قصة عن جزاء المعروف في الدنيا قبل الأخرة
قصة عن جزاء المعروف
يحكى عن ملك جبار يحكم بلادًا قوية أنه كان يخاف من تلاعب الوزراء ورجال الحاشية به بسبب كثرتهم وكبر البلاد التي يحكمها، فقرر أن يقوم بعمل حيلة، وقد تبيّنت له بعد أن فكّر تفكيرًا عميقًا؛ وكانت الحيلة هي إحضار عدد من الكلاب ووضعهم في حفرة ومن ثمّ إحضار شخص يقوم على تربيتهم بوحشية حتى تصبح قوية تستطيع افتراس أي شخص حال وقوعه في الحفرة. اجتمع الملك بوزرائه وحاشيته وقام بإخبارهم بشأن الكلاب وأنّ أيّ أحد يعارضه يتلاعب به من وراءه فإنه سيجد نفسه بين أسنان الكلاب المفترسة التي تتشوق لأن تقتله، وبذلك ظنّ الملك أنه قد ضمن أن كلًا من الوزراء والحاشية سوف يعملون بجد ولن يتهاونوا في عملهم ولن يخفوا عن الملك الجبار أي شيء.
وفي إحد الأيام كان الملك يجتمع بالوزراء والحاشية حتى يعرض عليهم أمر خاص بالمملكة فقام أحد الوزراء وعارض أمر الملك، فغضب الملك كثيرًا من تصرف ذلك الوزير حتى أنه قرر أن يرميه في الحفرة لتأكله تلك الكلاب كما حذرهم من قبل، فتوجه الوزير إلى الملك لكي يخبره أنه كان قد خدمه لمدة عشر سنوات ولم يجد منه تقصيرًا خلال كلّ تلك الفترة الماضية، ولكن الملك بقي مصممًا على أن يرميه في الحفرة للكلاب، فطلب الوزير أن يمهله الملك عشرة أيام قبل أن يتم عقابه فوافق الملك على طلبه، وعلى الفور انصرف الوزير إلى تلك الحفرة وطلب من حارس الكلاب بأنه سوف يأخذ دوره في حراسة الكلاب لمدة عشرة أيام، وبالطبع فرح الحارس من طلبه لأنه أخيرًا سوف يرتاح من هذه المهمة الشاقة.
ترك الحارس مكان عمله، إلا أن الوزير كانت لديه حيلة كبيرة، فقد عمل على إطعام الكلاب بشكل دائم لمدة تسعة أيام، وعندما جاء اليوم العاشر وهو اليوم الموعود ذهب إلى لينفذ أمر الملك، واجتمع الناس لرؤية الحكم، وبالفعل تمّ رمي الوزير في الحفرة بين الكلاب فتفاجأ جميع الحاضرين وأولهم الملك بأن الكلاب أسرعت إلى الوزير لكي تجلس عند قدميه ظانين بأنه سيقدم لهم الطعام الصباحي مثل عادته، فذهب الملك إلى لوزير حتى يسأله عما فعله مع تلك الكلاب حتى تجلس بهذا الشكل تحت قدميه.
أخبر الوزير الملك أنه أطعم الكلاب وسقاهم وخدمهم لمدة عشرة أيام فصانت له المعروف جزاء ما فعله معهم، ولكنه خدم الملك لمدة عشرة أعوام ومع ذلك لم يرحمه حتى أنه قرر أن يقتله مقابل خطأ واحد فقط، بل إنه نسي كل السنوات التي خدمه بها، فاستحى الملك وعفا عنه، فتم إخراج الوزير من الحفرة، لكنه لم ينس هذه التجربة طوال حياته واستمر على إطعام الكلاب من حين لآخر، كما أنه أصبح هو الوزير المقرب إلى الملك الذي يستطيع أن يقول له ما يشاء من الرأي وينصحه في أي وقت.