زفاف فى القبر

زفاف فى القبر

0 المراجعات

زفاف في القبر

image about زفاف فى القبر

من بين مشاهد القبور، ورفات الموتى .. تعالت الزغاريد وأضئت الأنوار .. معلنة زفاف (( شربات )) على ابن عمها (( محمد )) 

لتنضم إلى نساء القبور اللاتى يعمل أزواجهن في دفن الموتى .. رائحة الموت

 تملأ صدورهن يزين وجوههن الغبار ، ويتكحلن بالحزن .. لا يعرفن الابتسام

 وبين رهبة الموت والتعود تزوجن وأقمن الأفراح وأنجبن البنين والبنات .

حياة قاسية

image about زفاف فى القبر

كانت (( شربات )) في السادسة عشرة بدت عليها علمات الهزال والضعف والإرهاق 

 وجهها ينم عن معيشة صعبة لا تتحملها النساء وإن دل فهو يدل على أنها كانت تحيا حياة قاسية 

في بلدتها الصغيرة جنوب الصعيد والتي كانت تحلم بمغادرتها في أسرع وقت 

عندما طلب ابن عمها (( محمد )) الارتباط بها ظنت أن سنوات الشقاء انقضت وأن السعادة في انتظارها .

حضرت هع أهلها لإتمام حفل زفاف في إحدى الجبانات وكانت ليلة العمر في مقبرة فارغة

 لتتبدل مشاعرها من السعادة إلى الفزع والرعب .. لم يغمض لها جفن 

من كثرة ترقب المصير المجهول الذي ينتظرها أصوات نباح الكلاب وعواء الذئاب

 وصفير الهواء لم يتركوا فرصة للنوم يداعب جفونها التي ظلت تحدق بها في جدران القبر الذي زفت إليه .

فكرت في العودة إلى أهلها ولكن أهل الصعيد لم يرحموا عروس تترك قبر الزوجية في أول ليلة دون أن يظنوا فيها الظنون .

ظهور الاشباح 

image about زفاف فى القبر

تحاملت على نفسها ، والرعب يملأ قلبها كلما خرج زوجها 

وتركها كانت تنظر يميناً ويساراً تترقب ظهور الاشباح

 التي كانت تظهر من شدة الخوف احياناً وتختفى احياناً اخري 

 حتى تعودت واستطاعت النوم في القبر بمفردها فليس امامها خيار آخر.

مر عام على زواجها وانضمامها لفريق العمل من النساء اللاتي يعشن حياة شاقة 

فالنهار لمساعدة الأزواج في دفن الموتى وسماع صرخات المكلومين والليل للترقب والانتظار .

أمل جديد

image about زفاف فى القبر

اصبح حملها وانتظارها لمولودها الأول امل جديد في الحياة 

وبعد ان تمت الولادة على يد إحدى الدايات المتخصصات في توليد نساء المقابر 

 فاجأها نزيف حاد .. لم ينقذها منه سوي ستر الله والوصفات الشعبية  التي لا يعرف سكان القبور غيرها .

قررت (( شربات )) أن تكون تسليتها الوحيدة في ظلمة قبرها إنجاب الأبناء 

فهم نعم المعين على الوحدة والوحشة .. والسند لأبيهم في أعمال الحفر والدفن 

 وجلب لقمة العيش .. عشرة سنوات بعشر أبناء ذكور وأربعة إناث كثرة الحمل والولادة 

زادت من هزالها وضعفها .. حتى صارت كالأشباح التي كانت تخافها 

تنتظر أن ينام الجميع لتنطلق بين مشاهد القبور تملأ صدرها بالهواء 

باحثة عن أمل في الشفاء من المرض الذي كان يأكل جسدها

تفكر في سنوات عمرها التي ضاعت بين الفقر والخوف وإنجاب الأبناء 

ورائحة الموت التي لم يعد يملأ صدرها سواها والعمل مع مثيلاتها من نساء القبور .

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

6

متابعين

20

متابعهم

35

مقالات مشابة