🎬 ليلة عرض "الحقيقة المشتعلة" 🕯️
🎬 ليلة عرض "الحقيقة المشتعلة" 🕯️
الفصل الأول: الجدل يبدأ
في عام 2025، لم يكن هناك حديث في عالم السينما أكثر من فيلم الرعب المستقل الذي لم يُعرض بعد: "الحقيقة المشتعلة" (The Burning Truth). لم يكن الجدل بسبب مشاهد دموية مبالغ فيها، بل بسبب غموضه المطلق والنهايات المأساوية التي لحقت بكل من حاول عرضه.
الإعلان الترويجي الوحيد كان عبارة عن شاشة سوداء لمدة 30 ثانية تتخللها لقطة سريعة (أقل من ثانية) لوجه طفل شاحب وعينين واسعتين، يعقبها صوت همس مشوش لا يمكن تمييزه. لم يُذكر اسم المخرج أو الممثلين. قيل فقط إن الفيلم "وُجد" في خزانة استوديو محترق عام 1970، ولم يكن له أصل معروف.
أول ضحية كانت في مهرجان سان سيباستيان: بعد 45 دقيقة من بداية العرض، انقطع التيار الكهربائي، وعندما عاد، وُجد مدير المهرجان جالساً في المقعد الأمامي، وعيناه مغلقتان، ولكنه لم يكن يتنفس. سبب الوفاة غير محدد. بعدها، وفي محاولة ثانية للعرض في باريس، أقدم الموزع على إتلاف جميع النسخ الرقمية والمادية، ثم اختفى.
الفصل الثاني: الباحثون عن الإثارة
هنا تبدأ قصتنا مع نور، وهي طالبة دكتوراه متخصصة في "ظواهر الإعلام الملعون"، وصديقها فارس، وهو مدون فيديو شهير مهووس بنظريات المؤامرة. يقرران أن "الحقيقة المشتعلة" هو أفضل مادة يمكن أن تحقق لهما الشهرة الأبدية أو... النهاية الأبدية.
عثرت نور على مصدر سري لديه نسخة غير مكتملة من الفيلم على شريط قديم مشوه. كان الشرط الوحيد: أن يشاهداه في القبو المعزول للمبنى الذي احترق فيه الاستوديو الأصلي.
نور (بهدوء مثير): "الجدل ليس في القصة، فارس. الجدل في تأثيره على المُشاهد. وكأن هناك شيئاً في المادة المرئية نفسها يحرر شيئاً مظلماً في عقلك."
الفصل الثالث: مشاهدة الفيلم
في ليلة باردة مظلمة، يجلس الاثنان في القبو المظلم. شاشتهما الصغيرة تنير غرفة مليئة بالتراب وبقايا الأفلام المحروقة.
المشهد 1 (الجاذبية): الفيلم يبدأ. ليس هناك مقدمة أو أسماء، مجرد تصوير بطيء وعميق لممر طويل في منزل مهجور. الكاميرا لا تتحرك، لكن الإضاءة الخافتة توحي بوجود حركة. يسمع فارس ونور صوت طقطقة متزايدة، ليس من السماعات، بل من زوايا الغرفة الحقيقية. يتجاهلان الأمر.
المشهد 4 (الإثارة): تظهر شخصية، امرأة ترتدي فستاناً أبيض، ظهرها للكاميرا. تقف صامتة لمدة خمس دقائق. في هذا المشهد، يشعر فارس بضيق تنفس شديد. يهمس لنور: "الجو خانق جدًا، أليس كذلك؟" تومئ نور دون أن ترفع عينيها عن الشاشة.
المشهد 9 (الجدل): المرأة تستدير. وجهها ليس مشوهاً أو دموياً، بل هو وجه فارس تماماً، لكن بتعبير من الخوف المطلق. يتوقف قلب فارس للحظة. يحاول أن يصرخ، لكن لا يخرج منه صوت. يرتجف الفيلم على الشاشة للحظات، ثم يستمر.
في اللحظة التي يستدير فيها وجه المرأة، تدرك نور أن المشكلة ليست في الفيلم، بل فيما يجعله يظهر. الفيلم يعكس أسوأ مخاوف الشخص الذي يشاهده في تلك اللحظة. إنه ليس فيلماً مسكوناً، بل هو مرآة مسكونة.
الفصل الأخير: النسخة النهائية
الفيلم يستمر في عكس مخاوفهما، ويتحول إلى كابوس شخصي. المشاهد تتبدل بسرعة، تُظهر أشياءً يعرفانها فقط: لقطات من طفولتهما، ذنوب قديمة، أشخاص أخطأوا في حقهم.
بعد ساعتين كاملتين من الرعب النفسي، يصل الفيلم إلى مشهد النهاية. الشخصية في الفيلم هي الآن نور نفسها، تنظر إلى الكاميرا وتقول بصوت بارد وهادئ: "الآن، أنت جزء من العرض".
في تلك اللحظة، ينطفئ الشريط، وتتوقف الشاشة عن العمل. الصمت يغمر القبو.
يستدير فارس إلى نور ليجدها تحدق في الشاشة المظلمة بعينين واسعتين تماماً مثل الطفل في الإعلان. يحاول لمسها، لكن يده تمر عبر جسدها! نور أصبحت شفافة، ثم تختفي تماماً، تاركة خلفها فقط الشريط القديم.
يهرب فارس من القبو، مذعوراً. في الأيام التي تلت ذلك، حاول أن يروي القصة، لكن لا أحد صدقه. عندما نشر مدونة الفيديو التي صورها للعرض، تفاجأ بأن الجزء الذي ظهر فيه وجهه المشابه لوجه المرأة قد اختفى! وبدلاً منه، ظهرت لقطة للغرفة المظلمة، وفيها فارس جالس وحيداً، يهمس لنفسه: "الجو خانق جدًا، أليس كذلك؟".