رواية أطفال الرماد

رواية أطفال الرماد

تقييم 5 من 5.
2 المراجعات

رواية: ظلال المنزل المهجور

المقدمة

ليالي الشتاء الباردة دائمًا ما تحمل أسرارًا لا يطيق العقل البشري تفسيرها. في إحدى القرى البعيدة عن ضوضاء المدن، وقف منزل قديم تتعالى حوله الحكايات؛ البعض يقول إنه ملجأ للأرواح، والبعض يؤكد أن كل من دخله لم يخرج كما كان. لكن الحقيقة… كانت أشد رعبًا مما تخيل أي إنسان.


الفصل الأول: الدعوة الغامضة

في مساء غائم، تلقّت سلمى، الصحفية الشابة الطموحة، رسالة غريبة على بريدها الإلكتروني، من شخص مجهول يعرّف نفسه باسم "الظل". كتب لها:

"إذا كنتِ تبحثين عن قصة حقيقية ستجعل اسمك خالدًا، فتعالي إلى المنزل المهجور عند أطراف القرية القديمة. ولكن تذكري… كل حقيقة لها ثمن."

في البداية اعتقدت أن الأمر مجرد مزحة سخيفة. لكنها لم تستطع أن تتجاهل الفضول الذي ينهش قلبها. الصحافة بالنسبة لها لم تكن مجرد مهنة، بل شغف بالوصول إلى ما وراء المجهول. حملت حقيبتها، وكاميرتها الصغيرة، وانطلقت.


الفصل الثاني: الطريق إلى العزلة

حين وصلت القرية، استقبلها صمت خانق. الأزقة ضيقة، والبيوت القديمة كأنها تراقبها بعيون فارغة. الأطفال يختبئون خلف الأبواب، والعجائز يغلقون نوافذهم بمجرد أن تقترب.
سألت أحد الرجال عن المنزل، فتغيّر وجهه وقال بصوت مرتجف:
– "عودي من حيث أتيتِ… من يخطو إلى هناك لا يعود."

لكن كلمات التحذير لم تزِدها إلا إصرارًا. وبعد مسيرة ساعة وسط الأشجار المتشابكة، ظهر أمامها المنزل. جدرانه سوداء كأن النار أحرقتها، نوافذه محطمة، وسياج حديدي يحيط به كقبرٍ مفتوح.


الفصل الثالث: أصوات في الظلام

دخلت سلمى، فاستقبلها هواء بارد كزمهرير. الأرضية متشققة، والسقف يئن مع كل خطوة. أضاءت كشافها، فرأت على الجدران رموزًا غريبة محفورة، بعضها مطموس بالدماء الجافة.

فجأة… دوّى صوت ضحكة طفولية في الأرجاء. تجمّدت في مكانها. اتجهت نحو مصدر الصوت، لكنها لم تجد سوى مرآة قديمة متصدعة. اقتربت منها… ورأت في انعكاسها فتاة صغيرة ترتدي ثوبًا أبيض ملطخًا بالتراب، تبتسم ببراءة مشوهة.

قبل أن تستوعب ما يحدث، انطفأ الكشاف فجأة، وساد الظلام. وفي الظلام… سمعت همسًا قريبًا جدًا من أذنها:
– "أخيرًا… وصلتي."image about رواية أطفال الرماد


الفصل الرابع: ماضي المنزل

عادت الأضواء ببطء. وفي زاوية الغرفة وجدت دفترًا قديمًا مغطى بالغبار. فتحت صفحاته بحذر، لتقرأ قصة تقشعر لها الأبدان:

هذا المنزل كان في يوم ما مدرسة داخلية للأطفال. لكن المدير كان يمارس طقوسًا سحرية باستخدام الأطفال كقرابين. عشرات الصغار اختفوا بلا أثر، حتى انكشف أمره. لكن قبل أن يُقبض عليه، أشعل النيران في المبنى، ومات مع الأطفال داخله.

منذ ذلك الحين، يقال إن أرواحهم المحبوسة لا تزال هنا، تلعن كل من يخطو إلى عتبة المكان.


الفصل الخامس: الكابوس الحي

لم يكد عقل سلمى يستوعب القصة حتى بدأت الأرضية تهتز. الجدران تساقطت منها الدماء، والأبواب أُغلقت بقوة. ظهرت الطفلة مجددًا، هذه المرة عيناها سوداوان بالكامل، وصوتها تحوّل إلى صرخة حادة:
– "انضمي إلينا!"

حاولت سلمى الهرب، لكن السلالم تشابكت كأنها كائن حي. الأبواب تقودها لنفس الغرفة، والنافذة تطل على ممر مظلم بلا نهاية. أحست أنها عالقة في كابوس حيّ.


الفصل السادس: صفقة مع الظلال

وسط جنون الأصوات، ظهر رجل يرتدي عباءة سوداء، وجهه مخفي تمامًا. أدركت أنه "الظل" صاحب الرسالة. قال بصوت مبحوح:
– "كنتُ أعلم أنكِ ستأتين. هذا المكان يحتاج إلى شاهد جديد… إلى قلم يوثّق الحقيقة."

سلمى: "لماذا أنا؟!"
الظل: "لأنكِ تملكين الشجاعة… ولأن لعنة الأطفال لن تنتهي إلا إذا عرف العالم قصتهم. لكن… إن قررتِ المغادرة دون أن تكتبي، سيجعلونكِ جزءًا منهم."


الفصل السابع: القرار الأخير

جلست سلمى على الأرض، يديها ترتجفان وهي تكتب في دفترها الخاص كل ما رأته: الضحكات، الطفلة، الرموز، القصة الملعونة. ومع كل كلمة تكتبها، خفتت الأصوات، وسكنت الجدران.

لكن قبل أن تغادر، التفتت إلى المرآة. رأت الطفلة تبتسم لها مجددًا، وتقول:
– "شكرًا… لكن تذكري، مَن يكتب عنا… لا يعيش طويلًا."


الخاتمة: الحقيقة الملعونة

بعد أيام، نشرت سلمى تحقيقها تحت عنوان: "أطفال النار… سر المنزل المهجور". انتشر المقال بسرعة، وأصبح حديث الصحف والمنصات.

لكن منذ نشره، بدأت سلمى ترى انعكاسات الطفلة في كل مرآة تمر بها. وفي إحدى الليالي، اختفت من شقتها بلا أثر… تاركة دفترها مفتوحًا على آخر صفحة كتبَتها:

"الحقيقة لها ثمن… وأنا دفعتُه."

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

6

متابعهم

6

متابعهم

6

مقالات مشابة
-