رواية مجرد قتيل

مجرد قتيل
الفصل الاول
……..
،،مضى شهر على وفاتك
ولا اعلم ايهم اوجع
ايعذبني الفراغ الذي ملئ حياتي
ام يصدمني خبر موتك في كل مرة
كأني لم اسمعه
تلاشت الرؤى بعد ذلك يا عهد
فلم اعد ارى سوى حياةً املكها ولا اتحكم بها
بل وافكر متذكرةً لوهلة
اني لم املكها قبلاً،،
~~~
انقطعت افكارها بطرقات الباب
:ادخل
سارة بصوت هادئ وهي تغلق كتابها بلطف.
فتح احمد مقبض الباب هاماً بالدخول،توقف عند الباب ملاحظاً إقبالها بكتبها،نظر اليها متنهداً بحسرة:عيون خالكِ..تفكرين بالنوم؟..الساعة الثالثة صباحاً بالفعل ولم تنالي قسطاً من النوم
قالت سارة بتذمر: خالي،اعدك اني سأنام بعد دقائق لا اكثر.
قال احمد معدلاً:تقصدين بعد ساعات؟
قلبت سارة عينيها وهي تبتسم ثم نظرت لعينيه معللةً كذبتها:كلاهما واحد،الساعات مكونة من دقائق صحيح؟
مسح احمد يده وجهه بقلة صبر:سارة..ان لم تنامي الان لن تذهبي لزيارة امكِ
ليس وانتِ فاقدة نص وعيكِ
استسلمت سارة واطفئت مصباحها المكتبي متوجهةً نحو سريرها،غطت نفسها باللحاف قائلة:هكذا افضل؟
احمد مبتسماً بحنان:افضل،تصبحين على خير
اقفل الباب برفق بينما سارة تفكر بعمق
اخذ نفساً عميقاً بكدر ظهره متكأ ضد الباب
،،اي عذابٍ يثقل كاهلي هكذا
ذنبُُ اعتقد بواسطته اتقرب منها..
لكنها تبتعد
تبتعد عني هي وكل شيئ يخصها...،،
عانقت وسادتها بحزن واضح..
،،هل انا نص لمسرحية نسقها اناس اخرين؟،،
تكاد تلك الافكار تلتهم دماغها،لم تختر كيف تسير الامور
كانت كدمية جميلة يتم مقيدة بخيوط مخفية،او كغيمة صغيرة بستطاعتها الطيران حيث ابتغت
فتختار العيش وفق الرياح التي تجرفها وإن ابت..
~~~~
اليوم التالي
وضعت ريناد الحمرة على شفتيها بغرور واضح منبهرة بجمالها قائلة:اتعتقدين حقاً ان تلك الفتاة اجمل مني؟
اومئت فاطمة بلا:لا اعتقد،ذوقها بالملابس رديئ ناهيكِ انها مسترجلة حسب ظني.
ضحكت ريناد بسخرية:اراهن انها لا تضع واقي شمس حتى.
فكرت فاطمة وهمست:امرها غريب للغاية.
حملت ريناد حقيبتها قائلة بضجر:غيري الموضوع،هي لا تستحق وقتنا الثمين.
تقدمت خطوات ريناد الواثقة للمغادرة وهمت فاطمة تتبعها.
~~~~
جلست روان متربعة فوق الطاولة بملل:هفف اي فراغ هذا الذي سيقتلني!!
حنان جلست على الكرسي وبدئت تخرج حاسوبها وتنظم طاولتها: ربما عليكِ تغيير روتينكِ وتجربة الملل قليلا
حدقت حنان لروان واضافت:وربما جربي الجلوس على الكرسي دون ان يجبركِ اي دكتور.
بادلتها النظر بستهزاء:انظروا من يتكلم،الطالبة المجتهدة فجأةً دون ان اعلم.
بقيتا ينظران لأعين بعضهما بعضاً بصمت وغضب مكبوت،لكأنهما مستعدتين للعراك بأي لحظة تنفجر بها حدود صبرهما.
همست حنان: اياكِ والسخرية روان.
روان:تتكلمين الان عن السخرية صحيح؟ من بدأ انتِ
حنان:سخريتي كانت سخرية هادفة لتلتزمي.
روان اشارت بأصبعها تشير نحو حنان من اخمص قدميها لرأسها وهمست:وانا كانت هادفة لتذكركِ بالمصائب التي افتعلناها بالامس،لا يمكنكِ ارتداء زي الطالبة المثالية فجئة حسناً؟
حنان:على الاقل لدي ضمير! بالامس كنا سننفصل بسبب افكاركِ! والان نحن سنكون تحت المراقبة من الدكاترة!
رفعت روان حاجبها بفهم:اهااا فهمت! سنتظاهر اننا طالبات مجتهدات وتغيرنا لنستطيع التخلص من المراقبة!
ابتسمت حنان بغرور:بضبط! هذه خطتي!
جلست روان على الكرسي جلسة مثاليةوهمست :لم اعلم انكِ ذكية.
اومئت حنان برأسها ايجاباً معجبة بعقلها،لكن روان صمتت فجئةً تفكر،تلاشت ابتسامة حنان خائفة من صمت روان ووضعت يدها فوق كتف روان:اهناك خطب؟
حدقت روان بعيني حنان بشك:ان كنا نستطيع التظاهر بأننا اصبحنا طالبات مثاليات فكيف سنتعامل بموضوع العلامات المنحطة؟
اتسعت عيني حنان بصدمة:والله لم افكر بهذا!!
جلست ريناد على كرسيها يمين روان: حله بسيط
حدقت روان لريناد نظرات قرف تحاول اخفاءها:اتحفيني
رفعت ريناد يدها وبأصابعها رفعت خصلات شعرها المتمردة خلف اذنها بدلع وهمست:تلك الفتاة القصيرة،اطلبا منها ان الغش
شعرت كل من حنان وروان بالسعادة وقالا بصوت واحد:كيف نسيناها!!!
فاطمة:هي لم تأتي حتى الان،ليس من عادتها التأخر
روان:غداً نذهب نتفقدها
فاطمة:تتحدثين كأنكِ تعرفين مكان اقامتها
تنهدت روان وقلبت عينها بضجر،امسكت روان الهاتف وارسلت رسالة لسارة:لما لم تأتي؟
اغلقت روان الهاتف ووضعته على طاولتها قائلة:ننظر ماذا سيكون عذرها،هي لن تتركنا انا وحنان خاصة بفترة كهذه
حنان:اي والله ان غابت هذه الفترة انتهى مستقبلنا.
ريناد كانت صامتة بحقد،فكل المواضيع تدور عن سارة.. مجرد قصيرة خرقاء بعينيها
اعتادت ان يتمحور كل شيئ عنها وذي الان ترى كل الاهتمام لشخص ليس هي،نظرت ريناد نحو خارج النافذة وهمست تكلم نفسها: تلك البلهاء.
~~~~
سلطان:امجنون ؟؟؟
كان سيف قد ضاق صدره وهمس بصوت مهدد سائم:اتعتقد اني
قد اصدق
ان كلاً من عمي حسين وابي قد لقيا حتفهما بنفس الطريقة
وبنفس الذريعة يا جدي!
أنلصق كل شيئٍ بالقضاء والقدر كأن لا بصيرة لنا ولاحيلة!
مسح سلطان وجهه بيده وقد انقبض قلبه،قال بصوت حاد قاسي:سيف..سأفترض ان شكوكك في محلها
مالذي قد تستفيده من اقرارك تلك الحقيقة؟
اياك ان تقول لي انك…
اضمر سلطان بقية كلامه ولكأن التكملة هي اصعب عليه من بلع جمرة بحلقه،عبست تعبايره بجدية مفرطة ينتظر تأكيد ظنه.
نهض مستقيماً بقامته الضخمة
كان جده لا يزال جالساً،بدا على سيف علامات الضغينة والحقد:إن كان همهم المال والورثة
سيرثون ما تركته لهم اعمالهم
دعني امسك عليهم الدلائل والبراهن اولاً
وبعدها...اقسم انهم سيذكرون الموت بلمحةٍ من ظلي
خرج سيف واغلق الباب وراءه بعنف مستشيطاً غضباً.
نظرات سلطان لم تفارقه
عقد حواجبه بالغضب والحسرة على هذا الحال
فكل ما كان ارتاع وتوجس قدومه يحدث الان.
،اسند كوعه بمسند الكرسي ووضع يده فوق رأسه متألماً:نبيل!!
صرخ بصوت يفتقر للصبر.
تقدم نبيل نحو سلطان بطاعة وقلق صادق حين ابصر وضعه:نعم سيدي،احضره الان
استعجل نبيل خطواته نحو طاولة صغيرة بيضاء،مخصصة لتخزين الادوية،جلب ادوية القلب وابر ثم صرخ لاحد الخادمات:لما تنظرين هكذا؟؟اخبري الطبيب ان يأتي الان!
قال سلطان يهدء روع نبيل: دواء للصداع فحسب
تنهد نبيل برتياح مخرجاً دواء الصداع ثم سكب له الماء وقدم له الكأس.
بلع سلطان الدواء ثم ضرب مسند الكرسي بقبضته الاخرى بغضب.
سلطان:ذلك الثمل سيرفع قضية على عائلته!
تحنحن نبيل بتوتر قائلا:سيدي،السيد سيف لا يقدم على شيئ امره مجرد شك
سلطان رفع حاجبه بغضب:وما يخيفني هو ذلك!!
فلو ان اعتقاده صحيح فهي مصيبة على رأسي نبيل!
نظر نبيل بقلق متبادل نحو سلطان،ثم نظر نحو الباب الذي خرج من سيف بتوجس واضح مما قد يفعله.
~~~~
اتكأ ظهر خالد على الباب قائلاً:مجازفة ان ترفع قضية ضد عائلتك سيف..
استقام خالد مجدداً واقترب من مكتب سيف القاعد مكانه واردف:ناهيكَ عن انه بالفعل تم التفتيش بشأن هذه القضية ولم يجدوا دليلاً
ارخى سيف يده عن الاوراق للقضية ورمق خالد:تخبرني بما اعرفه خالد
اتصلت بك ليس لهذا
همهم خالد بتفكير:افهمك،استطيع تسخير بعض رجال الشرطة في القسم العام
سيف:اتعتقد اني اعجز عن فعل هذا؟؟؟
خالد:اذاً فأنت تريد خبرة ابي في اختيار محققين لهذه القضية صحيح؟
اومئ سيف بالايجاب ناهضاً،توجهت خطواته نحو النافذة مديراً ظهره لخالد راغباَ اتساع صدره بالهواء:والدك لديه معرفة شخصية بمعظم المحامين ورجال الشرطة الموثوقين،لا اريد تسخير رجال عشوائيين يخدموني بمهمة كهذه
خالد:اعتبر الامر منهياً اذاً..لك ذلك
سيف:خيراً تفعل..
فرك خالد ذقنه بأصبعه السبابة بشرود شديد مبتور الكلام،امتلئت اللحظة فقط بالصمت ما خلا افكارهم المشحونة
فرغم عمر الصداقة بينهما لكن كلاهما يعتبر الاخر لداً له في الذكاء والحنكة.
التف سيف ببطئ ثم رمق خالد بشك وريبة:اهناك سؤال بخاطرك؟قله ولا تواريه عني
خالد:همم
في الحقيقة،انت لم ترد على كلامي السابق
اتدرك معنى ان ترفع قضية على عائلتك؟
انت بين ان تخطئ
فتشويه سمعتك عند جدك سلطان فيعزلك من ورثته..
وبين ان تكون المحق على حساب كشف نفسك لعين القتلة…
تنهد سيف بكرب:
فالاول لا يهمني
والاخر لا يخيفني
بالفعل بنطاق نظرهم.
.وجهلي بهم لن يقويني ضدهم..
اضف انه ليس خلفي احد اخشى عليه إن مُت
ضحك خالد بدعابة مستفزة:تقول إذاً ان العزوبية مريحة لهذا الحد؟
ابتسم سيف وضرب كتف خالد عدة ضربات بمزاح: تستطيع قول هذا خالد
"صوت طرق باب متردد
سيف:ادخلي
دخلت الخادمة ديانا منكسة رأسها:سيدي،امك تطلبك في الحال
تنهد سيف بسأم:اخبريها اني مشغول،اذهب لأتفقد جامعة ابي اليوم،مضى شهر منذ وفاته ولم ازرها قط
اومئت دايانا بطاعة: امرك سيدي،سأبلغها.
بدا على وجه خالد التسلية دون ان يتكلم.
رفع سيف حاجبه بضجر:نعم؟مالذي يبهجك هكذا؟
خالد:تخاف مقابلتها كي لا تعاتبك على تهورك الواضح
قهقة سيف بسخرية: بالله عليك؟ كل ما في الامر ان لا طائل لي بالتحدث معها عن موضوع قد احتم قراره بالفعل.
رفع كتفيه كأشارة لعدم فهمه وتقبله:ان تتكلم مع والدتك لهو افضل من الذهاب لتلك الجامعة خاصة بأوضاع كهذه،منذ وفاة والدك واحوالها للجحيم
سيف:اذهب بنفسي،فتلك الجامعة كانت اعز ما لدى والدي بقلبه.
~~~~
قبلت سارة يدي والدتها بضعف ترتجف اوصالها:امي
لا تتركيني
فكل ما احاول التمسك به هو انتِ
فلو فكرتي بالرحيل،خذي روحي معكِ..خذيني معكِ
وضميني اليكِ
من انا ان رحلتي؟
ما تبقى انتِ من هويتي
لا اطلب غير هذا والله
اياكِ…
"استدمعت عيني سارة مستعصياً عليها نطق التكملة
ابتلعت ريقها بعسر تبلع الحسرة والحزن مردفة:اياكِ وتركي
"صوت الممرضة خلف الباب:انتهت مدة الزيارة آنستي
قبلت سارة جبهة وريم بحب مغادرةً الغرفة
استقبلها احمد وقد آلمه حالها:امكِ تتحسن...ومع مرور الوقت تستيقظ صغيرتي
اومئت سارة بالتصديق تعرقل اي افكار سوداوية
ابطنت في روحها اليأس والانهيار
مدركة انها على وشك التآكل
بداخلها اشياء تُنتهش..وافكار تتعارك
وصمتها ذاك،كسره احمد بوضعه يده فوق مقدمة فروة رأس يداعبه بين يديه بلطف:صغيرتي الجميلة
اذهبي للمحاضرة التالية، ستحين بعد نص ساعة
سارة:لم يعد لي رغبة بالذهاب الان
احمد:جلبت لكِ حقيبتكِ بالفعل،كما ان والدتكِ لو علمت لغضبت
ورؤية رفقتكِ افضل من البقاء بأجواء الكآبة التي تعيشينها طوال الوقت
تناولت سارة الحقيبة وذهبت،فتحت هاتفها اثناء سيرها ملاحظة تواجد رسائل
~~~~
"اهتز هاتف روان اثناء انشغالها بتناول قطعة كبيرة من الكعك،قالت بصوت غير مفهوم:انها رسالة من سارة
ريناد بشمأزاز واضح:اي قروية هذه التي تتكلم وثمها مليئ بالطعام
اشارت حنان اشارة عدم اهتمام بيدها ملوحة ضد ريناد:دعكِ منها روان،ما مضمون الرسالة؟
روان:ستأتي