بين نبضين: حكاية عمر وليلى الجزء التاسع
الجزء التاسع: الوشوش بتبوح

بعد الاعتراف اللي كان زي البرق، اللي نزل على قلوبهم من غير ما يتخطّط له، الدنيا وقفت لحظة.
ليلى واقفة قدام عمر، والعيون بينهم بتتكلم بلغة محدش فاهمها غيرهم.
الهوا بقى تقيل، والوقت كأنه نسي يعدّي.
قالها عمر بصوت واطي بس كله صدق:
«أنا كنت بحاول أهرب من إحساسي… بس كل مرة بشوفك فيها، كنت بغرق أكتر.»
ليلى ماقدرتش ترد، دمعة صغيرة خرجت من عينها غصب عنها… مش دمعة وجع، لأ، دمعة راحة بعد وجع طويل.
بس اللحظة دي ما استمرّتش.
ملك كانت شايفة المشهد من بعيد.
وقفِت في نص الممرّ، عينيها بتلمع بحاجتين في نفس الوقت: صدمة… وغيرة.
حاولت تمشي كأنها ما شافتش حاجة، لكن قلبها مولّع.
ملك كانت أول مرة في حياتها تحس إنها عايزة تبقى “اللي يختارها حد”.
ومن اليوم ده، قررت إنها مش هتنسحب بسهولة.
في الليل، عمر رجع بيته، قاعد يكتب في الكشكول اللي بقى شاهد على كل اللي بيحصل.
كتب:
> «النهارده أول مرة أقول اللي جوايا بجد. حسّيت إن قلبي كان بيتكلم مكان لساني. بس خايف… خايف إن الدنيا تدخل بينا وتبوّظ كل حاجة.»
كريم دخل عليه وقال له بابتسامة نصها هزار ونصها خوف:
«يا نجم… قولت ولا لسه؟»
عمر رد بابتسامة خفيفة:
«قولت… بس مش عارف قلت إيه بالظبط.»
كريم ضحك وقال:
«المهم إنك بدأت، الباقي على القدَر.»
أما ليلى… كانت في أوضتها ماسكة الموبايل، بتبص على صورها القديمة هي وعمر في الرحلة المدرسية.
كل صورة كانت بتحكي حكاية مختلفة… ضحكة، نظرة، لحظة كأنها حلم.
بس جواها صوت بيهمس:
> «هو هيقدر يكمل ولا دي كانت لحظة وخلاص؟»
ندين اتصلت بيها وسألتها:
«هااااا، احكيلي حصل إيه؟»
ليلى بصّت للسقف وقالت بابتسامة خفيفة:
«حصل اللي كنت بحلم بيه… بس خايفة يكون الحلم ده ليه تمن.»
تاني يوم في المدرسة، الإشاعات كانت بدأت تدور.
كلمتين، تلاتة، وحده قالت للتانية:
«عمر وليلى بيتكلموا؟»
ملك كانت واقفة وسط البنات وسكتة، بس وشها قال كل حاجة.
هي اللي بدأت تنشر الحكاية على إنها “سمعت”، بس الحقيقة إنها كانت بتولّعها بإيديها.
وعمر، أول ما عرف، اتصدم.
مش لأنه خايف على نفسه… لأ، خايف إن ليلى تتأذي بسببه.
دخل عليها الفصل وقاللها:
«إنتي سمعتي الناس بتقول إيه؟»
قالتله بهدوء غريب:
«سمعت… بس مش فارقة، أنا عارفة إنت مين.»
الكلمة دي كانت كأنها بلسم على قلبه.
بس عمر حس إن في حاجة مش تمام، حس إن في عيون كتير بقت عليهم، والراحة اللي كانت بينهم بدأت تتبدّل بنظرات وأسئلة.
في آخر اليوم، ملك قررت تواجه عمر.
قالتله وهي عاملة نفسها هادية:
«أنا ماكنتش فاكرة إنك بتحبها بجد.»
بصّ لها باستغراب وقال:
«ملك، إنتي عرفتي إزاي؟»
قالت:
«كنت هناك… وشوفت كل حاجة.»
وسكتت شوية وأضافت بصوت مكسور:
«كنت فاكرة يمكن في فرصة ليا.»
عمر اتنفس بعمق وقاللها بهدوء شديد:
«إنتِ بنت كويسة، بس قلبي اختار من زمان.»
ملك مشيت، بس جواها نار.
ومن اللحظة دي، بدأت مرحلة جديدة… مرحلة “الوشوش اللي بتبوح” مش بس بالحب، لكن بالغيرة، بالحقد، وبالنية في الانتقام.
ليلى بدأت تلاحظ تصرفات غريبة… الناس بتسكت أول ما تدخل، والبنات بيبصولها بنص نظرة ونص كلام.
وفي يوم، وهي خارجة من الفصل، لقت ورقة على الطاولة مكتوب فيها بخط واضح:
> “خلي بالك… مش كل اللي بيضحكلك صاحبك.”
قلبها وقع، بس خبّت الورقة في شنطتها ومحدش عرف.
وفي نهاية اليوم، بعد كل الوجع واللخبطة، عمر وليلى اتقابلوا عند باب المدرسة.
كانت الشمس نازلة، والنور دافئ زي المشاعر اللي بينهم.
عمر قالها وهو ماسك شنطته:
– «الناس ممكن تقول اللي عايزاه… بس أنا مش هسيبك.»
ليلى ردّت وهي بتبص في عينه:
– «بس مش كل الناس بتسكت يا عمر… في وشوش حوالينا بتبوح بأكتر من اللي احنا شايفينه.»
وسكتوا…
بس في اللحظة دي، حد كان واقف بعيد… ماسك الموبايل، بيصوّرهم.
وكانت دي البداية لدوامة جديدة…
دوامة مشاعر، إشاعات، وحرب بين الحقيقة والكلام.
نهاية الجزء التاسع
الوشوش خلاص بدأت تتكلم…
بس المرة دي، الكلام مش دايمًا هيكون في صالح الحب
الجزء العاشر: “أول وعد"
هل الوعد اللي بينهم هيصمد وسط الزحمة والعيون؟ ولا هيكسرهم الاتهام والغيرة؟