رواية لماذا أنا؟!
لماذا أنا؟!
-أنا... هي تلك الزهرة المتفتحة ذات العبير الخاطف من أبعد المسافات. أنا هو ذلك القمر الآخذ بالعيون من روعته ونفاذ ضوءه الذي يذهب بالعقول من شدة جماله.
-أنا... هي تلك الفتاة ذات القلب الأبيض النقي المطهر من جميع الأبغاض والأحقاد التي لا تضفي على القلوب إلا الران من شدة قبحها وسوئها.
-أنا.… هي تلك الفتاة التي قتلت مع سبق الإصرار والترصد؛ هي تلك الزهرة التي اقتطفها من لا يقدرون قيمة جمال صنع الله، الذين يبغضون الليل لشدة جمال القمر.
-أنا.... هي تلك الفتاة التي أضحت جسدا بلا روح وقلبا بلا نبض من قسوة ما رأت من خيانة وكذب وخداع البشر اللذين لا يبقون على شيء مما خلقه الله في كونه الفسيح للاستمتاع به والاستعانة به على تحملنا لهذه الحياة القاسية المهلكة لنفوسنا والمعذبة لأرواحنا.
-وهنا يكون السؤال…. (لماذا)؟
-لكن؛ ليس لماذا يحدث لنا هذا أو ذاك؟ فإن هذا السؤال به ما به من اعتراض على قدر الله وحكمته، واعتراف منا على عجز عقولنا عن فهم إرادة الله وتدبيره لشئون عباده.
-إنما.... يجب أن يكون السؤال هو:
لماذا لا نعطي لأنفسنا الفرصة لنتعرف على بعضنا البعض لنتعرف على هويتنا البشرية الإنسانية التي فطرنا الله عليها بما فيها من حق وخير وجمال؟!
-أليس من الممكن أن نجد في أنفسنا ذلك الترياق الذي يشفينا من آلام قسوة الحياة وطعنات ذوي القلوب السوداء؟!
-والإجابة هي: بلى؛ فإن ذلك الترياق يمكن أن يكون إيجاده أسهل ما يكون. فقد قال النبي ﷺ ﴿الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة﴾.
-فيمكننا أن نجد شفاءنا مع صديق مخلص صادق يكون أمينا ناصحا لنا ومعينا لنا على تحمل نوائب الدهر، أو شريك وفي للحياة يمدنا بطاقة الحب التي نحتاجها لمواجهة ذلك العالم المليء بأشكال التعب و الجهاد المتعددة التي لا مفر ولا مهرب منها وذلك لحاجتنا نحن إليها لنقدر على العيش في دنيا المصاعب، ويمكننا أيضا البحث عنه في صلات الأرحام التي أغفلتنا عنها مشاغل الدنيا وأنستنا أمر الله بوصلها فليس هناك أقرب من صلة أمرنا الله تعالى و نبينا ﷺ بالحرص عليها وعدم قطعها لما فيها من شفاء لنفوسنا فقد قال نبينا ﷺ ﴿من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه﴾، ويمكن أيضا أن نجد شفاء قلوبنا في عمل خير يقربنا إلى الله تعالى ويشفي صدورنا لما بها من آلام وأحزان.
-فإذا نظرنا إلى ما سبق ذكره؛ فإننا نجد أنه كله ليس فقط (أنا) بل (جميعنا).
-فما تلك الفتاة إلا مثالا لمعظمنا فالكثير منا إن لم يكن جميعنا بالتأكيد مر عليه الوقت الذي طرح فيه هذا التساؤل على نفسه.
-ولكن جميعنا يصلح له نفس الجواب تقريبا ألا وهو: أن الدنيا ما هي إلا دار فناء وليست دار بقاء فجميعنا خلقنا اختبارات لبعضنا البعض والأكثر ذكاء بيننا هو من ينجح في اختباره بصبره وبصيرته وبالطبع بقوة إيمانه بالله وبالقدر وباتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه. فالناجح فائز بجنة الخلد بما فيها من راحة وسعادة دائمة، والخاسر هو من يكثر من تلك التساؤلات التي لا تجلب إلا الحسرة والندامة على ما مضى مما يصعب إرجاعه أو ربما إصلاحه.
-وفي النهاية؛ فلنؤمن جميعا بقول الله تعالى ﴿وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة ٢١٦]. ولنتحلى جميعنا بالصبر والإيمان للفوز بجنة الرحمن.