سكون الليل الهادئ
سكون الليل الهادئ
في سكون الليل الهادئ، عندما كان القمر منخفضًا وتومض النجوم بخجل، قررت مجموعة من الأصدقاء الشروع في مغامرة مثيرة. وجهتهم؟ المقبرة القديمة في أطراف المدينة، حيث شواهد القبور تقف كحراس صامتين، وهمسات الماضي عالقة في الهواء مثل لحن مؤرق.
وبينما كانوا يعبرون البوابات الصدئة، سرت قشعريرة في عمودهم الفقري، لكنهم استمروا في المضي قدمًا، يغذيها مزيج من الفضول والشجاعة. ألقى القمر بظلال مخيفة، مما أدى إلى إطالة شواهد القبور إلى أشكال بشعة بدت وكأنها تتراقص في الضوء الخافت.
لقد تجولوا في عمق المقبرة، وكانت أقدامهم مكتومة بالأرض الناعمة تحتهم. أصبح الهواء أكثر برودة، واستقر الشعور بعدم الارتياح على المجموعة مثل الضباب الخانق. لكنهم ضحكوا بعصبية، واصفين مخاوفهم بأنها مجرد خيال طفولي.
وذلك حتى سمعوه، وهو لحن خافت من عالم آخر بدا وكأنه يتسرب من الأرض نفسها. بدأ كدندنة ناعمة، بالكاد تُسمع فوق حفيف أوراق الشجر، لكنه أصبح أعلى مع كل لحظة تمر، وملء الليل برنين مؤرق.
لقد تجمدوا من الرعب، وقلوبهم تنبض في صدورهم بينما كان الصوت يغلفهم، وينسج طريقه إلى أرواحهم. لقد كان لحن الحزن واليأس، سيمفونية الملعونين التي تغنت بها أصوات أسكتها مرور الزمن.
لقد بحثوا بشكل محموم عن مصدر الصوت، ولكن يبدو أنه ينبعث من كل مكان ومن لا مكان في وقت واحد. تردد صدى هذا الصوت من شواهد القبور المتهالكة وتردد صداه عبر غابة الأشجار الكثيفة، وأحاط بها في نشاز من النغمات المرعبة.
عندما وصل اللحن إلى ذروته، ظهر شخص من الظلال - شبح يرتدي ثيابًا ممزقة، ووجهه محجوب بحجاب الظلام. مع كل خطوة يخطوها، بدا أن الأرض ترتعش تحت قدميه، وأصبح الهواء ثقيلًا بإحساس واضح بالرهبة.
غير قادرين على تمزيق أنظارهم بعيدًا، شاهدت المجموعة في رعب بينما رفع الشخص يديه إلى السماء، وأصابعه تتلوى في أشكال بشعة أثناء قيامه بقيادة الأوركسترا الغامضة. وبعد ذلك، وبنحيب حزين أخير، توقف اللحن، ولم يتبق في أعقابه سوى صدى الصمت.
استدار الأصدقاء وهم يرتجفون من الخوف وهربوا من المقبرة، وكانت قلوبهم تتسارع وهم يركضون عائدين عبر البوابات الصدئة إلى الأمان في الليل. لكنهم مهما حاولوا، لم يتمكنوا أبدًا من نسيان الصوت المخيف للموسيقى النفسية التي ترددت في جميع أنحاء المقبرة - لحن يتحدث عن الظلام واليأس، وعن الأسرار المدفونة منذ فترة طويلة تحت الأرض الصلبة الباردة.
