متجر الاحلام الضائعة
متجر الاحلام الضائعة 
كانت ليلى، فتاة مراهقة، تسير وحيدة في شوارع المدينة القديمة بعد انتهاء المدرسة. قلبها مثقل بالواجبات والضغط اليومي، وكانت تبحث عن شيء يخرجها من ضوضاء الحياة. فجأة، لمحَت بابًا خشبيًا صغيرًا بين المباني، لم يكن هناك أي لافتة ولا ضوء، لكن شيئًا ما جذبها نحوه.
دفعت ليلى الباب بحذر، وما إن دخلت حتى وجدت نفسها في عالم مختلف تمامًا. المكان كان مليئًا بالكتب القديمة والمقتنيات الغريبة، وكل شيء فيه يبدو حيًا بطريقة غير مفهومة. الأرفف الطويلة تصل للسقف، والكتب تبدو وكأنها تتنفس وتنتظر أن تُقرأ.خلف أحد الرفوف ظهر رجل في منتصف العمر، عيناه دافئتان وتحملان ذكريات كثيرة، وتجاعيد الزمن كانت تحيط بوجهه كقصص غير مكتملة. ابتسم لها وقال بهدوء:
“أهلاً بك في متجر الأحلام. لا يفتح أبوابه إلا لمن يحتاجون لاكتشاف شيء ضائع في روحهم.”
شعرت ليلى بالدهشة. المكان لم يكن مجرد متجر عادي، والحديث عن شيء ضائع في روحها جعل قلبها يخفق بسرعة. لم تخف، بل شعرت وكأن شيئًا قديمًا في داخلها تعرف هذا المكان منذ زمن بعيد.
أخذت تتجول بين الرفوف، وفجأة، لاحظت كتابًا صغيرًا على رف منخفض. كان الغلاف جلديًا مزخرفًا، وعندما لمسته شعرت بحرارة خفيفة تنتقل من أصابعها إلى قلبها. ثم حدث شيء غريب: بدأ الكتاب يلمع بلون ذهبي خافت، وكأن الكلمات داخله تدعوها للقراءة.اقترب الرجل وقال:
“هذا الكتاب اختارك، ليلى. كل كتاب هنا له روح، ويعرف من هو القارئ المناسب له.”
جلست ليلى على الأرض وفتحت الكتاب. فجأة، شعرت بأن المكان يذوب من حولها، وكأنها تطير بين السماء والأرض. وعندما أغلقت عينيها وفتحتها، وجدت نفسها في زمن مختلف تمامًا.
كانت في شارع قديم، مليء بعربات الخيول وناس يرتدون ملابس من زمن بعيد. كل شيء حولها كان حيًا، رائحة الخبز الطازج من المخابز، صوت الأطفال يلعبون في الأزقة، والهواء ممزوج بعطر الأزهار البرية. شعرت أنها عادت إلى الماضي.
لم تكن تعرف كيف وصلت إلى هنا، لكن الكتاب كان في يدها، صفحاتها تتوهج بلون ذهبي خافت. كل صفحة تقرأها تنقلها خطوة في هذا العالم القديم، وكأنها تعيش حياة لم تعشها من قبل.
رجل المتجر كان هناك، يبتسم من بعيد. لم يتدخل، لكنه كان يراقبها بصمت، كدليل حكيم يتركها تكتشف الحكاية بطريقتها.
أدركت ليلى شيئًا مهمًا: الكتب ليست مجرد كلمات على صفحات. إنها بوابات لعوالم مختلفة، أحيانًا تجد فيها ماضيك الضائع، أو حياة لم تعشها، أو جزءًا من نفسك كنت تبحث عنه.بعد ساعات —أو ربما أيام، لم تعرف بالضبط— عادت ليلى إلى المتجر، نفس المكان الذي دخلته لأول مرة. الكتاب كان لا يزال في يدها، لكنها شعرت بشيء مختلف في قلبها. كانت أكثر هدوءًا، وأكثر استعدادًا لفهم العالم من حولها بطريقة لم تعرفها من قبل.
ابتسم لها الرجل وقال:
“كل من يدخل هذا المكان يجد شيئًا ضائعًا يحتاجه قلبه. تذكري، ليلى، ليس كل من يبحث عن الماضي يجده، لكن من يجده، يجد نفسه أيضًا.”
رفعت ليلى رأسها ونظرت حولها، إلى الكتب التي تملأ المتجر. شعرت بأنها ليست مجرد فتاة مراهقة تبحث عن الهروب من الواقع، بل أصبحت جزءًا من قصة أكبر، حيث كل كتاب يمكن أن يكون بوابة، وكل صفحة رحلة لا تنتهي.
ومنذ ذلك اليوم، أصبح متجر الأحلام مكانًا سريًا لا يظهر للجميع، لكنه ظهر لها لتكشف أسرار الماضي، ولتعيش مغامرات لم تتخيلها من قبل.