**"كوخ الأرواح الغاضبة"**

**"كوخ الأرواح الغاضبة"**

0 المراجعات

في إحدى الليالي المظلمة، كان أحمد يسير وحده في طريق مهجور بين الأشجار الكثيفة. كانت الرياح تعصف بشدة والأغصان تتمايل وكأنها ترقص على إيقاع الموسيقى المرعبة. كانت السماء ملبدة بالغيوم الكثيفة، ولا يمكن رؤية النجوم أو القمر.

قرر أحمد أن يسلك هذا الطريق لأنه كان مختصرًا ليصل إلى قريته بسرعة. لم يكن يعلم أن هذا الطريق يخفي وراءه أسرارًا مظلمة. كانت الأساطير تقول إن هذا المكان كان مسكونًا بأرواح ضائعة تبحث عن الانتقام. تجاهل أحمد هذه الأساطير معتقدًا أنها مجرد خرافات.

أثناء سيره، بدأت الأصوات الغريبة تزداد من حوله. سمع همسات غير مفهومة وضحكات بعيدة وكأنها تخرج من أعماق الأرض. حاول أحمد أن يتجاهل هذه الأصوات واستمر في المشي بسرعة أكبر. لكن فجأة، سمع صوت خطوات ثقيلة تتبعه. توقف أحمد عن السير والتفت ليرى من خلفه، لكنه لم يجد أحدًا.

بدأ قلبه ينبض بشدة وشعر بالخوف يتسلل إلى جسده. استمر في السير، ولكن الخطوات كانت تقترب منه أكثر وأكثر. لم يعد يستطيع تجاهل الأمر. قرر أن يركض بأقصى سرعته. لكن كلما زاد سرعته، زادت الخطوات خلفه.

في تلك اللحظة، رأى أحمد ضوءًا خافتًا يخرج من بين الأشجار. توجه نحو الضوء بسرعة ظنًا منه أنه قد يجد شخصًا يساعده. وصل إلى كوخ قديم متداعٍ. كانت النوافذ مكسورة والأبواب تتأرجح بفعل الرياح. لم يكن لديه خيار آخر، فقرر الدخول.

عندما دخل، شعر بأن الجو داخل الكوخ أكثر برودة من الخارج. كان المكان مظلمًا ومعتمًا، إلا من ضوء شمعة صغيرة تشتعل في زاوية الغرفة. تقدم بحذر نحو الشمعة وأمسك بها ليضيء المكان. رأى أثاثًا قديمًا ومتهالكًا وجدرانًا مليئة بالغبار والعناكب.

بينما كان يتفحص المكان، سمع صوت أنين قادم من الطابق العلوي. تردد قليلاً، لكنه قرر الصعود لمعرفة مصدر الصوت. صعد السلم الخشبي الذي كان يصرخ مع كل خطوة. وصل إلى الطابق العلوي ورأى بابًا مغلقًا في نهاية الممر.

توجه نحو الباب وفتح ببطء. كانت الغرفة مظلمة تمامًا، لكنه استطاع رؤية شكل غامض يجلس في الزاوية. اقترب بحذر وسأل بصوت مرتجف: “هل هناك أحد هنا؟”

جاءه الرد بصوت مرعب: “لماذا أتيت إلى هنا؟ هذا مكانك الأخير!”

شعر أحمد بالرعب وتراجع بسرعة. لكن قبل أن يتمكن من الهرب، أُغلقت الأبواب والنوافذ بقوة وكأنها محاصرة. حاول أحمد فتح الباب لكنه لم يستطع. بدأ يصرخ طالبًا النجدة، لكن لم يكن هناك من يسمعه.

في تلك اللحظة، بدأت الأرواح تظهر حوله. كانت أشكالهم مشوهة وأعينهم متوهجة بالغضب. اقتربوا منه ببطء، وكلما اقتربوا، شعر أحمد بأن روحه تُسحب منه. حاول المقاومة، لكن بلا جدوى. بدأ يشعر ببرودة شديدة تتسلل إلى قلبه، وشعر بأن حياته تتلاشى تدريجيًا.

في تلك اللحظة، تذكر أحمد الأساطير التي سمعها. كانت تقول إن الأرواح هنا تبحث عن الانتقام من كل من يتجرأ على دخول مكانها المقدس. حاول التحدث إليهم، لكن صوته كان ضعيفًا. قال بصوت مرتجف: “أنا لم أقصد إزعاجكم، أرجوكم دعوني أذهب.”

لكن الأرواح لم تتوقف. استمروا في التقدم حتى أحاطوا به تمامًا. شعر بأن الظلام يبتلع كل شيء، وبدأ يفقد وعيه.

عندما استيقظ، وجد نفسه ملقى على الطريق المهجور. كانت الشمس تشرق والأشجار تبدو أقل رعبًا. حاول النهوض لكنه شعر بألم في جسده. نظر حوله ولم يجد الكوخ. تساءل إذا كان كل ما حدث مجرد كابوس. لكنه عندما نظر إلى يديه، رأى علامات حروق صغيرة وكأنها آثار لمسات أرواح غاضبة.

أحمد لم يعد كما كان. عاد إلى قريته لكنه لم ينسَ أبدًا ما حدث في تلك الليلة. أصبح يتجنب الطريق المهجور، وتعلم أن الأساطير قد تحمل في طياتها بعض الحقائق المخيفة.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

8

متابعين

0

متابعهم

0

مقالات مشابة