
أزمة المفتاح الضائع في شارع السعادة.
صباح غريب في شارع السعادة
كانت الساعة تشير إلى السابعة صباحًا في شارع السعادة، حيث كل شيء كان هادئًا باستثناء صوت صراخ من منزل العم سعيد، رجل في الستينيات من عمره، يشتهر بكونه منظمًا لدرجة الهوس. صرخاته لم تكن من الألم، بل كانت من الغضب. "أين هي؟ أين اختفت؟" كان يصرخ وهو يقلب الوسائد ويزيح الأثاث وكأن زلزالًا ضرب منزله. أما زوجته، أم سعيد، فكانت تقف في المطبخ، تتناول كوبًا من الشاي بهدوء، وكأنها معتادة على هذه المهازل الصباحية.
أزمة "المفتاح" الكبري
كان سبب الأزمة هو مفتاح سيارته. العم سعيد يملك مفتاحًا واحدًا فقط، ويعتني به كأنه جوهرة نادرة. "لا يمكن أن يكون قد ضاع! أنا وضعته هنا بالأمس، بجانب المصباح! أنا متأكد!" كان يقول لنفسه وهو يضرب كفًا بكف. أم سعيد، التي كانت تعلم تمامًا أين المفتاح، قررت أن تستمتع باللحظة. "ربما خرج ليتمشى قليلًا يا سعيد، فقد ملّ من روتينك الممل!" قالتها وهي تبتسم بخبث. زادت هذه الكلمات من غضب العم سعيد، فبدأ يفتش في أماكن لم تخطر على بال أحد، مثل داخل غسالة الصحون وخلف شاشة التلفاز.
عملية البحث الفاشلة
أطلق العم سعيد "عملية بحث وطنية" في منزله. كل ركن، كل زاوية، كل درج، تم تفتيشه بعناية فائقة. اتصل بجاره أبو علي ليخبره بالخبر الجلل. "أبو علي! مفتاح سيارتي اختفى! إنه مؤامرة كونية ضدي!" قال العم سعيد بصوت درامي. أبو علي، الذي كان يرتدي بيجاما غريبة تحمل رسوم بطاريق، وعد بالمساعدة. وصل أبو علي إلى منزل العم سعيد، ووجد المشهد أشبه بمسرحية كوميدية: العم سعيد يزحف على الأرض وهو يتفحص تحت الأثاث بضوء هاتفه، وأم سعيد تراقب المشهد وتكاد تنفجر من الضحك.
نظرية المؤامرة
بدأ العم سعيد وأبو علي في وضع نظريات غريبة ومجنونة حول اختفاء المفتاح. "ربما قطة الجيران قد سرقته!" قال أبو علي. العم سعيد هز رأسه موافقًا. "أو ربما جاء كائن فضائي ليختبر مستوى تنظيمنا ويخطفه كذكرى!" اقترح العم سعيد بجدية. تحولت عملية البحث إلى تحقيق بوليسي سخيف. أم سعيد لم تعد تستطيع أن تكتم ضحكتها، فخرجت من المطبخ وهي تضحك بصوت عالٍ.
حل اللغز المحير
ضحكات ام سعيد كانت كفيلة بجعل العم سعيد يتوقف عن جنونه. "ما الذي يضحكك يا أم سعيد؟ هذه ليست مزحة!" قال العم سعيد. أجابته أم سعيد وهي تشير بإصبعها إلى رأس العم سعيد: "يا حبيبي، مفتاحك ليس ضائعًا، إنه فوق رأسك!" نظر العم سعيد إلى الأعلى، فوجد المفتاح معلقًا على طرف نظارته الطبية، وكأنه تاج الملك. كان قد وضعه هناك من شدة انشغاله بترتيب أمور المنزل في اليوم السابق ونسي أمره تمامًا.
لحظة إدراك الحقيقة المضحكة
تجمد العم سعيد في مكانه، ثم نظر إلى أبو علي، ثم إلى أم سعيد. لم يستطع أن ينطق بكلمة واحدة. أبو علي، الذي كان على وشك أن يبدأ في تفتيش الجيران، انفجر ضاحكًا. أما العم سعيد، فقد أحمر وجهه من الخجل، ثم بدأ يضحك على نفسه أيضًا. هذه الحادثة أصبحت قصة تروى في الحي، وكلما قابل أحد العم سعيد، يسأله: "هل فقدت شيئًا مؤخرًا؟"
النهاية السعيدة للدراما الصباحية
بعد هذه الحادثة، تعلم العم سعيد درسًا قيمًا: ليس كل شيء يحتاج إلى خطة وتنظيم دقيقين. الحياة أحيانًا تكون أكثر متعة بعفويتها. وأخيرًا، قرر أن يشتري مفتاحًا آخر لسيارته، فقط للاحتياط، ولكنه خبأه في مكان آمن هذه المرة... في جيب معطفه الذي يرتديه دائمًا، حتى لا يفقده مرة أخرى. ومنذ ذلك اليوم، أصبح شارع السعادة يشهد صباحات أكثر هدوءًا وضحكات أقل صخبًا.
