همسات الممر الضيق

همسات الممر الضيق

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

همسات الممر الضيق

منذ سنوات طويلة، كان “سليم” يعمل في قسم الأرشيف داخل مستشفى قديم أُغلق نصفه بسبب حوادث غامضة. في إحدى الليالي، طُلب منه نقل ملفات إلى جناح الممر 17… جناح مهجور لا يدخله أحد منذ الحريق الذي وقع قبل عشر سنوات.

image about همسات الممر الضيقعندما وصل سليم إلى بداية الممر، شعر بأن الهواء أثقل، والظلام أعمق مما يجب. كانت الإضاءة هنا ضعيفة، تعتمد على لمبات قديمة يومض نورها في فترات غير منتظمة كأنها تتنفس. ومع أول خطوة، سمع صريرًا خفيفًا خلفه، لكنه تجاهله على أنه صوت المستشفى المعتاد.

الممر كان طويلًا بشكل غير طبيعي، كأنه يمتد أكثر مع كل خطوة. وبينما يسير، شعر بأن جدران الممر تقترب منه، تضيق ببطء، وكأنها تريد احتجازه بداخلها. حاول التركيز على الملفات التي يحملها، لكن شيئًا آخر بدأ يلفت انتباهه… همسات منخفضة، غير مفهومة، تأتي من الغرف المغلقة على جانبي الممر.

وقف سليم لثوانٍ ينصت… الهمس توقف. لكنه عندما استدار ليكمل طريقه، رأى باب غرفة في نهاية الممر يُفتح ببطء من تلقاء نفسه، تاركًا خلفه فراغًا حالكًا لا يرى داخله شيء.

تردد، لكن فضوله تغلّب على خوفه. دخل الغرفة بحذر، فوجدها فارغة إلا من سرير حديدي صدئ وسجل مريض قديم على الأرض. التقط السجل وبدأ يقرأ:

“المريض: منى عبد الحميد… آخر دخول: ليلة الحريق… الحالة: ترى شخصًا يقف في آخر الممر.”

قبل أن يكمل قراءة السطر التالي، سمع خطوات بطيئة قادمة من الخارج. اقتربت… ثم توقفت أمام باب الغرفة تمامًا. شعر بأن قلبه سيتوقف. حاول سليم أن يتنفس بصمت، لكن النور انطفأ فجأة، وغرقت الغرفة في ظلام كامل.

ثم ظهرت عند نهاية الممر لمحة نور خافت… شكل شخص واقف. لم يتحرك. لم يصدر صوتًا. فقط يقف هناك ويتجه وجهه نحو سليم، رغم أن الظلام كان يخفي ملامحه تمامًا.

تراجع سليم خطوة، وفجأة انغلق باب الغرفة خلفه بقوة جعلت الجدران تهتز. الهمسات عادت، لكنها أصبحت أوضح… كأن عشرات الأصوات تتحدث في وقت واحد بعبارات غير مفهومة، ولكن بينها كلمة واحدة تكررت بصوت امرأة:

“ارجع… ارجع.”

ارتجف جسده بالكامل. حاول فتح الباب لكن المقبض كان باردًا بشكل غير طبيعي، كأنه قطعة ثلج. عندما نجح في فتحه أخيرًا، اندفع خارج الغرفة بسرعة، لكنه لم يجد الممر كما تركه… بل وجده أقصر بكثير، والإضاءة فيه منطفئة بالكامل إلا من مصباح أحمر يضيء ويختفي ببطء.

وعند طرف الممر، وقفت امرأة ترتدي ثوب المستشفى، شعرها محترق من جانب واحد، وعيناها سوداوان بالكامل. مدت يدها إليه وقالت بصوت خافت يشبه الهمس الذي سمعه:

“كنتَ المفروض تيجي من زمان.”

لم يستطع الصراخ… كل شيء اختفى. وجد نفسه بعدها ملقى على الأرض قرب باب الممر الرئيسي، والملفات مبعثرة حوله. لكن السجل الذي قرأه لم يجد له أثرًا.

ومنذ تلك الليلة، يغلق المستشفى الممر 17 تمامًا… لكن العاملين يقسمون أنهم يسمعون همسات تأتي منه كل ليلة، وكأن أحدهم ما زال ينتظر.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Ahmed Omar تقييم 0 من 5.
المقالات

4

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.