قصة المرأة التي تبحث عن حبة الخردل
قصة المرأة التي تبحث عن حبة الخردل
كان ياما كان، كان هناك مرأة صينية تعيش في منزلها مع طفلها الوحيد، وكان منزلها منزلًا مثاليًّا تغمره الأفراح، وفي يوم مرض الطفل مرضًا شديدًا وتوفي على إثره، فحزنت الأم على فراق طفلها الوحيد، لهذا السبب قرّرت أن تذهب إلى رجل في القرية كان يعرف بحكمته البالغة، وبالفعل ذهبت وسألته عن طريقة يمكنها من خلالها أن تعيد لها ابنها الوحيد مهما كانت مكلفة، فهي سوف تحاول بكل ما تملكه من قوة من أجل تنفيذ طلبات ليحقق أمنيتها في استعادة الطفل. بالطبع، استغرب الرجل من طلب المرأة لكنّه تفهّم تلهفها على رؤية طفلها، فأخذ نفسًا عميقًا، ثم قال لها: “إن الحل الوحيد ليتحقق أملك هو أن تحضري لي حبة من الخردل، على شرط أن تأخذي الحبة من بيت لم ير الحزن أبدًا”.
وبالفعل جالت المرأة في القرية وهي تبحث عن مطلب الرجل الحكيم، وبالفعل قامت بالدخول إلى بيت من بيوت القرية، وفور دخولها سألت ربة المنزل هل بيتكم أصابه الحزن يومًا؟. أجابت السيدة: “هذا البيت لم يعرف إلا الحزن منذ فترة طويلة، فقد توفي زوجي وترك لي أطفالاً لست أدري كيف يمكنني أن أوفر لهم الأكل والشراب واللباس”، حزنت السيدة لما سمعته من ربّة المنزل، كما أنها حاولت أن تخفف عنها مصابها وساعدتها ببعض من أموال لتستطيع توفير احتياجات أبنائها الصغار، حتى أنها وعدتها بأنها سوف تزورها مرة أخرى. وعندما خرجت اتجهت إلى منزل آخر وطرقت على بابه ففتحت لها سيدة فقامت بسؤالها نفس السؤال وقالت: “هل عرف بيتكم الحزن يومًا؟”. فأجابت السيدة: “هذا البيت قد أصابه الحزن عندما مرض زوجي كما أننا أفلسنا حتى لم يعد في البيت نقود تكفي لعلاجه، ولا أدري كيف عساي أن أدبر أمور بيتي وأطفالي”، ومرة أخرى حاولت المرأة الصينية أن تساعدها، وأعطتها نقودًا لتشتري دواءً لزوجها المريض، ووعدتها بزيارة أخرى.
استكملت المرأة جولتها للبحث عن حبة من الخردل من بيت لا يعرف الحزن أبدًا، لكنّ اليأس قد أصابها عندما رأت أن جميع المنازل تنطوي على أحزان ومشاكل كبيرة وكلّ واحد من الناس يحاول أن يحلّ مشكلته بنفسه من غير شكوى أو تذمّر، حتى أن اندماجها في حياة الآخرين ومعرفتها لظروفهم ومحاولتها لحل مشاكلهم قد أنساها المهمة الأساسية التي خرجت من أجلها وهي البحث عن حبة الخردل في منزل لم يعرف الحزن؛ لأنها علمت أن الهدف من طلب الحكيم وهو أن يشغلها في التعرف على مشاكل الآخرين لتتمكن من مساعدة الغير فتخرج من أحزانها، فليس هنالك قوّة غير قوة الله تعالى تعيد الميت إلى الحياة، وكلّ إنسان يمر بظروف حزينة لكن عليه أن يصبح أقوى وأن يواجه الظروف بصبر.