكت. قال الأرنب سامي: "أعتقد أن هذه مزحة أخرى!" وأضافت الزرافة لمى: "نعم، لن نصدقك هذه المرة!"
شعر نهال بالذعر. الحريق كان يقترب، والدخان بدأ يملأ الهواء. نظر حوله ورأى الحيوانات مستمرة في لعبها، غير مكترثة بتحذيراته. أدرك في تلك اللحظة كم كان مخطئاً. بكى وقال بصوت حزين: "أنا آسف! هذه المرة الأمر حقيقي! أنا لا أكذب!"
سمع الفيل سنان حزن في صوت نهال، فنظر نحو الأفق ورأى الدخان أيضاً. أدرك أن نهال يقول الحقيقة هذه المرة. صاح بأعلى صوته: "نهال محق! هناك حريق! يجب أن ننقذ أنفسنا!"
هرعت الحيوانات جميعاً نحو النهر، حيث المكان الآمن. نهال، الذي كان يعرف الغابة جيداً، قادهم عبر طريق مختصر، وبفضل سرعته، نجوا جميعاً من الخطر.
بعد أن هدأت الأمور، اجتمعت الحيوانات حول نهال. نظر إليهم وقال: "أنا آسف جداً لأنني كذبت عليكم. لقد جعلتكم تشعرون بعدم الثقة بي، وكدت أتسبب في كارثة."
ابتسم الفيل سنان وقال: "الجميع يخطئ، لكن الاعتراف بالخطأ هو ما يجعلنا أفضل."
ومن ذلك اليوم، تعهد نهال بعدم الكذب مرة أخرى. أصبح صادقاً، وعادت الحيوانات تثق به. وفي أحد الأيام، عندما أخبرهم أن هناك عاصفة قادمة، استعدوا لها دون تردد. وعندما قال إنه وجد بستاناً مليئاً بالفواكه، ذهبوا معه ووجدوا أن الأمر حقيقي هذه المرة!
تعلمت الحيوانات أن **الكذب قد يسبب المتعة للحظة، لكنه يدمر الثقة للأبد**، بينما **الصدق يجعل الحياة أكثر أماناً وسعادة**.
**تأليف (يوسف محمد )