لكل كرب مفتاح

لكل كرب مفتاح

1 المراجعات

كأنك ماشي في درب طويل كله عتمة، وكل خطوة بتحس بثقل على صدرك مش عارف تفسره. في لحظات الوحدة والصمت، بيجيلك الإحساس ده اللي بيقلب حياتك رأساً على عقب. صوت داخلي بيخبط عليك، كل ضغطة بتحفر فيك أكتر وأكتر.

تلاقي نفسك عايز تتكلم، عايز تفضفض وتصرخ لكن مش قادر. بيجيلك إحساس كأنك لو نطقت هتنهار، كأنك لو فتحت قلبك بالهموم هيطلع منه كَم من الدموع اللي ممكن يغرق كل اللي حواليك. وتحاول تسكت، تسكت لأنك مش لاقي حد يفهمك، أو يمكن لأنك خايف إن اللي جواك أكبر من إنك تقدر توصّفه بالكلام.

الضغط ده مش بس على قلبك، ده كأنك حامل صخور على صدرك، كل ما تتنفس تحس بخنقة، كأن الهوى مبيوصلش، نفسك ضايق وبتحاول تجاهد تاخد نفس بس ما تقدرش. بتحس إنك لو قعدت في مكان هتلاقي دموعك تنزل من غير استئذان، وكأنك بتحمل جبل من الأحزان، لكنه جبل جواك.

تحاول تلهي نفسك بالشغل، بالأصدقاء، حتى بالأحلام اللي بتبنيها في دماغك، لكن يرجع الوجع تاني. تكتشف إنك دايمًا بترجع لنفس المكان، بتواجه نفس الألم ونفس التعب. هو وجع مش بينتهي، وجع بيعلمك إن الحياة ممكن تكون مليانة ضحك وفرح للناس اللي حواليك، لكن ليك دايمًا بتفضل كده... متغطية بالهم والحزن.

في اللحظات دي، بتحس إنك لو نطقت وقلت كلمة واحدة ممكن تنهار. الدموع اللي بتلمع في عينيك مش لاقية مخرج، وكأنها بتحبس نفسها لأنك خايف تضعف، خايف تتهدم، خايف تبقى زي الورق قدام أول ريح.

الوجع ده مش بس ألم، ده شعور بأنك مربوط بخيوط خفية، خيوط بتسحبك دايمًا للوراء، وكأنك مهما حاولت تتحرر بترجع لنفس الدائرة المغلقة.

الضغط ده مش بيعرف يتوقف، كلما تحاول تخلص منه تلاقيه بيزيد، بيكبر جواك. والأصعب إنك مش قادر تلاقي مخرج. مرات تحاول تبتسم في وجه العالم عشان ميبانش عليك، عشان ما تحسش إنك ضعيف قدام الناس، لكن في الحقيقة كل ابتسامة بتبقى مجرد ستار، ستار بيعكس صورة مش حقيقتك. جوه قلبك جروح مفتوحة، وفي عقلك أفكار متشوشة ومخنوقة.

تحاول تنام، تحاول تفصل، لكن كل ليلة بتمر عليك كأنها حرب. القلق مش بيسيبك. تبدأ تحس إنك لو سكت هتنهار قدام أي حد، وممكن الكلمة الوحيدة تبين كل ما عندك من ضعف. لما تفتح عينيك تلاقي العالم مستمر في حركته، لكن أنت لسه واقف في نفس المكان، مش قادر تتحرك.

تسأل نفسك: هل في حد بيحس بنفس الشعور ده؟ هل في حد يقدر يفهمك؟ ولما تلاقي نفسك مش قادر تلاقي إجابة، يبدأ الوجع يتضاعف. تتمنى لو فيه شخص يسمعك، يسمع صوتك المكسور، لكن لسه مش قادر تفتح قلبك لأي حد. خوفك من العجز، خوفك من كونك غير قادر على التغيير هو اللي بيخنقك أكتر.

تبدأ تشعر إنك لو انفجرت هتدمر كل حاجة حوالينك، مش بس نفسك. الهموم الكثيرة، والمسؤوليات اللي عليك، وكل شيء بيسحبك لأرض الواقع، وتلاقي نفسك محاصر في دوامة مافيش لها نهاية. ساعات بتوصل لمرحلة مش قادر حتى تضحك، حتى لو فيه حاجة مضحكة قدامك، بتشوفها بعين متعبة ومضغوطة، وما تقدرش تستمتع بيها.

الناس اللي حواليك مش فاهمين، مش شايفين إلا الصورة الكاملة اللي أنت عايش فيها، لكن مش شايفين جواك. مش شايفين المعركة اليومية اللي أنت بتخوضها. أوقات بتفكر، هل فعلاً في حد في الدنيا بيشيل العبء ده لوحده؟ هل الحياة دي عدالة؟ هل أنت غلطان في كل الاختيارات اللي اتخذتها؟

لكن في النهاية، تلاقي نفسك بتتمسك بأي خيط أمل صغير، حتى لو كان ضعيف. تلاقي نفسك بتحاول تنظر للأمام، حتى لو كان الطريق ضبابي، حتى لو كان كل شيء ضايع. لأنك عارف إن الحياة مش هتفضل على نفس المنوال للأبد. مهما كان الألم، ومهما كانت اللحظات الصعبة، تظل عندك القدرة على الاستمرار، على المضي قدماً رغم كل شيء.

الوجع ده، بيدرسك أكتر من أي وقت. بيوضح لك مدى قوة الصبر، وكيفية التعامل مع الألم، حتى لو ما كانش فيه حد حواليك يفهمك. الألم ده ممكن يكون مدرستك في الحياة، ممكن يكون هو القوة اللي بتخليك تقدر تكمل.

مهم إنك في وسط كل هذا الضغط، تذكر نفسك إن الحياة مش كلها سواد، وإن في لحظات تقدر تلاقي فيها الأمل، حتى لو كنت مش قادر تشوفه دلوقتي.

الضغط ده مش بيبطل، مهما حاولت تلهي نفسك أو تنسى، كل لحظة بتكون فيه بتحس إنك في صراع داخلي مستمر. بتمر عليك أيام كأنك غريب عن نفسك، مش قادر تشوف أي جزء من حياتك مضيء. حتى في اللحظات اللي المفروض تكون فيها سعيد، بتحس إنك مش قادر تفرح زي ما أنت عايز، وإنك عايش في عالم مش من صنعك.

وكلما حاولت تفكر في الحل، كلما زاد العبء عليك. كل فكرة في دماغك بتزود الحِمل، وتخليك تتمنى لو كان فيه شخص بيقدر يفهمك دون ما تتكلم. أوقات تلاقي نفسك بتبكي في الخفاء، والدموع بتسقط وأنت مش قادر تشرح سببها حتى لنفسك. بتحاول تتجاهلها، تتمنى لو الزمان يرجع بيك أو لو تقدر تبني جدران حول قلبك عشان تقدر تحميه من الوجع.

الهموم بتتكاثر، والتفكير في المستقبل بيصير حمل ثقيل. بتحس إنك لو فكرت فيه أكثر، هتغرق أكتر. ساعات بتتمنى لو حياتك كانت أبسط، لو كان عندك فرصة للراحة، ولو حتى لحظة تكون فيها بعيد عن كل هذا الضغط. لكن الحياة ما بتديكش فرصة، ولا حتى ثانية، لتستعيد أنفاسك.

يوم بعد يوم، بتظل حبيس أفكارك، مش قادر تتواصل مع حد عشان تشكي. بتحس إنك لو حكيت، هتبقى عبء على غيرك. تفتح قلبك للآخرين، تحاول تجد ملجأ فيهم، لكن تكتشف إنهم مش قادرين يعطوك الدعم اللي انت محتاجه. مجرد كلمات روتينية أو نصائح اللي مش بتخفف من الوجع، وكأنك لو فكرت أكتر هتنهار أمامهم.

الليل بيجي، والهدوء بيخيم، لكن السكون ده بيخلي الألم يظهر أكتر. الوحدة بتحاصر كل خطوة، وكأنها تحاول تمتص منك آخر بقايا الأمل. ساعات بتمر بتساؤلات كتير، عن الحياة، عن الاختيارات اللي عملتها، عن كل لحظة شعرت فيها بالضغط لدرجة إنك مش قادر تضحك. مش قادر تبكي. مش قادر تعبر. بس لسه قادر تحس بالوجع.

لكن في وسط كل ده، فيه لحظات صغيرة، لحظات بتلمح فيها الأمل، حتى لو كان ضعيف. ساعات مش هتحتاج كلمات، مش هتحتاج أي حاجة، بس لحظة صمت، لحظة تقدّر فيها إنك موجود رغم كل حاجة، وإنك هتقدر تتحمل، حتى لو كنت مش شايف النهاية. الوجع ده مش هيدوم، مهما طالت فترته، فيه دايمًا لحظة بتقدر فيها تلاقي القوة اللي كنت فاقدها، القوة اللي جواك.

ويمكن الوجع ده، في لحظة ما، هيكون هو اللي هيخليك تعيش حياة مليانة تجارب وقوة. مش كل يوم هتكون في نفس المكان. مع مرور الوقت، هتلاقي إن الضغط اللي حسيته، هو نفسه اللي علّمك

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

17

متابعين

5

متابعهم

0

مقالات مشابة