الإنفجار الصغير ..و الكشف الكبير

الإنفجار الصغير ..و الكشف الكبير

تقييم 5 من 5.
1 المراجعات

الإنفجار الصغير ..و الكشف الكبير 

كان آدم، الطالب النجيب في المرحلة الإعدادية، يعيش في عالم من الأنابيب الزجاجية والمحاليل المتغيرة. لم يكن له هواية سوى التجارب العلمية. بعد انتهاء اليوم الدراسي، كانت وجهته المفضلة هي مختبر العلوم بمدرسة "الأمل"، حيث سمح له الأستاذ سمير، أستاذ الكيمياء الودود، بالعمل تحت إشرافه على تجاربه الخاصة.

في ذلك الأسبوع، كان آدم يعمل على مشروع معقد: استخلاص زيت عطري نادر من بعض النباتات. كانت التجربة تتطلب دقة متناهية في قياس وخلط المواد الكيميائية. في يوم الثلاثاء، وبعد أن أعدّ آدم كل شيء بعناية فائقة، خرج من المختبر للحظات ليحضر المزيد من الماء المقطر من غرفة التخزين المجاورة، تاركًا خلفه دورقاً مليئاً بالمواد التي تفاعلت للتو.

في تلك اللحظات القليلة، تسلل إلى المختبر اثنان من زملائه: خالد، المشاكس المعروف، وعمرو، التابع له. كانا يضمران بعض الغيرة من تفوق آدم وشغفه الذي جعله مقرباً من الأستاذ سمير. سأل خالد بابتسامة صفراء: "ماذا لو أضفنا القليل من التوابل إلى تحفة آدم الفنية؟" التقط عمرو عبوة صغيرة من مسحوق مجهول الهوية كان على طاولة مجاورة (ربما مادة كاشفة قديمة) وألقى بها خالد بتهور في الدورق الذي يعمل عليه آدم. ضحكا ضحكة خافتة وخرجا مسرعين قبل أن يعود آدم.

image about الإنفجار الصغير ..و الكشف الكبير

عاد آدم، لم يلاحظ أي شيء غريب، وأكمل إضافة المكونات الأخيرة كما هو مخطط. بعدها بلحظات، وبدلًا من التفاعل الهادئ المتوقع، سمع صوت "فرقعة" قوي وارتفعت سحابة من الدخان الكثيف داخل الدورق. لم يكن انفجاراً مدمراً، بل كان صوتاً مزعجاً وعبثاً ضخماً أفسد كل التجربة، وتسبب في رائحة نفاذة، وتطاير بعض المواد على طاولة العمل والأرضية.

هرع الأستاذ سمير إلى المختبر، ورأى الفوضى ووجه آدم الذي كان مصدوماً. نظر الأستاذ سمير بصرامة وقال: "آدم! ماذا فعلت؟ كم مرة أخبرتك أن تتبع الإجراءات بدقة؟ هذا إهمال خطير! يجب أن يتم معاقبتك على هذا التصرف".

حاول آدم أن يشرح، لكن الأستاذ لم يسمع له، معتبراً أن آدم يحاول التهرب من المسؤولية. ونتيجة لذلك، تم توقيف آدم عن استخدام المختبر لأسبوعين، وسُجّلت في ملفه ملاحظة بالإهمال في التجربة. شعر آدم بالظلم الشديد والإحباط؛ ضاعت تجربة أسابيع من عمله، وعوقب على خطأ لم يرتكبه.

في اليوم التالي، عاد آدم إلى المختبر لتنظيف الفوضى المتبقية قبل بداية اليوم الدراسي، وبينما هو ينظف، لاحظ شيئاً لامعاً تحت طاولة العمل. كان هاتفه المحمول! تذكر أنه وضعه على جانب الطاولة لكي لا يتسخ.

فجأة، تذكر أنه كان يقوم بتسجيل فيديو لنفسه وهو يجري التجربة لتوثيق المراحل، وأنه كان قد شغل الكاميرا قبل أن يذهب لإحضار الماء المقطر! لم يكن الفيديو متوقفاً!

شعر ببريق أمل، فهرع خارج المختبر إلى فصله ليتفحص الهاتف. بقلب يخفق بسرعة، فتح الفيديو ومرر الأحداث إلى اللحظة التي ترك فيها الغرفة.

كان المشهد واضحاً لا يقبل الجدل. ظهر خالد وعمرو وهما يتسللان، وهمساتهما الماكرة حول إضافة "التوابل"، ورؤية خالد وهو يلقي المسحوق في الدورق.

شعر آدم بمزيج من الغضب والانتصار. لقد أفسدوا تجربته وورطوه في عقاب غير مستحق، لكن الحقيقة كانت مسجلة بالصوت والصورة.

ذهب آدم فوراً إلى مكتب الأستاذ سمير، وقدم له الدليل.  بعد أن شاهد الأستاذ سمير  الفيديو، شعر بالصدمة والأسف العميق. اعتذر لآدم بصدق عن الحكم المتسرع، وألغى العقوبة على الفور.

فيما بعد، تم استدعاء خالد وعمرو. وواجها عواقب أفعالهما الشنيعة، بينما استعاد آدم سمعته وحقه في استخدام مختبره المحبوب. تعلم آدم درساً أن الإبداع لا يقتصر فقط على التجارب العلمية، بل يمتد أيضاً إلى الكشف عن الحقائق، وأن الكاميرا المنسية قد تكون أحياناً أفضل من أي كاشف كيميائي.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
omnia abd el aziz تقييم 5 من 5.
المقالات

4

متابعهم

3

متابعهم

4

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.