
الجزئ الثانى من صوت القبو
رواية: صوت القبو
الجزء الثاني
الفصل الأول: أول خطوة
حين أغلقت الباب وراءها، غمر ندى ظلام خانق لم تعرف مثله من قبل. الهواء بارد لدرجة أن أنفاسها تحولت إلى بخار. لم يكن الممر ساكنًا… كان يتنفس.
خطت خطوات مترددة، وكل خطوة أحدثت صدى طويلًا يرد عليها كأن الممر يبتلع أصواتها.
فجأة، دوى بكاء طفل قريب جدًا. رفعت الكشاف المرتجف، فرأت ظلاً صغيرًا يركض مبتعدًا.
الفصل الثاني: الغرف الجانبية
على جانبي الممر، ظهرت أبواب خشبية قديمة. فتحت أحدها بحذر، لتجد غرفة صفوف مدرسية محترقة: مقاعد متفحمة، وسبورة سوداء مكتوب عليها بالدم:
"لن نخرج أبدًا."
في غرفة أخرى، شاهدت أسرّة أطفال مغطاة ببطانيات بالية، وأجساد ضبابية صغيرة تتحرك تحتها. حين اقتربت، اختفت الأجساد تاركة آثار أقدام سوداء على الأرض.
الفصل الثالث: رسائل الجدار
مع كل خطوة، لاحظت ندى كتابات تظهر على جدران الممر:
"لقد كذبوا علينا."
"أعيدونا لأهلنا."
"المدير هو الشيطان."
كانت الكلمات تنزف دمًا طازجًا يسيل على الجدار.
الفصل الرابع: اختفاء آدم
بينما كانت تستكشف، سمعت صوت أخيها الصغير "آدم":
– "ندى… تعالي… هم أصدقائي!"
اندفعت نحو الصوت، لكنها وجدت الممر يلتف بشكل مستحيل، كأن المكان يتلاعب بها. فجأة ظهر آدم أمامها، يبتسم ويمسك بيد طفلة غريبة عيناها سوداء بالكامل.
قال بصوت غريب:
– "أنا مش لوحدي دلوقتي… هم عيلتي."
واختفى في الظلام.
الفصل الخامس: الحقيقة
في نهاية الممر، وصلت إلى قاعة واسعة أشبه بكنيسة مظلمة. في الوسط، منصة حجرية عليها كتاب قديم ضخم، وأمامها عشرات الأرواح الصغيرة تحدق فيها.
فتحت الكتاب، فقرأت:
"هذا البيت ليس مأوى، بل بوابة. الأطفال ضُحوا بهم لإبقاء البوابة مفتوحة. كل أسرة تسكن هنا تصبح جزءًا من العهد."
شعرت بدمها يتجمد… عائلتها لم تكن سوى الحلقة الجديدة في السلسلة.
الفصل السادس: مواجهة الأم
فجأة، ظهرت والدتها خلفها، وجهها شاحب، وعيناها غائرتان. قالت بصوت غريب:
– "انضمي لنا يا ندى… إحنا بخير هنا."
الأم مدت يدها إليها، لكن يدها كانت باردة كالجليد، تتحول ببطء لهيكل عظمي.
ندى صرخت وتراجعت للخلف، لكن الأرواح بدأت تحاصرها.
الفصل السابع: الكيان
من أعماق الظلام ظهر "المدير" – رجل طويل القامة بملابس محترقة، عيناه جمرتان. قال بصوت رخيم يزلزل المكان:
– "أنتِ اخترتِ أن تدخلي، يا ندى. والبوابة لا تفتح بلا قربان."
مد يده، فانشق الجدار كاشفًا عن هوة مظلمة مليئة بوجوه الأطفال تصرخ في انسجام.
الفصل الثامن: الصفقة
صرخت ندى:
– "اتركوا عائلتي وخذوني أنا!"
ضحك الكيان وقال:
– "دمك وحده لا يكفي… لكن قلمك قد يفعل."
لم تفهم، لكنه أشار إلى دفترها الذي كانت تحمله دائمًا.
– "اكتبي عنا… اتركي قصتنا للعالم. كل كلمة تُكتب تُبقي بوابتنا مفتوحة… لكن إن توقفتِ عن الكتابة، سنأخذك أنتِ."
الفصل التاسع: العودة
استيقظت ندى فجأة في غرفتها، كأن شيئًا لم يحدث. البيت هادئ، عائلتها تجلس في الصالة وكأنهم عاديون.
لكنها عرفت أن الأمر ليس طبيعيًا… لأن جميعهم كانوا يبتسمون بنفس الابتسامة الجامدة، والعيون السوداء تلمع في وجوههم.
أخذت دفترها وبدأت تكتب بجنون، محاولة توثيق ما رأته. مع كل كلمة تكتبها، كان الهواء يثقل أكثر، والبيت يئن بصوت مكتوم.
الفصل العاشر: النهاية المفتوحة
في آخر الليل، نظرت في المرآة بجوار مكتبها. رأت انعكاسها، لكن خلفها وقف عشرات الأطفال بوجوه محترقة، يبتسمون.
أحدهم همس في أذنها من داخل المرآة:
– "لو توقفتِ عن الكتابة… سنأخذك."
ابتسمت ندى بمرارة، وكتبت في آخر سطر من دفترها:
"القبو لا يغلق… القبو يكتب نفسه بي."
الخاتمة
اختفت ندى بعد أيام، تاركة دفترها مفتوحًا على الطاولة. آخر صفحة لم تكن كلمات… بل خطوط سوداء ملتوية تشبه صرخات مكتوبة.
النهاية… أم البداية؟