الشر المقيم جبل الموت رعب
ومن هنا تبداء القصه، ،،،،،،،،،،عميقة ومنحدرات شديدة، وقد بنى أحد ملوك اليمن جسراً ضيقاً معلقاً فوق واد شديد الانحدار يربط جبلين شاهقين ، وهو المعبر الوحيد في هذه الأرض الموحشة التي لا يمر فيها إلا المضطر والقلائل من البدو والمسافرين الذين أجبرتهم الظروف على اجتياز هذه السلسلة الجبلية الخطيرة.. حول تلك الجبال أقام اليمنيون حضارات تاريخية متعاقبة، وفي متاهات سفوحها أخضع السبئيون ضحاياهم من الأعداء للتعذيب الأسود المرير، حيث يربطونهم بالأغلال ويتركونهم في المغارات والكهوف التي تنتشر في تلك الجبال، وبعد أيام من تركهم يعودون إليهم فيجدونهم جثثاً قد مُزّقت وأُكلت، وعُلّقت عظامهم وجماجمهم في سقوف الكهوف. وإلى اليوم ما استطاع أحد كشف هوية القاتل المتربص في هذه الجبال، لكن قدماء اليمنيين بالتأكيد يعرفون من يكون..! لذلك دأبوا على تقديم أجساد الضحايا من الأعداء وجبة له. الشر المقيم في هذه الجبال قد فتك بالعديد من الجيوش والأفراد منذ زمن طويل. ففي عام 24 قبل الميلاد انطلق القائد الروماني أيليوس غالوس من الإسكندرية على رأس جيش روماني جرار في محاولة منه لضم اليمن إلى الإمبراطورية الرومانية، واتخذ هذا القائد الروماني مرشداً عربياً يدله على الطرقات في اليمن، فتعمد هذا الدليل المرور بالرومان في هذه الجبال مما جعل نتائج هذه الحملة كارثية. فحين استراح الجيش ليلته في سفوح هذه المنطقة الجبلية، انبعث الموت يتلقفهم واحداً تلو الآخر، فمن تلك الكهوف الموحشة كان يخرج قاتل غير معروف يأخذ الأرواح ويبطش بالأجساد، ولم يأت الصباح إلا على جثث متناثرة ودماء ملطخة على الصخور، وبهذا فشلت الحملة وفقد الرومان معظم جنودهم، ولم يعد غالوس إلى الإسكندرية إلا مع القليل ممن تبقّى من جيشه العظيم. كما يُحكى عن اختفاء كتيبة من الأحباش الذين احتلوا اليمن والتي كانت تطارد جماعة من الثوار اليمنيين المناهضين للاحتلال الحبشي في هذه الجبال ، غاب ذكرها واختفى أمرها، وفُقد أثرها، وبعد شهور عُثر على عظامهم متناثرة في أحد الممرات الجبلية الضيقة. أُطلق على هذه الطريق فيما بعد طريق العظام البيضاء. ويتكلم اليمنيون عن حامية عثمانية تضم سفراء أتراك كانوا متجهين إلى صنعاء للتفاوض مع ملكها يحيى بن حميد الدين، وكانوا في عربات تجرها الخيول، وقد مروا في معابر هذه الجبال، وبعد يومين وصلت العربات إلى صنعاء، لكن من بداخلها كانت جثثاً قد أخيطت عيونها وأفواهها بحبال نحيلة صنعت من شعر إنسان. في بداية الستينيات من القرن الماضي، تفجرت ثورة شعبية ضد النظام الملكي في اليمن، وتحصن الثوار في وسط هذه الجبال مع رفاقهم المصريين الذين أرسلهم الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر إلى اليمن لمساندة الجمهوريين في ثورتهم المناهضة للملكية. كتب أحد الجنود المصريين "هنا في هذه الجبال يقبع شرّ مميت يبيت معنا كل ليلة، فمع كل صباح نجد أعدادنا تتناقص، وأحياناً نعثر على جثث مشوهة. في البداية اعتقدنا أن جنود العدو يتسللون إلينا خلسة تحت ظلام الليل، لكن في النهاية أدركنا أن القاتل ليس إنساناً، هناك شيء لا نعرفه يتسلل إلينا كما يتسلل البرد من تحت أغطيتنا، فيزهق الأرواح ويعبث بالأجساد، لم نرَ شيئاً لكننا نحس به ونشعر " ولعل من الحوادث التي شهدتها هذه الجبال، حادثة ظلت حبيسة الزمان ولا يُعرف الشيء الكثير عنها . في عام 1982م فُقدت في معابر هذه السلسلة الجبلية زوجة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح برفقة مدرسة فرنسية وخادمتها، ورغم إدعاء خصوم صالح من السياسيين أنه هو من دبّر اغتيالها والتخلص منها، إلا أن موتها ظل غامضا ولم تجر أية تحقيقات حينها لمعرفة ملابسات الواقعة، أنا لا أريد الخوض في المتاهات السياسية، لكن هذه الحادثة مرتبطة بالحوادث العديدة الغامضة التي وقعت في هذه الجبال القاتلة. في عام 2015 زحفت قوات الحوثيين من شمال اليمن باتجاه العاصمة صنعاء من عدة محاور، وكانت هناك فرقة عسكرية منهم اجتازت هذه الجبال، ورابطت ليلتها في قمم هذه السلسلة ولم تصل إلى صنعاء في صباح اليوم التالي، وبعد بحث عنها دام عدة أسابيع، وُجدت جثثهم ممزقة ومتناثرة على سفوح الجبال، وبقي الفاعل مجهولاً. زرت هذه المنطقة قبل سنوات عديدة، كانت مليئة بالعظام البشرية والجماجم القديمة المتناثرة في معابرها، وشاهدت ما يشبه الظل ينعكس على الصخور، مع انهيارات في المنحدرات تحدث بين فترة وأخرى، وحكت لي إحدى السيدات عن قصة حدثت لها حين كانت صبية برفقة أهلها تعبر هذه الجبال على عربة تجرها الثيران . كان الوقت بعد غروب الشمس حين ظهرت لهم كيانات وصفتها بأنها شبيهة بالإنسان لكن وجوهها كوجوه الكلاب، أحاطت بالعربة ثم هجمت عليهم وأخذت تطعن أجسادهم بأظافرها الطويلة، استطاعت الصبية الخروج من العربة ثم جرت في تلك الجبال لمدة ليلة كاملة حتى أنهكها التعب وسقطت من الإرهاق، ولم تفق إلا في خيمة للبدو قد عثروا عليها في أحد الأودية وهي فاقدة للوعي. ومن يومها لم ترَ أهلها فقد اختفوا للأبد. لا أستطيع الجزم عن سبب اللعنة التي سكنت هذه الجبال، لكن بعد بحوث أجريتها توصلت إلى رابط مهم يمكنني أن أطرحه كسبب مرجح لوجود هذا الشر الماكث في تلك المنطقة الجبلية. في حوالي العام 900 قبل الميلاد زار سيدنا سليمان عليه السلام اليمن للقاء بلقيس ملكة سبأ، وأحضر معه جيشاً عظيماً من الإنس والجن، وبعد أن أتم زيارته وغادر اليمن إلى القدس، ترك حامية من جنوده في اليمن ومعهم أعداد هائلة من الجن. وبعد أن توفي النبي سليمان وتعاقبت الأزمان، تغير إيمان الناس وبدأوا بعبادة الأوثان والأصنام، فاستغل الجن فساد العباد، وبدأوا في تعليم الناس السحر والشعوذة حتى انتشر السحر في مأرب عاصمة السبئيين، وأصبحت حالة الناس مزرية بعد انتشار آفة الكهنوت الى أن أتت السنين بأحد الملوك الذي قرر محاربة السحر والسحرة وتخليص شعبه ومملكته من هذا البلاء، فجمع كل كتب السحر ونقلها بعيداً نحو الشمال، حيث أخفاها في جبال وعرة النهايه ،،،،،،،،،،،