
جدتي وجن البئر
جدتي وجن البئر
أنا طول عمري بخاف من جدتي، أيوه، البعض منكم ممكن يشوفها جملة غريبة شوية بس.. ده اللي بيحصل!
جدتي.. بتعمل تصرفات غريبة، من ساعة ما جدي توفى وهي مش طبيعية، فاكر لما كنا بنروحلها البلد، و.. أشوفها وهي دايما باصلنا وبتبتسم، ابتسامة باردة مخيفة، مبتتكلمش، هي اصلا كلامها بقى قليل جدا، باصلنا وبتبتسم بس! بس ياريتها تيجي لحد كده، أنا فاكر في يوم صحيت بليل، البيت كان عاتمة، ماعدا اللمبة السهاري اللي في الطرقة واللي عن طريقها شوفت جدتي.
شوفتها واقفة قدام باب الأوضة، بتبصلي أنا واخواتي واحنا نايمين، بتبر_ق، و.. وشكلها مخيف جدًا، فضلت واقفة كتير، في العادة كانت بتفضل ثواني وبتمشي، بس في مرة طولت، طولت و.. للحظة حسيت إنها بتقرب ناحيتها لحد..
- في حاجة يا ماما؟!
ده كان صوت أمي، اللي كانت دايما تنده لجدتي اللي هي والدة بابا أساسا بماما، كنوع من المعزة، سألتها السؤال ده لما عدت وشافتها بالصدفة قدام الباب، الغريب إن جدتي متوترتش، متهزتش، قالت بكل برود..
- لأ يا حبيبتي، أنا كنت بطمن على الولاد بس.
وابتمست وسابتها، ساعتها شوفت علامات الشك على وش ماما، ماما مش مصدقاها، وحاسة إن فيه حاجة غلط، وبعدها بيوم تقريبا سمعت مشادة بين ماما وبابا، بابا كان بيقول..
- يعني ايه يا سعاد مش فاهم؟! قصدك إن أمي مجنو_نة؟!
ماما فضلت تبرر كلامها، وتقول إنها مش عارفة بس حاسة إن فيه حاجة مش طبيعية، وكانت مصممة إننا نرجع البيت، وفعلًا، رجعنا البيت، طبعا ماما وبابا فضلوا متخاصمين كام يوم بس.. نسيوا والموضوع عدى، لحد.. ما في يوم بابا قال..
- أمي تعبانة جدا ومبقتش حمل إنها تعيش لوحدها، أنا هجيبها تعيش معانا.
وكانت الصد_مة لينا كلنا، ماما مقدرتش تمنعه، هتقوله ايه يعني؟! سيبها تمو_ت مش عايزنها تعيش معانا! مستحيل، وفعلا جدتي جت تعيش معانا، كانت زي ما هي، هادية، ساكتة، ونادرًا لما كانت بتتكلم، بس.. هتصدقوني لو قولتلكم إني من ساعة ما جت عاشت معانا وأنا بقفل باب الأوضة بالمفتاح قبل ما أنام، هو كان اقتراح ماما، قالته ليا ولاخواتي الصغيرين وقالتلنا منقولش لبابا، مع إن مسيره هيعرف يعني، ساعاتها بقى نبقى ندور على حجة.
بس.. أنا مش عارف ده حقيقي ولا من تأثير الخو_ف بس أكاد أجزم لكم إن أنا بسمع جدتي بتخبط على باب أوضتي بليل، بتنادي باسمي، بس.. مش دي المشكلة الوحيدة، المشكلة إني بسمع صوتها بيتحول.. بيتحول لصوت راجل!
- افتح.. افتح يا عمار يا حبيبي.
ساعتها قلبي بينبض بسرعة رهيبة، بتر_عب، ازاي الصوت ده طالع منها، أنا خايف، اقول لمين عل الكلام ده، بابا؟! أكيد مش هيصدقني، هيقول عليا بكذب وهيتخانق معايا زي ما عمل مع ماما، الموضوع بيتطور، مرة خبط، مرة زعيق، ساعات.. ساعات بشوف خيالها، كإنها.. بتوطي وبتحاول تبص عليا من تحت عقب الباب! هو ايه ده، أنا مش قادر افهم!
لحد اليوم اللي كنا رايحين فيه لجدتي والدة أمي، كانت تعبانة شوية وكنا رايحين نزورها أنا وأمي واخواتي، المفروض بابا كان جي معانا بس قال هيخليه مع جدتي عشان لو تعبت أو عازت حاجة، وفعلا في الليلة دي كان التعب باين عليها بدرجة غريبة، ملامحها مجعدة بشكل مريب، شعرها منعكش بطريقة مبالغ فيها وشكلها ميسرش أبدًا، واحنا عند جدتي ماما جالها مكالمة، بصت فيها واستغربت قبل ما ترد وتفتح الاسبيكر..
- ألو!
= مدام أستاذ فريد معايا؟!
- أيوه مين؟!
= أنا فاروق، جار ام فريد في البلد.
افتكرناه أنا وماما وبصينا لبعض، ده عم فاروق، جار جدتي من زمان، اتنهد وقال..
- اسف إني اتصلت بحضرتك بس أنا بكلم استاذ فريد من بدري ومش بيرد عليا.
ماما سألته خير فقالها..
- هي مش الحجة أم فريد سافرت معاكم من فترة؟! هي رجعت تاني و قعدت لوحدها؟!
ماما جاوبت إجابة رمادية وهي بتقول..
- هي جت قعدت معانا فعلا.. بس ليه؟!
سكت عم فاروق شوية، وبعدين قال..
- يبقى شكلكم زعلتوها وجت قعدت لوحدها، قولنا يا جماعة من ساعة وفاة الحج وهي حالتها مش كويسة، هي اصلا كانت نفسيتها تعبانة من قبلها من ساعة موضوع البير..
ايوه، موضوع البير ده حصل قبل وفاة جدي بحاجة بسيطة، لما جدتي شافوها وهي بتقع في البير، مسافة البير عالية، أكيد.. ما_تت، بس سمعوا صوت من جوا البير، بتعيط وتبكي.. " الحقوني! "، وفعلًا، شاب من شباب البلد نزل، وبمجرد ما قرب من قاع البير، ملحقش حتى يشوف حاجة، مسكت ايده فشالها وطلع بيها، ومن ساعتها وهي حالتها النفسية مش طبيعية زي ما حكيت.
ماما قالت لعم فاروق..
- فيه ايه ياعم فاروق قلقتني!
اتنهد وقال..
- لا حول ولا قوة الا بالله عيل صغير وقع في البير، ولما نزلنا نجيبه.. الله
يرحمه طبعا مستحملش الوقعة، لقينا.. لقينا جث_ة الحجة تحت..
ايه! ازاي؟!
- ج_ثة متحللة، كإنها مي_تة بقالها فترة، عرفناها من العباية بتاعتها، فقولنا نبلغكم عشان..
أمي بصتلي، شوفت في عينيها نفس السؤال، لما جث_ة جدتي في البير، امال مين اللي.. مع بابا في البيت!
ساعتها ماما قامت من مكانها، جريت ناحية المطبخ بتاع جدتي بسرعة بدون تفكير قبل ما تتجه ناحية الباب وهي بتحاول تتصل ببابا، اللي مبيردش! جريت وراها، مش هسيبها لوحدها، سيبنا اخواتي الصغيرين مع جدتي واتحركنا ع البيت، شايف الخو_ف والر_عب في عيون ماما، خايفة على با_با، بترن عليه، رد.. رد! مفيش، وصلنا العمارة، ماما عمالة تدعي، في دماغها حاجة أنا مش فاهمها، طلعنا السلالم جري، وصلنا عند باب الشقة، ماما بترزع على الباب، مفيش حد بيرد، بابا مش بيرد!
ماما طلعت المفاتيح، ايديها بتترعش، " فين.. فين!"، وصلت للمفتاح، فتحت باب الشقة بسرعة، عشان.. نشوف مشهد مر_عب، البلكونة مفتوحة، جدتي أو.. اللي كنت فاكرها جدتي واقفة جنب السور، بتهمس بكلام لبابا، اللي واقف على السور، وعامل زي المتخدرين.. ساعتها ماما صر_خت..
- فريد!
بابا لف راسه و بص ناحيتنا، حرك رأسه كإنه مستغربنا، أو.. مش عارفنا، ساعتها افتكرت مو_تة جدي، اللي نط من فوق سطح البيت، قالوا وقع وهو بيعمل حاجة فوق السطح بس.. شكل الموضوع مكنش كده! بابا كإنه متخدر، الست الغريبة واقفة جنبه ومبتسمة، ماما بتقرب منهم وهي حاضنة شنطتها، الست قالت بصوت رجولي..
- ابعدي!
ماما بصتلها وهي بتدمع، كانت عمالة تقرب وهي بتقول..
- أرجوكي متعمليش كده، هو أذا_كي في ايه!
ضحكت، ضحكة تتخللها حشرجة وصوت غريب، قالت..
- وجودكم، كلكم، بيأ_ذيني.
ماما بقت على بعد خطوات منها..
- انتي عايزه مننا ايه؟! مش كفاية اللي ياما وقعوا بسببك في البير؟!
ضحكت تاني..
- عايزاكم تمو_توا، كلكم، مش كفاية لأ.
ماما بقت قدامها بالظبط..
- عايزه أشوفكم كلكم وانتوا بتعانوا و..
ملحقتش تكملها، لإني لقيتها حاطة ايديها قريب من قلبها وبتتأ_لم، مكان ال.. سكي_نة المصدية اللي ماما طلعتها من شنطتها و ط_عنتها بيها، في قلبها، عشان تقرب من ماما، تمسك في ر_قبتها، ماما بتصر_خ، بتتأ_لم، ب.. تت_خنق! أعمل ايه؟! جريت ناحيتها بس.. فجأة ايد الست بعدت عنها، مسكت السك_ينة اللي في صدرها قبل ما يطلع منها كمية صر_خات وأصوات مر_عبة، ملامحها عمالة تتغير قبل.. ما تقع على الأرض، وتقطع النفس.
ساعتها بابا كإنه فاق، جري عليها وهو بيقول..
- أمي!
بس بعد بسرعة، لما شاف وش بش_ع، عجوز، مجعد، مناخير طويلة جدا، ملامح لا تمت للبشر بصلة! ماما قالت بعد ما أعصابها سابت وقعدت على الأرض وهي بتحاول تاخد نفسها..
- دي مش أ_مك، أ_مك ما_تت في اللحظة اللي وقعت فيها يومها في البير.
بابا بص للست بدهشة وهو بيقول ..
- معقول دي تبقى!
ماما هزت راسها وبدأت تحكيلي، عن حكاية كانوا بيخوفوهم بيها وهم صغيرين، بيقولوا إن البير ده وكتير زيه مهجورين بيبقى فيهم نوع من الجن، بيهمس للبشر، يفقدهم السيطرة على نفسهم، ويخليهم يرموا نفسهم في البير، وهي طلعت، على هيئة جدتي، وبدأت تعمل ده بره كمان، وأمي سمعت كمان وهي صغيرة إن الطريقة الوحيدة عشان تقت_ل الشيء ده هو طعن_ه بحديد صافي، زي اللي كان بيتصنع منه السكا_كين بتاعة زمان، زي اللي جابتها من مطبخ جدتي، واللي مبقاش موجود منها دلوقتي.
لحد دلوقتي مش قادر أتخطى الموضوع، ولا قادر اتخيل اللي كان هيحصل في بابا واحنا بعده، بس.. نصيحة، من ناس كتير قابلتها، لو جنبك بئر وسمعت منه صوت همس، عياط، استنجاد، ابعد عنه، متحاولش تساعد، عشان غالبا الصوت ده مش صوت بني آدم، ولو عندك بئر زي ده قريب منك ياريت.. تردمه، اقفله، عشان لو متقفلش، الله أعلم الشيء اللي جواه ممكن.. يعمل ايه، ربنا يسترها علينا جميعا.
منقول من مصدر آخر
#جدتي_عفريت_البير
#كاتب_مجهول
#غير_مألوف