السماء لا تتسع لنا -الفصل السادس(الكاتبة: علا ابراهيم)

السماء لا تتسع لنا -الفصل السادس(الكاتبة: علا ابراهيم)

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

 

– «زي ما قلتلك… اتجوزها. وخلّيها تبلغ، وقتها قدام النيابة هتبقى مراتك. هو في حد بيعمل كده في مراته؟!»

السماء لا تتسع لنا 

image about السماء لا تتسع لنا -الفصل السادس(الكاتبة: علا ابراهيم)

 

هز فاروق رأسه بعنف:

– «لا… لا. مستحيل. أنا رايح أتقدم لسيدرا أول ما أرجع. إزاي هبقى متجوز؟!»

أدهم تنهد، وهو بيفتح تليفونه:

– «يا عم متعرفش سيدرا دي هتطلع إيه أصلًا. الخدامة اللي عندك دي عاجباك، يبقى خليك معاهم الاتنين… واحدة للمظهر، وواحدة للقعدة. واهي ملهاش حد، مش هتقولك لا

– «أنا لو اتجوزت سيدرا، مش هخونها… لا مع خدامة، ولا مع غيرها.»

قالها فاروق بحدة وصدق صادم، سكت بعده أدهم للحظة.

– «خلاص يا عم… بس كده هتكون ظلمت التانية ظلم كبير.»

قالها أدهم وهو بيحك راسه بضيق.

سكت فاروق.

الصمت ماكنش عادي.

كان فيه حاجة بتضيق جواه، حاجة سخنة وغريبة… حاجة بتغلي كل ما حد يتكلم عن أروى.

قال أدهم فجأة:

– «بصراحة أنا شايف إنها بنت طيبة، باين عليها كده… وبعدين، خالد؟ خالد مش بيعجبه غير الستات التقيلة. يعني لو كانت حاجة عادية ماكانش جرّا وراها كده.»

أغمض فاروق عينيه للحظة.

الغضب جواه زاد…

مش فاهم ليه مضايق؟! ليه مش قادر يسمع اسمها وهي على لسان أدهم وخالد؟

ليه كل ما يتخيل أي راجل معاها بيحس إنه عايز يكسّر الدنيا؟

– «اسمها أروى.»

قالها بصوت واطي… لأول مرة.

رفع أدهم حاجبه بدهشة:

– «أروى؟ اسم حلو أوي…»

فاروق بصوت مضغوط:

– «ما خلاص بقى يا أدهم.»

ضحك أدهم:

– «مالك يا عم؟ بتغير عليها ولا إيه؟»

سكت فاروق.

كلمة «تغير» كانت زي طلقة.

هو بيغير؟ هو أصلاً يعرف الغيرة؟

نظر لأدهم بتوهان:

– «غيرة إيه يا بني؟ أنا برضه بتاع غيرة؟! وبعدين هو أنا بحبها عشان أغير عليها؟!»

لكنه سكت بعد الكلمة دي.

وصوته الداخلي كان بيرد عليه:

“وإن مكنتش بتحبها… كنت هتتجنن كده لما شوفت خالد معاها؟!”

أدهم ما ضغطش عليه، كان فاهم بس سايب الزمن يكشف.

قال بعدها وهو بيقوم:

– «يلا نجيب المأذون، تكتب ورقة الجواز وتمضيها. بس… هي بتعرف تكتب؟»

فاروق شرد، لأول مرة يحس بالضعف:

– «مش عارف…»

وبالفعل، تم استدعاء المأذون.

الإجراءات خلصت بسرعة، التوقيع تم، وكل حاجة بقت رسمية.

لكن الحاجة الوحيدة اللي كانت ناقصة… كانت "القبول".

 

---

في الشالية…

كانت أروى قاعدة في ركن الغرفة، حضنا رجليها، دموعها بتنزل في صمت.

ما بقاش عندها أمل إنه يفتح لها الباب.

كانت حاسة إن الدنيا كلها قفلت عليها.

— هي المخطئة.

مش هو…

ولا حتى صاحبه.

هي اللي سمعت كلام خالتها "روما"، وضغطها النفسي، وجت معاه الشالية لوحدها.

ليه وافقت؟!

ليه سابت طاقم الخدم؟

إزاي صدّقت إنها مجرد شغالة وهتقعد هنا تخدم على فاروق؟!

مسحت دموعها وهي بتفكر:

— “لو كان عندي عيلة… لو بابا كان عايش… عمر اللي حصل ده ما كان حصل.”

رفعت عينيها للسقف، ونفسها مكسورة.

أروى… كانت لوحدها.

ودموعها لسه بتنزل…

تفكر، ازاى دا حصل لها

وصلت عربية فاروق ووقفت قدام الشالية.

نزل منها، وطلع بالمفتاح… فتح الباب، وكان الصمت كاسح، زي الهدوء اللي يسبق العاصفة.

فتح باب غرفتها بهدوء…

لقاها نايمة على الأرض، ضامة وشها في ركبتها، وعيونها مغمضة كأنها نامت من كتر البُكا.

اقترب منها، وشالها بهدوء، حطها على السرير…

كانت الدموع جافة على خدها، وما قدرش يقرر: يصحيها؟ ولا يسيبها؟

لكن… عقلة اختار.

رش شوية ميه من الفازة على وشها.

فتحت عينيها ببطء…

وأول ما شافته، صرخت وضربته على صدره بضعف.

لكن… لأول مرة، فاروق…

حضنها.

حضنها بشدة.

دي كانت أول لمسة فيها دفء،

أول مرة يحسها ضعيفة…

أول مرة هو يحس إنه مش قادر يسيبها.

بصوت هادي، قال:

– «هشش… اهدى، خلاص… مفيش حاجة يا أروى، خلاص، أنا هنا…»

صوته الحنون، والطريقة اللي قال بيها اسمها،

أروى

خلت جواها حاجة تنهار.

دموعها وقفت، جسمها سكن فجأة، وحست بارتباك كبير.

مسح دموعها بإيده.

وبهمس خافت قال:

– «هسيبك تبلغي عني… بس، عايز منك طلب صغير.»

نظرت له، عيونها فيها حيرة وخوف.

– «عايزك تكتبيلي اسمك… في الورقة دي. انتي… بتعرفي تكتبي؟»

هزت راسها بتأكيد:

– «أه… اكيد.»

مدلها ورقة وقلم.

ابتسم، وبلطف قال:

– «اكتبيلي اسمك… بس كده.»

ظنت إنه عايز يحتفظ باسمها…

يمكن علشان ما ينساهاش… يمكن علشان يفتكرها.

وكتبت:

أروى عبد الرحمن…

وبمجرد أن كتبتة وفجأة، قام فاروق واقف بسرعة،

نظراته بقت باردة، وسابها من غير كلمة.

هي كانت لسة في حضنه من ثانية،

وفجأة… برد كل شيء، وخرج من أوضتها.

سابها مدهوشة… قلبها بيقع، مش فاهمة حاجة.

صباح اليوم التالي…

فاروق صحي متأخر شوية، وملامحه فيها راحة غريبة.

مد إيده على المخدة، لقى ورقة الجواز…

ابتسم ابتسامة واسعة وهو بيبص عليها، كأنها طوق نجاته.

قام من السرير، خرج بهدوء يدور عليها.

خمن إنها في أوضتها، خبط كذا مرة…

مافيش رد.

فتح الباب…

الغرفة فاضية.

اتجه بسرعة للمطبخ… الحمام… البلكونة…

مافيش.

فتح الدولاب، لقى الملابس مش موجودة.

أروى هربت.

وقف لحظة، بيفكر، هل راحت تبلغ؟

ضحك بخبث،

ورفع ورقة الجواز في إيده:

– «تبلغي براحتك… بس أنتي مراتي.»

رن الموبايل.

رد بسرعة.

– «روما؟»

– «فاروق، إنت فين؟ مش قلتلي إن النهارده هنتقدم للعروسة؟!»

بلع ريقه وقال:

– «آه طبعًا يا خالتي… بس… اتشغلت شوية.»

كان لسه ماسك ورقة الجواز…

لكن إيده بدأت تهتز.

الخادمة… أروى… مراته…؟

وفجأة، بدأ يحس بثقل في صدره.

زي شخص عمل مصيبة…

وفاكر إنه مسيطر عليها.

الكاتبة :علا ابراهيم

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

8

متابعهم

0

متابعهم

0

مقالات مشابة
-