العروسة هربت ليلة فرحها
العروسة هربت ليلة فرحها

العروسة هربت ليلة فرحها..
موقف ممكن يحط راس عيلة كاملة في الأرض، يخلي الأب ضهره يتكسر والأم تنهار والناس تفضل تاكل في لحمهم إلى أن يشاء الله…
بس أنا مكنش كل ده في دماغي، أنا كل اللي كان في دماغي وليد اللي سرق حتة من روحي، وليد اللي كان عبارة عن شريان الحياة بالنسبالي، لسة فاكرة أول مرة شوفته فيها في الجامعة، ولسة فاكرة ابتسامته اللي سحرتني وخلتني عاملة زي التايهة، وبدأت رحلة حب من الطراز الأول..
ومع الوقت تحول الحب لعشق، وكأن وليد بقا عبارة عن سائل بيجري في شراييني مع الدم، وفضلنا مكملين أولى وتانية وتالتة ورابعة..
حتى بعد ما اتخرجنا، كنا بنتقابل كتير، كان شاعر بيقدر يسحرني بكلماته ويخليني أعيش في عالم الحوريات، والشِعر ظهر في عنيه قبل كلماته..
بس وليد اتأخر جدًا، اتأخر لدرجة إني بدأت ألمح له، أنت ناوي ولا، المفترض أنت بتحبني ليه من الأساس، بس هو كان دايمًا بيتجاهل التلميحات دي، وكأن الجواز مش في قاموسه من الأساس..
وبدأ الخُطّاب يخبطوا على باب بيتنا بعد ما خلصت دراسة، وكأنهم مستنيين من زمن، وده لأن والدي كان رافض أي كلمة في الموضوع ده لحد ما أخلص تعليمي، وبدأت أمارس هواية اختراع الحجج..
ده مش مرتحاله…
وده كبير في السن..
وده دمه تقيل..
وغيره..
وغيره..
وكنت بحاول بقدر الإمكان أظهر كل ده لوليد عشان يتحرك، حتى يفهمني هو ناوي على أيه، بس كان بيشجعني أرفض وبس، سنتين كاملين وأنا برفض عرسان لحد ما علاقتي اتوترت جدًا بأهلي في البيت وبالأخص بوالدي..
وبدأت فعلًا أشوف الشك في عيونهم، وكنت عارفة إن الشك هيتحول من النظرات للسان وبعدها هيتطور لحد ما اتكشف، وقررت أحط حد مع وليد، لأنه بقا مسبب ضغط رهيب ليا في حياتي..
كلمته يومها وقولتله إنه لو مجاش يتقدملي أنا هوافق بأقرب عريس يجيلي، وفوجئت بشخص بارد وكأني لا أعني له شيء، طريقته وصلتني إني أنهار من البكاء، وقررت وأنا قلبي بيتقطع إني أبعد عنه..
ومرت الأيام تقيلة جدًا عليا لحد ما لقيت والدي بيقولي إن فيه شخص متقدملي، قالهالي وعنيه باصة جوايا تقريبًا، عرفت إنه هينفجر قريب أوي، شوفت الشاب وقولتلهم إني موافقة..
كان شاب باين عليه إنه محترم اسمه أحمد وبيشتغل محاسب في شركة وشكله وسيم جدًا، ومن أول يوم خطوبة بدأ أحمد يتودد ليا بكل الطُرق، هزار ورسايل حب وهدايا، وكأنه عايز يجبلي حتة من القمر يقدمها ليا..
بس في المقابل كنت بقابل كل ده ببرود شديد ومعاملة جافة جدًا، والغريب إن أحمد مشتكاش ولا أعترض، كان دايمًا بيلتمس ليا ألف عذر، ومرت الأيام وفوجئت بيهم بيحددوا ميعاد الفرح، واكتشفت إن كلها ست أيام وأبقا زوجة رسمي..
معرفش ليه كان قلبي مقبوض وحاسة إني مش قادرة انسجم مع أحمد بأي وسيلة من الوسائل، وكانت الصدمة لما لقيت رسالة جاية من وليد عبارة عن قصيدة شعر كلها اعتذار وندم..
قلبي وقتها اتنفض من مكانه، حنين على غضب على وجع، مقدرتش أفسر اللي حاسة بيه غير إني اكتب بصوابع بتترعش:
ـ للأسف جت متأخرة أنا فرحي الخميس اللي جاي..
وقتها ظهرت أعراض الصدمة ورن عليا، حاربت نفسي كتير عشان مردش بس في النهاية رديت، واتنفض قلبي من تاني لما سمعت صوته، صوته اللي كان كله لهفة ووجع..
اعتذار ومبررات كتير جدًا قالها وأنا كنت كل اللي بعمله إني بسمع منه وبس، لحد ما أقسم لي إن والدته مريضة سرطان وإنه مكنش ينفع يتقدملي وهي في الوضع ده وإنها ماتت من أسبوع واحد، وبدأت وصلة أقوى لما قالي إنه ميقدرش يعيش من غيري وإنه هيحارب الدنيا كلها عشاني وإني لازم أرفض أو هيجي يخطفني من بيتي..
كلامه رغم غضبه كان بينزل على قلبي زي المية الباردة في فم واحد عطشان، وعرفت إني ضعيفة جدًا قدام وليد، وبدأت أدخل في دوامة هرفض ازاي..
روحت لوالدي ووالدتي وحاولت أمهد لهم إني مش حابة أحمد وحاسة إنه مش مناسبني بس وقتها أبويا ثار ثورة رهيبة، حسيت إني لو قولت كلمة واحدة كمان هي.ني، وعرفت إني لازم أسكت خالص..
وعدى يوم والتاني واتصل وليد من تاني، وحكيتله اللي حصل عشان يقولي:
ـ أهربي وتعالي..
حسيت بصاعقة مسكت جسمي لما سمعت كلامه عشان يكمل ويقول:
ـ تعالي نتجوز وشقة أمي موجودة ومحدش وقتها هيقدر يقربلك..
رفضت رفض قاطع وقفلت المكالمة، ولقيت نفسي ببكي، محتارة ومش عارفة أنا ممكن أعمل أيه، وعدى يوم كمان ويوم، وفوجئت بنفسي يوم الفرح والبيت بيتملي ناس وفستان الفرح جاهز، قفلت على نفسي باب الأوضة وفتحت النت، وفوجئت برسايل بالعشرات من وليد..
ـ هنتــ,,ـــــحر وهيبقا ذنبي في رقبتك…
ـ أنا بحبك أوووووووي…
ـ أنا لسة عند وعدي ومستنيكي…
وتلت قصايد شعر خلوا جسمي كله يسيب من بعضه..
ولقيته باعت فيديو لبنت في مسلسل بتهرب من فرحها بفستانها وشغالة أغنية بتقول إننا لازم نختار بنفسنا ومنضيعش عمرنا مع ناس مبنحبهمش..
وفضل لأكتر من نص ساعة بيتصل وأنا جسمي بيترعش وخايفة أرد، بس في النهاية رديت، رديت وأنا ضعيفة ومش قادرة أنطق عشان يقول:
ـ تعالي وهنتجوز والله، ومش هخلي حد يقرب منك، وبعدها أهلك هيوافقوا بيا والحياة هتبقا جميلة، أوعدك..
نصف ساعة تانية ولقيت نفسي ببكي وبلومه، بس هو أقسم لو مروحتش ليه دلوقتي هيجي وهيقلب الفرح لعزاء وإنه مش هيتخلى عني..
وبدون وعي لقيت نفسي بلبس وبتسحب وسط الزحمة وكأني نازلة أجيب حاجة، لحظات بس ولقيت نفسي في الشارع برا وبتصل على وليد، قولتله أنا مش عارفة أنا عملت كدا ازاي، وإني خايفة جدًا عشان يطمني أكتر ويديني عنوان شقة والدته، وطلب مني أقفل تليفوني خالص..
كنت بترعش، خايفة، وفي نفس الوقت حاسة بشغف وفرحة عشان هشوف وليد، وفعلًا وصلت لعمارة قديمة وطلعت للدور الرابع، وفتحلي وليد.
وقتها أنا كنت بتنفض، فقدت السيطرة على جسمي كله، وقلبي كان بيدق بهيستريا، رجليا مبقتش شايلاني وأنا بحاول أبعد عن المكان كله، لفيت و و … وفي اللحظة دي اتكعبلت في حجر كان على الأرض..
واتألمت من قوة الوقعة، وأول ما لفيت وبصيت ناحيتها لقيتها رفعت راسها وبصتلي، كل اللي لمحته كانت عينين مشقوقة بالطول زي التعابين ولونها أصفر مُخيف، جسمي كله اتنفض مرة واتنين لحد ما قمت من مكاني وجريت..
ومن ورايا سمعت صرخة رهيبة، صرخة واحدة ست في ميتم وجوزها مات، مستنتش لحظة أبص عليها وجريت بأقصى سرعة ناحية المخرج، كان بيني وبينه تلت دقايق بس، من ورايا كنت سامع صوت خطواتها، كانت بتزوم وكأن كلب هو اللي بيجري ورايا..
ووصلت وقتها لمخرج المقابــ,,ـــــبر، بصيت ورايا لقيتها جاية من بعيد وبتجري على أربع زي الحيوانات، كملت جري وخرجت من المقابــ,,ـــــبر عشان
عشان
يادي المصيبة..
أنا لقيت نفسي في قلب المقابــ,,ـــــبر من تاني، وبالأخص كنت فوق الجثـ ـة اللي كانت بتاكل فيها، بصيت بفزع رهيب ناحية الجثـ ـة ولقيت رجليها مقطوعة بطريقة بشعة..
بصيت لوشه وعرفته، ده محمد أبو مسعود، بصيت ورايا ناحية أول الحارة وشوفت اللي خلى قلبي وقف، كانت نفس العنين المشقوقة بالطول بتبصلي بشراسة..
بصيت ورايا لقيتها حارة مسدودة، وعرفت إني وقعت، وإن نهايتي هتكون زي الجثـ ـة اللي تحت رجليا دي، حاولت اتشاهد عشان أقابل ربنا على شهادة مقدرتش..
رجعت لنهاية الحارة ولقيتها بتقرب مني وهي ماشية زي الحيوانات، صوتها وصلني وخلى جسمي كله ينهار، وقعت على الأرض وبصتلها بصة واحد بيودع الدنيا..
وقتها كان بيني وبينها نص متر بس، ولمحت وشها كله، وبكل ذهول الدنيا رددت بلسان مشلول
ـ م م م م منيرة..
………………
بداية اللعنة..
هرج ومرج وناس بتزعق برة في الشارع بطريقة غريبة، طلعت أشوف في أيه لقيتهم شايلين طفل مهروس تحت عجل جرار وعمالين يتشاهدوا، وعرفت إن دي جثـ ـة معاذ اللي من عيلة مسعود، عيل عنده تسع سنين بالكتير..
أول ما جثته وصلت لبيته أبوه وأعمامه طلعوا بالسلاح فورًا، عيلة بتاعت مشاكل واستحالة يتفهموا إن ده قدر وأكيد . خطأ، وكان صاحب الجرار هو عم حسن، راجل ملوش عيلة وشغال باليومية..
أول ما عيلة مسعود عرفوا اللي حصل جريوا على بيته عشان ي.وه، جريت معاهم أنا وناس كتير من أهل البلد عشان نحاول نهديهم، بس كانوا مُصرين على . اللي . ابنهم..
عم حسن وقتها كان في بيته بيجيب كفنه عشان يقدمه لعيلة مسعود، وأول ما شاف الناس جايين لبيته رمى نفسه من فوق السطح عشان يفدي أهل بيته والناس يبعدوا عن مراته وبنته..
بس حتى الراجل لما وقع وجسمه اتكسر محدش رحمه، ونزلوا على جسمه بالعصيان عشان يفرموه، ووسط الهرج ده ومحدش قادر يحوش عن الراجل واحد منهم كسر باب بيته ودخل جاب بنته الصغيرة عشان ي.ها قدام أبوها اللي بيحتضر، من باب واحدة بواحدة..
نص أهل البلد كانوا واقفين محدش فيهم كان قادر يتدخل، ومسك الراجل الخنجر عشان ي. البنت قدام أبوها، في اللحظة دي خرجت الأم من بيتها بسكــ,,ـــــينة وغرزتها في صدر اللي كان هي. بنتها، ووقع الراجل سايح في دمه..
وزاد غضب عيلة مسعود اللي كان معاهم سلاح كتير، مسكوا الست ربطوها بسلاسل من حديد وسحلوها في الأرض، في الوقت ده أنا بس اللي اتحركت، الكل كان واقف وملامح الذل عليه، محدش كان قادر يرفع عينه، حاولت أشد الست منهم بس نزلت عصاية على جسمي زي عمود الخرسانة، وقعت وأنا بصرخ من الوجع، قمت تاني عشان ألحق الست بس عصاية تانية على دماغي خلتني أقع من طولي ودماغي تسيح بالدم..
ونزل الدم على عنيا عشان أشوف اللي خلاني اتنفض، البت اتدبحت، وأمها اتضــ,,ـــــربت بالبلطة في رقبتها، لحظتها بصتلي وعنيها خارجة من مكانها، بصتلي بنظرة ذهول ورعب ونهر من الدم نازل من رقبتها..
وبعد لحظات همد الجسم كله، بس اللي خلى الناس كلها تصرخ وترجع هو إن جسم الست قام وقف من تاني، وقف والبلطة في رقبته وبص للكل بصة غضب، بصة طاردت كل الموجودين في نومهم أسابيع طويلة، وفي النهاية وقعت جــ,,ـــــثه هامدة..
في الوقت ده أبويا جه هو وأهلي خدوني على المستشفى، ومن صُلح لصُلح واعتذار عيلتي قبلت الاعتذار عشان منكبرش المصيبة، المصيبة اللي كانت خلاص وقعت وات.ت عيلة كاملة للأسف..
………………
ـ م م م م منيرة..
لقيتها بتزوم وبتبصلي، كنت بتنفض مش قادر اتحرك، حسيت بيها بتشم في جسمي مرة واتنين وبتبص في عنيا بعنيها المخيفة، فضلت لأكتر من دقيقة مبحلقة فيا وأنا عمال أشهق واتنفض، في النهاية جريت بعيد زي الحيوان، في اللحظة دي قمت زي السكران وخرجت من المكان كله وفيه غيبوبة عمالة تدور فوق راسي..
جريت على بيت جدتي اللي بعد المقابــ,,ـــــبر بشارعين، خبطت عليها بقوة عشان تفتح وهي مخضوضة، أول ما شافتني خدتني في حــ,,ـــــضنها وفضلت تهدي فيا كتير، دخلت عندها واترميت على الكنبة من كتر الإجهاد والرعب..
تاني يوم صحيت وأنا لسة أعصابي بايظة، قعدت مع جدتي وحكيت لها كل حاجة بالتفصيل، فضلت ساكتة مبتتكلمش، وفي النهاية قالت:
ـ الله يرحمك يا منيرة..
ـ بقولك شوفتها يا جدتي، الست ممتتش..
ـ اللي شوفته هو حارسها يا ولدي..
ـ مش فاهم حاجة؟!
ـ منيرة يا ولدي كانت من العباد اللي ربك اختارهم وبعتلهم حماية كبيرة من عنده، ولما ماتت مظلومة اللي بيحرسها قرر ينتقم لها..
ـ اللي بيحرسها؟!
ـ أيوة يا ولدي كانت من العباد اللي ليهم حماية من عباد الله اللي عايشين تحت الأرض..
ـ وعرفتي منين يا جدتي؟!
ـ كانت بتجيني يا ولدي كتير وتقعد معايا..
ـ طيب وطالما هي محمية كدا، اللي عليها مدافعش عنها ليه وقت مــ,,ـــــوتها..
ـ بلاء يا ولدي، زي ما سيدك زكريا وسيدك يحيى ماتوا مقتولين وكانوا أنبياء من عند الله..
ـ واللي بي. ده هيفضل كدا كتير؟!
ـ هو مش ظالم يا ولدي، هي. كل اللي ظلــ,,ـــــم، اللي ارتكب، واللي شاهد الظُلم وما دافعش بإيديه ولا رجليه ولا بلسانه..
وقتها بس نور عقلي أوي، افتكرت كل اللي ماتوا، كلهم أما من عيلة مسعود أو من أهل البلد اللي شافوا الواقعة ومحدش دافع عن الست وجوزها، أنا الوحيد اللي شافتني وم.تنيش عشان أنا اللي دافعت عنها، وفهمت ليه بتقطع الرجلين والإيدين وبتشيل العين من مكانها وتقطع اللسان، عشان مفترض الحواس دي تستخدمها لرفع الظلــ,,ـــــم..
بصيت لجدتي وقولتلها:
ـ والحل؟؟
ـ الظالم لازم يتعاقب يا ولدي، وربك اسمه العدل، سيب الحارس ينتقم من اللي ظلــ,,ـــــم ومتخافش، طول ما أنت ماظلــ,,ـــــمتش حد، إياك تخاف، الظالم بس هو اللي يخاف، والحارس هيخلص مهمته وهيختفي، ودلوقتي أشرب الشاي بتاعك..
وقتها بس ابتسمت، وافتكرت الآية اللي بتقول:
[وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] سورة البقرة
ياريت عيلة مسعود كانت خدت القصاص زي ما ربنا قال..
(اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ) صحيح مسلم