الروح السوداء الفصل الحادي عشر
الروح السوداء
الفصل الحادي عشر
فى اليوم ده كانت ماما ومروة اتفقوا مع الشيخ انور ان احنا هنروح تاني يوم اللى هو الجمعة، رجع وليد من الشغل اليوم ده وقالتله مروة:
- وليد احنا بكرة رايحين لشيخ معالج بمي، معلش لو ممكن تيجي معانا.
وليد بعدم اقتناع بالفكرة:
- انا مش مقتنع باللف بتاع الناس دي، هي لو بس تواظب على الصلاة كل حاجة تتحل.
مروة:
- ياسيدى لعل وعسى لما تسمع الكلام ده من شيخ تاني غير اللى فات ده تتأكد انها لازم تحافظ على الصلاة اللى مش قادرة تقربله ده.
وليد:
- انا هاجي معاكم اكيد، بس انا بقولك فكرتي عن الموضوع ده مش اكتر.
مروة:
- ربنا بيسبب الاسباب.
وليد:
- طيب وده بياخد فلوس ولا لاء؟
مروة:
- اه بياخد 200 جنيه فى الجلسة، ولو الحالة محتاجة علاج بيكون للعلاج سعر تاني.
وليد:
- اللى انتم عايزينه اعملوه، بس الناس دي بتبقى نصابة مدام بياخدوا فلوس.
ماما:
- اهو نجرب يا وليد يابني، ما هي اللى فيه ده مبقاش له حلول فى ايدينا.
استقرينا على اننا نروح فعلا، ولما رجعت بسمة من شغلها اتكلمنا معاها فى انها تقعد مع الولاد علشان مروة ووليد وماما هيكونوا معايا، طبعا بسمة كمان وجهة نظرها زي وليد لكن فى النهاية هي لا قادرة تحل ولا حتى تعقد ولا عارفة ايه اللى فى ايديها ممكن تساعد بيه، الليلة دى كانت من اطول الليالي اللى فاتت عليا، كنت حاسة اني مش هصحى الصبح، نفسي طول الليل مكتوم ومش قادرة حتى احط رأسي على المخدة، كل ما اغمض عيني اشوف حيوانات بتاكل فى بطني وانا شايفاهم بعنيا وبصرخ من الالم وصوت مخيف بيضحك ضحكات مرعبة من ورايا لكن انا مش شايفة صاحب الصوت، كل اللى شايفاه الحيوانات الغريبة اللى بتاكل فى جسمي، مكنتش نايمة، انا اصلا معرفتش انام الليلة دي، ومش عارفة ازاي انا كنت شايفة كل ده وانا صاحية، حاولت اقوم اتوضى واجرب ااصلي ولو ركعة واحدة بس تخليني اهدا وتساعدني فى اني اخلص من الليلة الطويلة دي، لكن اتربطت...اتكتفت زى العادة، منعني اتحرك من مكاني وكنت قاعدة على الكنبة اللى بنام عليها فى بيت اختي وانا حاسة اني مكبلة من رجليا وايديا، جسمي كله بياكلني ومش قادرة حتى اهرش فيه، كأن فيه حشرات بتمشي على جسمي كله من تحت هدومي، مش عارفة اصرخ ولا اعيط، حسيت بنفسه، حسيت بالسخونية اللى بتصدر منه، سمعت فحيح صوته المرعب وهو بيقولي:
- مش هيساعدك، ولا حد غيره هيساعدك، قولتلك كل عقدة تخلصي منها بعد 100 سنة، محدش هيساعدك، انا مفيش مني هروب.
بيقول كده وحسيت بسخونية رهيبة على رقبتي برغم اني مش شايفة حاجة قدامي، ولا حتى فيه اي شيء ملموس على رقبتي، لكن كنت حساه قابض على رقبتي بأيديه ونفسي اتقطع من شدة الضغط على عروقي، بصراحة انا فى الوقت ده كنت بتمنى انه يموتني فعلا لأني تعبت، انا تعبت جدا والله من كل حاجة، بقيت رهيبة,,,بشتكي علطول برغم اني عمري ما كنت كده حتى وانا تعبانة وفى عز تعبي وصغيرة مكنتش بشتكي، كنت بلعب وبرقص وبجري وبنزل اشتري طلبات، وحتى كنت بنضف البيت كله بمنتهى النشاط، لكن دلوقتي بقيت علطول تعبانة برغم ان مفيش اي مرض عضوي، علطول بشتكي بحاجات مش كويسة، سواء احتياج مادي، معنوي، حتى بشتكي من شغلي وكل حاجة بتحصل فيه، انا نفسي بقيت بحس بالاكتئاب والاحباط من نفسي، بصدر طاقة سلبية رهيبة مع ان دي مش طبيعتي والله، كان نفسي اخلص من كل الضغط اللى عايشة ومعيشة غيري فيه، لكن هو عرف كل اللى فى بالي ورد عليه وهو بيقول:
- لسه كتيررررررررررررررر جدا على انك تتخلصي من كل ده، خلاصك مش بالبساطة دي، خلاصك مني هيكون مع خلاص روحك...ودي بقى متسابة تخلص برااااحتها.
انا كنت على الحال ده لحد ما النهار طلع حرفيا، لحد ما اولاد اختي صحوا من نومهم ودخلوا الاوضة اللى بنام فيها، وطبعا ماما صحيت على صوتهم وفى الوقت ده قرر يفك قيوده عني، انا مربطة ومتكتفة من غير ما يكون فيه اي حبال ولا قيوم حواليا، مجرد احساس محدش هيحس بيه ولا يصدقه غيري، ماما اول ما دخلت الاوضة لقيتني قاعدة ساندة ضهري على الكنبة وبعيط وانا باصة للسقف، اتخضت كعادتها عليا:
- حصل ايه تاني يابنتي بس؟
كنت بحاول اخد نفسي بهدوء شوية بعد ما قعدت كام ساعة مش عارفة اتنفس، كان نفسي بيتسحب علشان يخرج من جوايا بصعوبة وكأنه قاصد يعذبني، كررت ماما سؤالها ومقدرتش اجاوبها علطول وعلشان كده شاورتلها بأيديا انها تستنى، جت قعدت جنبي وطبطت عليا، عيطت اكتر لأني عارفة اني مخوفاها عليا ومشيلاها همي، فضلت ساكتة ومستنياني اتكلم، لحد ما قولتلها وانا صوتي شبه رايح:
- شكلهم بيمنعوني اروح المشوار ده ياماما؟ انا مغمضتش عيني لحظة.
ماما بقهر:
- هنروح يا مي، هنروح حتى لو هضطر اشيلك واروح بيكي.
رديت وانا حاسة ان معدتي من جوة بترتجف:
- خايفة يا ماما.
ماما:
- مش هنخسر قد اللى خسرناه يا مي، ابوكي ومات، والبيت واتباع، وسنين راحت على الفاضي وفلوس بالكوم مش عارفينها رراحت على ايه، يبىقى هنخاف على ايه تاني نخسره؟ انا يا بنتي لا بصدق الناس دي ولا هصدقهم بس انا خلاص مش لاقية اي تفسير للي بيحصلك وبيحصلنا معاكي.
عيطت اكتر ولقيت نفسي مش عارفة اقول حاجة تانية، هي عندها حق، ابويا اللى برغم زعله مني ساعات الا انه كان حتة من قلبي، راح...مات...روحه مطلعتش من جسمه اللى كانت متعلقة فيه من اول اليوم لاخره غير لما انا رجعت من شغلي ودخلتله اوضته، وبرغم كل اللى موجودين حواليه حسيت انه كان مستنيني...كان مستني يسمع صوتي، هو بيحبني وبيقول عليا اني احن واحدة عليه، بصراحة انا مكنتش بعرف اقوله لاء على حاجة، برغم ان اخرة فترة فى تعبه كانت بسمة هي اللى شايلاه مع ماما وانا كنت ببعد نفسي، لكن مش جحود والله، ده بس لأني مكنتش حابة احسه محتاج ان حد يساعده ويحركه، مكنتش قادرة اقاوم فكرة ان تعبه المرة دي غير كل مرة، مكنتش عايزة اقنع نفسي انه وصل للمرحلة اللى محتاج فيها حد يشيله وحد يغيرله وحد يحميه...عايزاه يفضل فى بالي ابويا اللى بيضحك ويهزر، ويرفض ويتعصب ويزعق، ابويا اللى طول ما هو قاعد ينادي عليا او على ماما علشان يطلب مننا طلبات، ابويا اللى صوت خبطته على الباب بعرفها من مليون خبطة، اسمه اللى بيرن على تليفوني وانا برة يطلب مني اجيبله سجاير او مناديل او اي برشام لمعدته اللى كان بيشتكي منها كان من الحاجات اللى مش عايزاها تروح من بالي، وعلشان كل ده كنت ببعد نفسي عنه اخر فترة، هخسر ايه بعده؟ ولا حاجة...حتى البيت اللى خسرناه اكيد جنب ابويا ميسواش اي حاجة فى الدنيا، قومت وانا بقول لماما:
- هدخل استحمى علشان اجهز وننزل قبل الصلاة.
ماما:
- طيب يا حبيبتي، استهدي بالله واوعي تعيطي فى الحمام.
فعلا دخلت اخدت دش، لكن الغريب اني مكنتش عارفة اقف على رجلي وانا فى الحمام، كنت كل ما اتحرك حركة واحدة جسمي يلف حوالين نفسه واتزحلق واقع، كان بيمنعني فعلا اني ابقى جاهزة للمشوار ده، مش عارفة ازاي قدرت اطلع من الحمام من غير ما اتكسر، انا كنت كل ما بقوم من على الارض بتزحلق تاني برغم ان الارض ناشفة ومفيش فيها مياه لأني اخدت الدش جوة البانيو، زهقت من اني احكي اللى بيحصل معايا فطلعت من الحمام وانا حاسة بتعب فظيع، جسمي وعضمي كله واجعني، كانت مروة صحيت وكمان وليد، جهز الفطار وفطرنا مع بعض وكله قام يجهز وصحيت بسمة علشان تقعد مع الولاد...ونزلنا من البيت طبعا ركبنا اكتر من وسيلة مواصلات لحد ما وصلنا للمحافظة اللى فيها الشيخ انور اللى كنا بنكلمه كل شوية علشان يبقى معانا على الخط ويوصفلنا الطريق والمواصلات، وفى المواصلة اللى هتنزلنا فى المحافظة بتاعته ودي كانت قبل الاخيرة فجأة وبرغم ان الشبابيك مفتوحة والهوا جامد جدا، لقيت ماما اللى انا كنت قاعدة جنبها بتمسك رقبتها وبتاخد نفسها بصعوبة وبتقولي:
- مي..الحقيني انا مخنوقة...مخنوقة.
اتخضيت، وكانت مروة ووليد قاعدين قدام فأنا كنت جنبها ومش عايزة الفت انتباه حد، لقيت نفسي بقولها:
- طيب تتعالي ننزل، اشربي مياه طيب واخلي السواق ينزلنا.
ماما برفض:
- قولتلك لاء، هنروح يعني هنروح.
كانت بتتكلم ووشها بيحمر وصوتها بيتخنق اكتر، طلعت ازازة المياه بسرعة وساعدتها تشرب، فضلت حاسة بالخنقة شوية لحد ما قدرت تذكر الله ورا بعض، ابتديت تهدا شوية وكملنا الطريق وصلنا الموقف واتصل وليد بالشيخ انور اللى قاله:
- هتركب توكتوك وتديني السواق اقوله ينزلك فين.
فعلا ركبنا مع توكتوك انا ومروة وماما ورا ووليد قعد جنب السواق، واتصل بالشيخ انور اللى كلم السواق ووصفله هينزلنا فين، طبعا احنا مش عارفين اي حاجة فى المكان اللى احنا فيه، وفى نفس الوقت خايفين يطلع نصاب، وخايفين يكونوا عصابة..عارفين انتم الحاجات اللى بتيجي فى بال الواحد دي لما يبقى هيتعامل مع حد غريب وفى مكان غريب عنه كمان، لكن احنا مصممين نكمل، وكملنا...الطريق بتاع سفرنا لمحافظة الشيخ كان كوم...والطريق اللى مشينا فيه علشان نوصل لمكانه كان كوم تاني خالص، احنا حرفيا بعدنا عن كل العمار، مش عايزة اقول اننا مشينا بين اراضي زراعية او بيوت قديمة متهالكة او عشش مكسرة او حتى فى عز الضلمة....لالالالا...احنا كنا فى عز النهار بيوت عادية اعلى بيت فيهم 3 ادوار لكن تقريبا ولا بيت فيهم مسكون، انا مصادفتش حتى فى حد واحد واقف فى بلكونة ولا على باب شارع ولا حتى شوفت محل بقالة ولا عربية خضار، لما مش عارفة الناس فى المكان ده عايشين ازاي اصلا؟ بعدنا شوية عن البيوت اللى كانت على صف واحد والصف التاني كان ترعة كبيرة على طول الطريق، فجأة وكل ما نبعد عن الطريق اللى ركبنا منه بقى يفضى الطريق اكتر، وبعد ما كان فيه بيوت بقى الطريق كله عبارة عن جنب فيه الترعة وجنب تاني عبارة عن فراغ عميق وكأن الارض دى كلها على طول الطريق كانت هتتبني او هيتحط فيها اساس عمدان علشان يطلع مبني كبير، كانت عبارة عن حفرة كبيرة عميقة جدا على طول الطريق، كنت انا وماما ومروة تقريبا بنترعش من الخوف من اننا نقع بالتوكتوك فى جنب من اجناب الطريق، رعب والله رهيب فى الطريق بس، وعلى الحال ده فى الطريق لبيت الشيخ انور اكتر من عشرين دقيقة، وقف السواق وقالنا:
- هو قاللي انزلكم فى المكان ده.
طبعا المكان فاضي ومفيش ناس، اه بالنهار لكن فيه رهبة من المكان...او الموضوع كله عموما مش عارفة، حاسب وليد السواق ومشي واتصلنا على الشيخ انور اللى لقيناه اول ما رد بيقول لوليد:
- انا اهو فى البيت اللى وراك علطول.
كنا واقفين وباصين ناحية الترعة وهو كان واقف فى بيت من دور واحد ارضي ورا جزء من الفراغ اللى فى الارض اللى كانت لسه ممتدة، علشان نوصل لبيته كان فيه واصلة خشب بين بيته وبين الطريق اللى واقفين عليه علشان نقدر نتخطى الفراغ اللى فى الارض، المنظر مرعب والله كنا بنعدي واحنا مرعوبين ان الخشبة تتكسر بينا ونقع، علشان كده عدينا واحد واحد مش كلنا مع بعض.
الشيخ انور:
- يا مرحب، معلش الطريق طويل.
ماما:
- اه بعيد جدا.
الشيخ انور بترحيب:
- اتفضلوا ادخلوا ارتاحوا.
شاورلنا على باب منفصل عن باب البيت وكانت اوضة مفروشة بانتريه قديم شوية وفى نص الارض سجادة قديمة برضو، كان هو راجل خمسيني تقريبا ولابس قفطان والابتسامة على وشه وهادي جدا...مفيش من ناحيته اي رهبة، دخلنا قعدت ماما ووليد جنب بعض على كنبة، وقعد هو على الكنبة اللى جنبهم، وكانت مروة وانا بنقعد على الكراسي اللى جنب الكنبة اللى قاعد هو عليها، اتكلم وقال:
- الحالة تقعد جنبي.
بعد ما كانت مروة هي اللى هتقعد جنبه سابتني انا اقعد، لكن قبل ما ارتاح على الكرسي من الطريق قاللي:
- معلش..اقعدى على الارض وافردي رجليكي.
كنت خايفة لكن بحاول اطمن بأمي ومروة ووليد، قعدت فعلا لكن لقيته مد ايديه جنب الكنبة اللى قاعد عليها وسحب حديدة طولها متوسط لكن من اتجاهاتها فوق وتحت مفتوحة وفتحاتها شبه الوردة بأوراقها، اصلا اول ما شوفنا الحديدة خوفنا، وبعدين سحب خرطوم زى السيليكون كده وبرضه مفرخ من الناحيتين وابتدا................
يتبع