
قصة "همسات الظلال"
قصة "همسات الظلال"
الجزء الثاني: اللعبة الباردة
مرت ثلاثة أيام كاملة، وكانت لينا ماتزال تعيش في حالة تأهب دائمة. بالكاد تغمض عينيها ليلاً، وتنفق وقتها في النهار في مراقبة الانعكاسات على الأسطح اللامعة، خوفًا من أن يظهر ذلك الظل الأبيض فجأة من خلفها.
في مساء اليوم الرابع، كانت لينا تلعب وحيدة في غرفة المعيشة التي كانت دائمًا باردة بشكل غريب. رتبت مجموعة من دٌمى الدببة التي كانت تحبها في نصف دائرة على السجادة القديمة ذات اللون البني الداكن. رفعت دميتها المفضلة، "بيل"، لتجلسها في منتصف الدائرة.
وفي اللحظة التي تركت فيها الدمية، سقطت "بيل" على جنبها. انتبهت لينا لدميتها "يا إلهي، بيل! اجلسي!" همست وهي تعدلها. وبمجرد أن أبعدت يدها، سقطت الدمية مجددًا. هذه المرة، لم تكن مجرد سقطة، بل كأن شيئًا ما دفعها لتسقط “ياإلهي، ماذا هذا؟!”
بدأت لينا تشعر بالارتجاف. لم تكن هناك نافذة مفتوحة أو تيار هواء. التفتت حولها بسرعة، لكنها لم تر شيئًا.
ثم، سمعت الصوت مرة أخرى. صوت الملمس الخشبي، ولكنه هذه المرة أقرب إليها، وكأنه قادم من خلف أريكة القراءة الثقيلة في الزاوية.
زحفت لينا ببطء حول الأريكة. لم تر شيئًا، لكنها رأت شيئًا غريبًا على الأرض: مجموعة من مكعبات ليغو (Lego) الملونة كانت مبعثرة بطريقة غير منتظمة. لم تكن لينا تلعب بالليغو منذ أشهر، كانت تفضل دٌميتها “بيل” اكثر.
بينما كانت تحدق في المكعبات، رأت واحدة منها تتحرك قليلاً على السجادة، ثم أخرى، ثم ثالثة. لم تكن تتزحزح من تلقاء نفسها، بل كانت تُسحب ببطء، وكأنها مربوطة بخيط غير مرئي يسحبها أحدهم نحو الظل الكثيف أسفل الأريكة.
أدركت لينا أن هذا لم يكن مجرد شبح يطفو. هذا يلعب معها.
"توقف!" صرخت بصوت خفيض مهتز، وهي تتراجع الى الخلف وعينيها تتوسع من شدة الخوف.
توقفت المكعبات.
ثم، وعلى بعد قدمين منها، سقطت مكعبة حمراء، وبدأت تُبنى عليها مكعبة زرقاء، ثم صفراء. لم يكن هناك أي شيء مرئي يلمس المكعبات. كانت تتراص في الهواء، تشكل عمودًا مهتزًا.
لم تكن لينا تتخيل. كانت الدموع تملأ عينيها، لكنها لم تستطع أن ترفع بصرها عن العمود الذي كان يرتفع بسرعة. عندما وصل العمود إلى طول قدمين تقريبًا، سقطت آخر مكعبة في القمة، وهي مكعبة خضراء. سقطت ليس على الأرض، بل مباشرة في حضن لينا.
على المكعبة الخضراء، كانت هناك نقطة سوداء صغيرة مرسومة، تشبه عينًا مغلقة.
صدمة البرد عادت، قوية جدًا هذه المرة، كأن أحدهم تنفس هواءً مثلجًا في وجهها. قفزت لينا من مكانها وصعدت الدرج بأسرع ما يمكن، تاركة المكعبات المتراصة وراءها. تلك الليلة، نامت لينا في غرفة والديها، متشبثة بأمها، تعلم أن ما يٌخافها هو الآن يعرف اسمها.