مفارقة ضوء النجوم

مفارقة ضوء النجوم

تقييم 5 من 5.
1 المراجعات

الفصل الأول

الأفق اللي بيضيع:

image about مفارقة ضوء النجوم

أول مرة إلارا لاحظت النجوم بتتصرف بغرابة، افتكرت إن ده من كتر التعب بعد تلات سنين وهي على متن سفينة المسافر الجسور، اللي كلفتها الجمعية البحثية بين النجوم باكتشاف الحاجات الغريبة في أعماق الفضاء بقت نوبات الشغل الطويلة في غرفة المراقبة زي ليل ما بيخلصش. النجوم كانت بتنور وتطفي في أماكن مش مكانها، والتجمعات النجمية شكلها متغير بسيط، وأحيانًا—رغم إنها ما كانتش عايزة تعترف—كانت حاسة إن أجزاء كاملة من الفضاء بتبعد عن نظرها، زي ستارة بتتهز في ريح مش باينة.

“لسه قاعدة بتبصى في السما ؟” صوت جه من وراها بصوت مذبذب.

إلارا لفت، وابتسامة صغيرة طلعت على وشها. القائد كايلين كان واقف في الباب، والإضاءة المعدنية بتاعة الممر عاملة حواليه هالة. هدومه العسكرية كالعادة متظبطة على الآخر، بس عينيه السودة كانوا بيرقوا أول ما بيبص لها. هو متعود على الوحدة لدرجة إنه اتقنها، بس وجود إلارا دايمًا كان بيرجعه لاحساس افتقده من زمان.

قالت وهي بتدوس على الشاشة: “كنت فاكرة إنك نايم دلوقتي.” الخرائط النجمية الهولوغرافية قدامهم كانت بتتحرك، وإحداثياتها مش راكبة مع الحقيقة.

كايلين قرب منها خطوة، وبص على الخريطة. “مش وأنا شايف الملاحة بتاعتي متضايقة كده…. شايفة إيه؟”

سكتت شوية، وأصابعها بترسم خطوط وهمية بين النقط المنورة. “نجوم مش بتاعة المكان ده. أو يمكن… نجوم بتاعة حتة تانية.”

السكوت سيطر بينهم لحظة، ما كانش في صوت غير أزيز محركات السفينة. بعدين كايلين استند على اللوحة جنبها، قريب منها لدرجة إنها حست بدفا وجوده.

قال بهدوء: “إنتي سهرانة كتير. أول ما الواحد يبدأ يشك في خرائط الكون، يبقى عقله بيقول له: نام.”

إلارا كانت هتوافق، كانت هتبرر اللي شافته إنه مجرد إرهاق. بس فجأة، من خلال الزجاج الأمامي، نجم اتحرك. ما كانش بيترعش، ما كانش بينطفي وينور—لأ، اتحرك، منزلق قدام خلفية السما الكونية زي نقطة نور بتتشد بخيط خفي.

شهقت. “شُفت ده؟”

وش كايلين اتشد. “آه.”

تاني يوم الصبح، العلماء في السفينة اتقلبوا. تقارير داخلة من كل ناحية: أخطاء في الملاحة، أجهزة استشعار بتطلع نتايج غريبة، الساعات مش ماشية مع بعض. الزمن نفسه بقى بايظ، ثواني بتطول أو بتقصر فجأة. في ناس من الطاقم قالوا دي شقوق في الأبعاد، وناس تانية قالت تخريب. إنما إلارا فضلت ساكتة، مركزة، بتسمع، وعقلها شغال أسرع من المحركات تحت رجليها.

بعد الاجتماع الطارئ، كايلين لحقها في الممر. “إنتي أول واحدة لاحظتي. إيه رأيك بيحصل؟”

بصت حواليها قبل ما ترد، بصوت واطي: “حاسه إننا بننزلق. مش في الفضا، لا… بين فضاءات. كأن السفينة مش في مكانها الطبيعي.”

كايلين ركز فيها، عينه ضاقت فضول وثقة. “يبقى لازم نرسم خط سير اللي ماشيين فيه. ونعرف إزاي نرجع الكل.”

الطريقة اللي قال بيها كلمة إحنا طمنت قلبها. وسط الفوضى دي كلها، حسّت بيقين هادي: هي وهو هيواجهوا ده مع بعض.

الليل ده، إلارا رجعت غرفة المراقبة، مش قادرة تمنع نفسها من جذب الأفق الغريب. قعدت قدام الزجاج، عينها بترسم التجمعات النجمية اللي بتتحرك، وفجأة وميض قطع نظرها. للحظة، شافت سفينة تانية—نسخة من بتاعتهم—طايرة زي شبح وسط ضوء النجوم المتكسر. وبعدين اختفت.

“إلارا.”

لفت. كايلين كان واقف تاني، ساكت وثابت. بص لها وكأنه هو كمان شاف.

قال: “اللي بيحصل، إحنا مش لوحدنا فيه.”

إلارا هزت راسها، وقلبها بيرقص بين خوف واندهاش. كانت دايمًا فاكرة إن الحب مرساة، بيربط الناس بمواني آمنة. بس مع انحناء النجوم ولخبطة الزمن، بدأت تفهم إن الحب كمان ممكن يبقى بوصلة—قوة بتوجههم في المجهول.

الأفق وميض تاني، وكأنه بيناديهم يقربوا. ومع بعض، خطوا ناحيته، مستعدين للغز أكبر من أي حاجة اتخيلوا يومًا…..

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

0

مقالات مشابة
-