الجزء الثامن: اعتراف نصه خوف

image about بين نبضين: حكاية عمر وليلى الجزء الثامن

الليل كان هادي، بس جوا كل واحد فيهم عاصفة مش ساكتة.

ليلى قاعدة على سريرها، بتقلب في كشكولها اللي بقت تكتب فيه كل حاجة عن يومها. كل صفحة فيها عمر بطريقة مختلفة… مرة حنين، مرة وجع، ومرة خوف إنها تخسره.

كتبت بخط صغير جدًا كأنها خايفة حد يقراه:

> "هو بيضحك لملك… بس يمكن بيحاول ينساني.

بس لو فعلاً نساني، ليه لما ببص في عينه بحس إنه لسه موجوع؟"

 

في نفس الوقت، عمر كان في بلكونة بيته، ماسك الموبايل في إيده، بيفكر يكتب لها رسالة…

كتب فعلاً:

> “أنا مش زعلان منك، بس وجعتي قلبي.”

وبعد ما كتبها، فضِل يبص فيها شوية… وبعدين مسحها.

هو مش قادر يعترف، ومش قادر يسكت.

المشاعر اتلخبطت، والكرامة بقت متداخلة مع الحب، وكل حاجة بقت شبه سجن جواه.

 

اليوم اللي بعده في المدرسة، الجو كان متوتر.

الكل حاسس إن في حاجة مش طبيعية بين عمر وليلى، حتى كريم ونادين بقوا تايهين بينهم.

ملك دخلت الفصل وهي واثقة من نفسها كالعادة، شعرها مربوط وابتسامتها في وشها، راحت على طول ناحية عمر.

– “صباح الخير يا عمر، جهزت ورقة النشاط؟”

عمر رد بهدوء:

– “أه، كلها تمام.”

بس اللي لاحظته ملك هو إن صوته كان بارد… البرود ده استفزها شوية.

هي كانت فاكرة إنها بدأت تسيطر على اهتمامه، بس الحقيقة إن كل ابتسامة منها كانت بتزود وجعه أكتر.

ليلى دخلت بعدها بدقايق، لبسها بسيط زي دايمًا، بس في عينيها حزن كبير. أول ما شافته وواقف مع ملك، قلبها اتوجع، بس حاولت تخبي إحساسها، مشت بسرعه على مكانها.

نادين لحقت بيها وقالت بخفّة: – “هو شكله لسه زعلان، بس واضح ملك مش سايبة فرصة.”

ليلى حاولت تضحك وقالت: – “عادي… كل واحد حر.”

بس نادين بصت لها بتركيز وقالت: – “إنتي أكتر واحدة مش عادية لما بتقولي الكلمة دي.”

الحصة خلصت، والمدرس طلب من كل مجموعة تقدم العرض اللي كانت شغالة عليه.

مجموعة عمر وليلى وملك وكريم كانت الأخيرة.

وأثناء ما عمر بيتكلم، ملك كانت بتقف جنبه، وبتحاول تبين إنها بتدعمه.

لكن كل حركة منها كانت بتزود غليان ليلى، اللي بتحاول تركز في كلامه ومش قادرة تبص عليه أصلًا.

وفي نص العرض، عمر نطق جملة، كانت من غير قصد طلعت خارجة من القلب:

> “فيه حاجات ماينفعش تتقال قدام الناس… بس بتفضل جوا الواحد مهما حاول يخبيها.”

 

القاعة سكتت لحظة… وكأنه الكلام ده ليها.

ليلى رفعت عينيها عليه، وقلبها دق بسرعة، وكريم حس على طول إن الجملة دي مش صدفة.

بعد العرض، المدرس شكرهم، والجميع خرج.

ملك حاولت تمسك عمر علشان تسأله على حاجة، بس كريم جره من إيده وقاله: – “تعالى معايا ثانية.”

خرجوا بره، وكريم قال له بصراحة: – “يا ابني إنت بتحبها ولا لأ؟”

عمر اتخض وسكت شوية، وبعدين قال: – “مش عارف… بس لما بتبعد بحس إني تايه.”

كريم ضحك وقال: – “يبقى دي مشاعرك بتتكلم يا نجم. روح كلمها قبل ما حد تاني يدخل قلبها.”

عمر بص له بنظرة فيها وجع: – “بس هي شكلها خلاص بقت مش عايزاني.”

كريم:

– “مفيش بنت بتبصلك كده وهي مش عايزاك… صدقني.”

وفي نفس الوقت، ليلى كانت قاعدة في الحوش مع نادين، ومتفاجئة لما شافت هيسم – الطالب اللي دخل قريب – جاي عليهم بابتسامة.

– “إزيك يا ليلى؟ محتاج مساعدتك في مادة العربي، تقدري تشرحيلي شوية قواعد؟”

نادين قامت بسرعة وقالت بمكر: – “أنا هسيبكم تتكلموا برحتكم.”

ليلى ضحكت بتوتر وقالت له: – “ماشي، بس مش دلوقتي، عندي واجب لازم أخلصه.”

بس واضح إن القدر كان بيجهز صدفة جديدة.

عمر وهو راجع من عند كريم، شاف ليلى قاعدة بتتكلم مع هيسم.

المشهد وجعه أكتر من أي حاجة، خصوصًا لما شافها بتضحك ضحكة خفيفة.

الموضوع كله خد قلبه في ثانية.

دخل الفصل وهو بيغلي، مسك شنطته، وخرج بسرعة.

ملك شافته وقالت بصوت عالي: – “عمر! رايح فين؟”

لكنه تجاهلها تمامًا، ومشي من غير ما يرد.

النهار خلص، وليلى كانت راجعة لوحدها. الدنيا كانت بتميل للمغرب، والهواء خفيف.

سمعت صوت وراها بيقول:

– “ليلى!”

لما التفتت، شافت عمر واقف.

وشه متعب، وصوته مليان إحساس متكتم.

– “ممكن أقولك كلمتين؟”

هي وقفت، قلبها دق، وقالت بخفّة: – “اتفضل.”

قرب منها خطوة وقال: – "أنا يمكن غلطت لما سكت… بس كنت خايف.

خايف أقول اللي جوايا فتتغيري.

بس لما شفتك بتضحكي لحد تاني… حسّيت إن الخوف أوحش من الندم."

سكت لحظة وبص في الأرض، وبعدين رفع عينه ليها وقال: – “أنا مش عايز أخسرك، حتى لو مش هتبقي معايا.”

كلمة "معايا" طلعت بنغمة وجع أكتر من الحب نفسه.

ليلى ماعرفتش ترد. كانت عايزة تقوله "وأنا كمان"، بس الكلمة اتحبست في حلقها.

كل اللي قدرت تعمله إنها تبص له، نظرة مليانة مشاعر مكبوتة.

اللحظة كانت تقيلة جدًا، لدرجة إن حتى الهوا وقف يسمعهم.

بس فجأة، اتكسر الهدوء بصوت نادين جاية تجري: – “ليلى! بسرعة تعالى… في مشكلة عند باب المدرسة!”

الاتنين اتخضوا، وجروا وراها.

ولما وصلوا، كانت ملك واقفة بتعيط، وآسر بيزعق ويقول إنها خبّت عليه ورقة من النشاط اللي هو مشارك فيه.

الموقف قلب دوشة، والمدرسين جم يفصلوا بينهم.

عمر حاول يهدي آسر، لكن آسر بصله وقال: – “خليك في حالك يا حبيب ليلى!”

الكل سكت فجأة، والعيون راحت على عمر وليلى.

هي وشها احمر، وهو بص له نظرة فيها تهديد وقال بهدوء: – “اختار كلامك.”

آسر ضحك وقال: – “ولا هتعمل إيه؟ هتكتبلي شعر؟”

قبل ما حد يلحق يمنعهم، عمر زقه بشدة.

الدنيا اتقلبت، والمدرسين مسكوهم.

وبعد ما خلصت الخناقة، الكل اتفرق، والمدير استدعى عمر وآسر للتحقيق.

ليلى وقفت برا، بتعيط بصمت، نادين بتحاول تهديها.

ملك كانت بعيدة شوية، بتبص على عمر وهو داخل مكتب المدير، ودموعها نازلة بس مش باين إذا كانت ندمانة ولا متألمة.

اليوم خلص، وكل حاجة اتقلبت فوق دماغهم.

بس عمر قبل ما يمشي، بص لليلى وقال بصوت واطي:

– “كنت خايف أقولك… بس دلوقتي، حتى لو الدنيا كلها ضدّي… مش هخاف تاني.”

 

 نهاية الجزء الثامن المشاعر خرجت أخيرًا… بس بعد فوات الأوان.

المدرسة كلها بقت بتتكلم عن الخناقة، وعن "اعتراف عمر" اللي اتقال قدام الكل بشكل غير مباشر.

وليلى رجعت البيت، وكل اللي بتفكر فيه جملة واحدة:

> “هو أخيرًا قال اللي جواه… بس إزاي هنعرف نكمّل بعد اللي حصل؟”