قصة الفتي وشجرة التفاح الرائعة
قصة الفتي وشجرة التفاح
يُحكى أنه ذات يوم وفي مكانٍ ما من هذا العالم الواسع كانت توجد شجرة تفاحٍ عملاقة ذات أغصان متفرعة وممتلئة بالثمار، وبجوارها فتىً يلهوا ويلعب دائماً بجوارها وتسلّقُ أغصانها ويأكل منها ما لذّ وطاب من الثمار، وكان إذا أُرهق من اللعب نام تحت ظلالها وأغصانها، ويتكرر هذا بشكلٍ يومي.
مرّت الأيام مسرعةً وكبر الفتى وأصبح ناضجاً وانشغل بحياته عن شجرة التفاح وتوقف عن اللعب تحتها أو عن رؤيتها، ولكن ذات يوم عاد إليها حزيناً فطلبت منه الشجرة اللعب معها، فقال الفتى: لم طفلاً صغيراً لألعب معك..وأنا في حاجةٍ ماسةٍ لبعض المال لأشتري بعض المتطلبات، فردت عليه شجرة التفاح قائلةً: لا أملك النقوم كما تعلم ولكن بإمكانك أن تأخذ من ثماري الطازجة وتبيع وتجني المال الذي تحتاج، فقام الفتى على الفور بجمع كل ثمار شجرة التفاح و غادرها فرحاً مسرعاً ولم يرجع لها من جديد، فعادت الشجرة لحزنها مرةً أخرى.
بعد مرور عدة أعوام عاد الفتى إليها ولكن عاد رجلاً هذه المرة، فقالت له الشجرة تعال ولنلعب سوياً، فأخبرها بأنه أصبح رجلاً ولديه عائلة ليكفلها وليس لديه وقت ليلعب معها، وقال لها أحتاج لبناء بيت، هل بأمكانك أن تساعديني؟..فردت عليه أنا لا أملك منزلاً لأعطيه لك لكن بإمكانك أن تنزع من أغصاني ما يكفيك لتبني بيتك، ففعل وأخذ الأغصان وعاد وهو فرح مسرور.
تعبر الأيام والشهور والسنين بالفتى لأماكن بعيدة والشجرة المسكينة وحيدة وحزينة على الطفل الذي كبر وأصبح رجلاً ولم يعد يكترثُ لأمرها أو يزورها حتى، وعلي غرةٍ من الجميع جاءها في يومٍ حارٍ في الصيف فاستبشرت الشجرة لقدومه وطلبت منه اللعب معها، فرد عليها بأنه قد كبر جداً وأصبح عجوزاً وأنه يريدُ أن يرتاح من شقاء وتعب هذه الحياة وأن يعيش ما بقي في استرخاء تام، وأخبرها بأنه يريد أن يبحر بيعداً عن البشر وعن المدينة والضوضاء، وبأنه لا يمتلك مركباً يُبحر به، فأخبرته شجرة التفاح، أن يأخذ من جزعها ويصنع قارباً، وبالفعل أخذ ما شاء وصنع المركب وذهب بعيداً عنها ولم يرجع واستغرق الأمر سنين طويلةً حتى عاد من جديد.
ولما عاد سبقته الشجرة قائلةً “آسفة ولكني هرمت ولا أملك ما أمنحك إياه” فقد اعتادت أن يعود ليطلب منها شيئاً، وأكملت” لا يوجد تفاح لتبيع أو لتأكل ولم أعد أمتلكُ جذاً لتتسلق وتلهو عليه” فرد عليها بأنه لا يريدُ تفاحاً فلم يعد يمتلك أسنان، ولا أحتاج لجزعك فقد أصبحت كهلاً عجوزاً ولا طاقة لي بذالك، فحزنت شجرة التفاح كثيراً لأنها لم تعد تملك ما تمنحه إياه.
ورد عليها بأنه يريدُ أن يرتاح من كل تعب هذه السنين، وبأنه بحاجة لمكانٍ للراحة فقط، فقالت لك جذوري كل ما أملك بإمكانك الجلوسُ وأخذ قسط من الراحة، اجلس واستلقي هنا كما تريد.
الحكمة والعبرة المستفادة من القصة
لا بد للإنسان أن يقدر ويحمد الله على نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تُحصى، ويتوجب علينا المحافظة على هذه النعمة وان لا نستخدمها بشكلٍ شيء أو بشكلٍ يُغضب خالق ومانح هذه النعم الله سبحانه وتعالى، فشبه مؤلف هذه القصة شجرة التفاح بالأم التي تبقى ترعى صغيرها لحين أن يكبر.
وتفني ما تبقّى من حياتها على توفير كل متطلباته وما يحتاجه حتى تّستهلك تماما وتصبح غير قادرة على العطاء، فيكبر الطفل ويصيرُ شاباً ثمّ رجلاً ثم عجوزاً ثم كهلاُ ولا يدرك الإنسان قيمة الأم والأب إلّا عندما يفقد كل شيء، وحينما يصل لمرحلة لا يريدُ شيء من الدنيا سوى الراحة يلجأ حينها إليهما فهما مصدر الراحة الوحيد في هذا العالم بعد طاعة الله.