الجزء الثالث: الدفن الملعون
محمود وحسين خرجوا من البيت بسرعة، وصوت الصرخات اللي كانوا سامعينه بدأ يختفي ببطء. حسين كان مرعوب وقال لمحمود: "إحنا لازم نخرج من هنا ونسيب الموضوع ده كله."
لكن محمود كان مصرّ على إنه ينفذ اللي كان مكتوب في الرسالة. قال لحسين: "إحنا ما نقدرش نهرب دلوقتي. لو ما دفناش الصندوق ده في مكان مقدس، اللعنة دي هتفضل تطاردنا، ويمكن أكتر من كده."
اتفقوا إنهم لازم يتحركوا بسرعة قبل ما يحصل لهم أي حاجة تانية. كان لازم يلاقوا أقرب جامع أو مسجد في المنطقة، ويدفنوا الصندوق هناك. طلعوا العربية وبدأوا يدوروا في المدينة على مكان مناسب. الشوارع كانت فاضية، والليل كان بيزداد ظلمة مع مرور الوقت.
بعد ساعة من الدوران، لقوا جامع قديم في منطقة نائية على أطراف المدينة. الجامع كان شبه مهجور، ومحدش كان بيصلي فيه من فترة طويلة. قرروا إنه ده أفضل مكان يدفنوا فيه الصندوق، لأن المكان كان هادي ومقدس في نفس الوقت.
دخلوا الجامع بحذر، ومعاهم الصندوق اللي كان ثقيل بطريقة غريبة، كأن فيه حاجة أكبر من مجرد خشب جواه. الجو في الجامع كان بارد جداً، وبرغم إنه كان صيف، إلا إن البرد كان زي ما يكون جزء من اللعنة اللي جاية معاهم.
محمود وحسين بدأوا يحفروا في الأرضية الترابية جوه الجامع. كل ضربة بالفأس كانت بتخرج صوت مكتوم، وزي ما يكون الأرض نفسها مش راضية إنها تتفتح. بعد فترة من الحفر، حفرة كافية اتعملت. محمود حط الصندوق جواها، وبدأوا يردموا عليها بسرعة.
لكن أول ما الصندوق اتغطى بالأرض، الجامع كله هز بطريقة غريبة، والأصوات اللي كانت بتطاردهم في البيت بدأت ترجع تاني. حسوا إن الأرض نفسها بتصرخ من تحتهم، وإن حاجة رهيبة بتحصل.
في اللحظة دي، حسين بدأ يفقد أعصابه وقال لمحمود: "أنا مش قادر أكمل، لازم نمشي من هنا حالاً!" لكن محمود كان مصمم إنه يكمل. قال لحسين: "لازم ننهي اللي بدأناه، ونتأكد إن اللعنة دي اتخلصنا منها نهائيًا."
فجأة، الأرض بدأت تهدأ، والصوت بدأ يختفي ببطء. بعد ما انتهوا من دفن الصندوق تماماً، حسوا إن الجو حواليهم بدأ يدفأ، والظلام اللي كان بيحاوطهم بدأ يتلاشى. كان واضح إنهم عملوا الحاجة الصح، وإن اللعنة بدأت تروح.
لكن قبل ما يخرجوا من الجامع، حسين سمع صوت خافت من تحت الأرض، زي ما يكون حد بيهمس باسمه. اتجمد مكانه وبص لمحمود وقال له: "إنت سامع ده؟"
محمود ما سمعش حاجة، وقال له: "مفيش حاجة يا حسين، إحنا لازم نمشي دلوقتي." لكن حسين كان واثق إنه سمع حاجة، وبقى متوتر أكتر من الأول.
خرجوا من الجامع بسرعة، وركبوا العربية واتجهوا ناحية المدينة. الطريق كان هادي، لكن حسين كان لسه مرعوب، وكان عنده إحساس إن في حاجة مش صح. حاول يطمن نفسه، لكن كل ما يقربوا من المدينة، كان الإحساس ده بيزيد.
لما وصلوا للمدينة، كل حاجة كانت طبيعية، لكن حسين ما قدرش ينام بالليل. كان بيحس إن في حاجة بتراقبه، وزي ما يكون فيه عيون بتتابعه من كل زاوية. في لحظة ما، قرر يقوم ويدور في البيت، لكن ما لاقاش حاجة غريبة.
لكن لما رجع لغرفته، لقى حاجة على سريره جمدت الدم في عروقه: كان فيه نفس الصندوق الخشبي اللي دفنوه في الجامع، موجود على السرير، ومفتوح.
جواه كان فيه صورة جديدة، مختلفة عن الصورة اللي شافوها في الأول. الصورة دي كانت لحسين نفسه، واقف في نفس الغرفة اللي كان فيها دلوقتي، لكن في الخلفية كان فيه ظل أسود كبير، أكبر من اللي ظهر في الصورة الأولى.
حسين ما قدرش يصدق اللي بيحصل، لكن كان عارف إن اللعنة ما خلصتش، وإنها رجعت بطريقة أقوى وأخطر.
في اللحظة دي، محمود اتصل بحسين، وقال له بصوت مرعوب: "حسين، حصل معايا حاجة غريبة. الصندوق اللي دفناه رجع لي تاني، أنا لاقيته على سريري!"
فهموا ساعتها إن اللي عملوه كان غلط، وإنهم ما تخلصوش من اللعنة. كان لازم يلاقوا طريقة تانية عشان يحسموا الموضوع ده نهائيًا، قبل ما اللعنة دي تدمر حياتهم.