
🌸 “حين همس الحب بين المطر”....... الفصل الأول
🌸 “حين همس الحب بين المطر”

🔹 نبذة مختصرة:
رواية رومانسية من خمسة فصول عن القدر، الانتظار، واللقاء الذي غيّر كل شيء. في مدينة صغيرة تزينها أمطار الخريف، تلتقي "ليلى" الفتاة الحالمة التي تهرب من وجع الماضي بـ"آدم" الرسام الغامض الذي فقد شغفه بالحياة. لم يكن اللقاء صدفة، بل كان بداية رحلة مليئة بالمشاعر والاختبارات والقرارات الصعبة. قصة عن الحب الذي يولد من الألم، ويكبر بالحنين، ويزدهر رغم المسافات والظروف.
خمس فصول تأخذ القارئ في رحلة بين الحاضر والماضي، بين القلب والعقل، بين الوداع واللقاء.
---
🌧️ الفصل الأول: بين المطر والصدفة
كانت السماء رمادية في مساءٍ بارد من تشرين الأول، والمطر يهطل بخفة كما لو كان يبكي بصمت.
في أحد شوارع الإسكندرية القديمة، كانت ليلى تسير بخطوات سريعة، تحمل مظلتها الصغيرة وتحاول الهروب من قطرات المطر التي كانت تتسلل رغم كل محاولاتها للاختباء.
كانت قد أنهت للتو مقابلة عمل فاشلة، وتمنت لو أن الأرض تبتلعها من شدة الإحباط.
منذ عامين تركت بلدتها الصغيرة بعد وفاة والدتها، باحثة عن بداية جديدة، لكن المدينة الكبيرة لم تكن رحيمة كما حلمت.
دخلت إلى مقهى صغير يطل على البحر، دافئ الإضاءة تفوح منه رائحة البن والفانيليا. جلست قرب النافذة، تحاول تهدئة قلبها، ولمحت في الزاوية المقابلة رجلاً يرسم بهدوء.
وجهه مائل قليلاً نحو الورقة، وعيناه غارقتان في التركيز. لم تنتبه في البداية، لكن شيئًا ما فيه شدّها... ربما ذلك الحزن الهادئ في ملامحه، أو السكينة الغريبة التي تحيط به وسط صخب المطر.
بعد دقائق، اقترب منها النادل يحمل كوبًا من القهوة الساخنة.
قال مبتسمًا:
> “من الأستاذ آدم... يقول إن الأمطار تحتاج إلى قهوة أكثر دفئًا.”
نظرت نحوه بدهشة، فرأته يرفع رأسه بابتسامة خفيفة، ثم عاد إلى الرسم.
ترددت قليلًا، ثم رفعت الكوب تحيةً له، دون أن تفهم سبب هذا الاهتمام الغامض.
مرت الدقائق ببطء، وشيء بداخلها كان يدفعها إلى النظر نحوه كل حين.
كان آدم رسامًا معروفًا في الأحياء القديمة، يملك معرضًا صغيرًا يزوره الفنانون والغرباء على حد سواء. لكنه منذ حادثة فقد فيها أخاه الأصغر، توقف عن الرسم لعامٍ كامل، ولم يعد يرسم إلا وجوه المارة، كأنه يبحث عن معنى جديد للحياة بينهم.
عندما قرر الرحيل عن المقهى، اقترب منها وقال بهدوء:
> “المطر يجعلنا أكثر صدقًا... ربما لأننا نختبئ تحته من العالم.”
لم تدرِ بماذا ترد، لكنها ابتسمت، وشعرت وكأنها تعرفه منذ زمن بعيد.
ترك على الطاولة ورقة مطوية.
فتحتها بعد خروجه... كانت صورة وجهها مرسومة بالفحم، بتفاصيل دقيقة وكأنّه قرأ ملامحها كما تُقرأ رواية قديمة.
تحت الصورة كتب بخط صغير:
> “اللقاء الأول دائمًا صدفة... لكن الصدف لا تتكرر عبثًا.”
لم تنم تلك الليلة. كانت تفكر في الرسم، في كلماته، وفي تلك النظرة التي اخترقت قلبها.
---
في اليوم التالي، قررت أن تعود إلى المقهى.
لم تجده هناك، لكن النادل قال لها إن اسمه آدم، وإنه يملك معرضًا قريبًا في شارع البحر.
ترددت، لكنها في النهاية ذهبت.
كان المعرض بسيطًا، جدرانه تزينها لوحات لأشخاص مجهولين، لكنها كانت مليئة بالحياة والقصص.
وقفت أمام لوحة لامرأة تمسك بمظلة، تشبهها كثيرًا، وتحتها عبارة:
> “حين يلتقي الغريب بعينيه المألوفتين، يبدأ القدر بالكتابة.”
شعرت بقشعريرة. وكأن اللوحة تناديها.
ظهر خلفها صوته الدافئ:
> “جميلة، أليست كذلك؟”
استدارت ببطء، فوجدته يقف قريبًا جدًا، يحمل بين يديه كوبًا من القهوة.
قال مبتسمًا:
> “عرفت أنك ستأتين.”
ضحكت بخجل، وسألته:
> “كيف عرفت؟”
أجاب:
> “لأن المطر لا يجلب سوى أولئك الذين يبحثون عن دفء يشبههم.”
جلسا طويلًا يتحدثان عن الرسم، والأحلام، والمطر.
كانت تلك البداية التي لم تعلم ليلى أنها ستغيّر حياتها.
أما هو، فكان يشعر بشيء لم يعرفه منذ زمن... شعور بأن الحياة ربما ما زالت قادرة على منحه فرصة أخرى.
---
في تلك الليلة، كانت المدينة تغفو على وقع المطر، وكان قلبان يستيقظان ببطء.
هي وجدت في نظرته الأمان،
وهو وجد في حضورها الضوء الذي أضاعه منذ زمن.
لكن القدر، كما هو دائمًا، لم يكن يعدّ لهما طريقًا سهلاً…
فما بدا كصدفة جميلة، كان في الحقيقة بداية قصة لم تكتمل بعد…….
✨ نهاية الفصل الأول — يتبع في الجزء الثانى „„„„