
وشوش الحاره المعتادة
رواية: وشوش الحاره
في حارة قديمة من حواري القاهرة، الحارة اللي البيوت فيها لازقة في بعض والسطوح شايلة غسيل الجيران، واللي يعرف فيها الكبير والصغير، كان عايش "سيد" ابن المعلم شوقي بتاع القهوة.
سيد كان شاب طيب، لكن دماغه مليانة أحلام أكبر من الحارة نفسها. دايمًا يقول:
"أنا مش هافضل واقف على باب القهوة طول عمري. اللي يعيش على قد لحافه عمره ما هيتغطى".
ابوه المعلم شوقي كان دايمًا يرد عليه بالمثل:
"يا ابني، اللي نط على الحبل من غير ما يشوف آخره، لازم يتعور".
لكن سيد دماغه ناشفة، ما كانش راضي يسمع.
---
بداية الحكاية
في يوم من الأيام جه على القهوة راجل غريب، لابس بدلة شيك وريحة برفان ماليه المكان. قعد وطلب شاي.
الناس كلها فضلت تبص عليه، أصل "الغريب كُحل للعين"، زي ما بيقولوا.
الراجل ده اسمه "رشدي"، تاجر كبير في العتبة. قعد يتكلم مع سيد، ولما عرف إنه نفسه يفتح مشروع، قاله:
"بص يا ابني، الدنيا دي محتاجة جُرأة. اللي ما يخافش من النار، ياكل المشوي".
الكلام دخل قلب سيد زي السهم. حس إن الفرصة قدامه.
---
الحلم الكبير
رجع سيد بالليل قعد مع أمه "أم سيد" يحكيلها:
– "يا أمه، أنا لقيت فرصتي. هاشتغل مع تاجر كبير وهيعلمني البزنس".
ردت عليه بحنية وهي تقلب في الطبيخ:
– "يا ابني، خد بالك، اللي ما يعرفش يقول عدس. ما تصدقش كل اللي يضحكلك".
بس سيد كان واخد قرار. زي ما بيقولوا: "العين بصيرة والإيد قصيرة"، ومش عايز يفضل طول عمره شايل صواني الشاي.
---
أول خطوة
بدأ سيد يروح مع رشدي السوق. اتعلم إزاي يشتري ويبيع، إزاي يتكلم مع الزباين، وإزاي يمسك الدفتر.
شوية شوية، بدأ يحلم يفتح محل لوحده.
رشدي في يوم قاله:
"بص يا سيد، أنا عندي فكرة. هاسيبلك بضاعة بالقسط، وأنت تبيع وتكسب. اللي يلاقي مركب سايب يركب فيه".
سيد فرح، وحس إن الدنيا فتحت له حضنها.
---
الخدعة
فتح سيد محل صغير في الحارة. الناس كلها فرحتله وقالوا:
"ابن الحارة كبر وبقى صاحب مشروع".
لكن بعد شهرين، اكتشف إن البضاعة اللي رشدي ادهاله مضروبة، والناس رجعت تشتكي.
واحد قال: "اللي يغلبك العب بيه". والتاني قال: "ما يقع إلا الشاطر".
سيد لقى نفسه غرقان في ديون، ورشدي اختفى.
---
الضربة
ابوه المعلم شوقي قعد معاه وقاله:
"شفت يا ابني؟ أنا قلتلك اللي يمد رجليه أكتر من لحافه يبرد".
سيد دمعت عينه وقال:
"يا بوي، أنا كنت فاكر إني هغير حياتي".
ابوه ربت على كتفه:
"اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي. اتعلم يا ابني وخلي الدنيا تعلمك".
---
الرجوع للبداية
سيد رجع القهوة يساعد أبوه. الناس كانت بتبص له بشفقة، لكنه كان ساكت.
واحد من أهل الحارة قال له:
"يا سيد، ما تزعلش. اللي يتلسع من حديدة يسخن عليها تاني".
وسيد ابتسم وقال:
"يمكن. بس المرة دي لازم أكون أذكى. زي ما بيقولوا: الضربة اللي ما تقتلكش، تقويك".
---
النهاية
بعد سنة، سيد قدر يلم نفسه من تاني. بدأ يوفر قرش على قرش من القهوة.
وفي الآخر، فتح محل صغير، لكن ب مجهوده هو، من غير ما يستلف ولا يركن على حد.
وبقى يقول لكل واحد يقابله:
"يا جماعة، الدنيا دي مدرسة، واللي ما يتعلمش من غلطه يفضل يعيد السنة. واللي يصبر ينول، و"الصبر مفتاح الفرج".
الحارة كلها فرحت بيه، وبقى مثل: "سيد ابن المعلم شوقي، اللي وقع و اتعلم، وقام على رجليه تاني".