
"الراجل اللي قعد جمبي في القطر… وعلّمني درس عمري ما نسيته"
كنت راجع من سفر طويل،تعبان ونفسي ارمي جسمي ع السرير، قاعد في القطر وبحاول أرتاح. فجأة لقيت راجل كبير في السن قعد جنبي. شكله هادي، ووشه فيه ملامح حكايات كتير. قاعد ساكت، ماسك شنطة صغيرة بإيده، وبصته دايمًا على الشباك… بس مش شايف اللي برا، كأنه بيشوف جواه.
عدت دقايق، وبعدين سألني:
"عمرك حسيت إنك في امتحان؟ بس من غير ورق، ومن غير ما تعرف إنك بتمتحن؟"
ضحكت وقلتله:
"الحياة كلها امتحانات يا حاج، ربنا يسترها."
ضحك هو كمان، بس ضحكته كان فيها وجع.
قاللي:
"أنا نجحت في شغلي، وعملت فلوس كتير جدا، والناس كانت بتسقفلي. بس لما ابني تعب… أنا ماكنتش جنبه. كنت في اجتماع مهم أوي. ولما مات… كنت على المسرح باخد جايزة."
سكت لحظة، وبصلي وقال:
"الامتحان الحقيقي ماكنش في الشغل… كان في وجودي معاه. وأنا سقطت."
الكلام ضربني في قلبي.
وبعدين نزل من القطر وسابني… مش بنظرة وداع، لأ، بنظرة تحذير.
من ساعتها وأنا كل يوم بسأل نفسي:
هل أنا عايش اللحظة؟ ولا بعدين هفوق ألاقي نفسي كنت فـ امتحان وسقطت؟
الراجل ده ماكنش مجرد راكب قطر…
ده كان سؤال متجسّد… جه في وقته علشان يفوقني.
ومن يومها وأنا بقيت ألاحظ أكتر…
بقيت أبص فـ عين الناس، وأفهم إن كل واحد فينا شايل ورقة امتحان، بس مش بالضرورة تكون ورقة… ممكن تكون فرصة، أو لحظة، أو حضن، أو كلمة.
فيه ناس بتنجح وهي بتضحك… وناس بتسقط وهي بتكسب.
وأكتر حاجة مخوفاني دلوقتي…
إني أعيش عمري كله أجرى ورا الدنيا ومغرياتها ، وأنسى الناس اللي كانوا سبب في وجودي، وأنسى نفسي كمان.
فـ قبل ما القطر يوصل، حابب أقولك:
راجع نفسك، يمكن تكون أنت كمان في امتحان… ومش واخد بالك.
"عمرك ما تستهين بأي كلمة بتتقاللك، حتى لو من شخص غريب قابلته صدفة. ساعات الحكمة بتيجي من أفواه مغمورة، وساعات ربنا بيبعتهالك في شكل موقف بسيط. خليك دايمًا منتبه، لأن الدروس الكبيرة في الحياة مش دايمًا بتتشرح… أوقات بتتقال في جملة، وتعيش جواك العمر كله."